إنقاذ 10 آلاف عامل. انتشال 10 آلاف أسرة. حماية كيان اقتصادى من الإغلاق. هذا هو الدعم الحقيقى. قدمته الحكومة البريطانية للشركة المالكة سلسلة السوبر ماركت الشهيرة تيسكو.
ليس دعما موهوما ولا مزعوما على طريقتنا. أو مسربا للقادرين ولمن لا يستحقون. الشركة البريطانية تعرضت لأزمة اقتصادية، وعثرة مالية. درست الحكومة أوضاعها. قارنت بين نتائج وتبعات إغلاقها. وبين فوائد استمرارها. وجدت الحكومة أن تكلفة إغلاقها تعنى تسريح 10 آلاف عامل. انضمامهم إلى صفوف البطالة. تعرض أسر هؤلاء لمحنة. دفع إعانات بطالة لكل هؤلاء بشكل شهرى. تأكدت أن دعم الشركة للاستمرار أقل تكلفة من إغلاق أبوابها. نظرة علمية. نظرة عملية. نظرة اقتصادية.
هذه ليست سُنة إنجليزية. هى نظرية اقتصادية. الحكومة الأمريكية سبقت إلى ذلك. وقفت إلى جانب 4 مؤسسات اقتصادية عملاقة. واجهت عثرات. مثل جنرال إلكتريك. فورد. كرايسلر. جنرال موتورز. نتائج ستكون كارثية إذا تم إغلاق شركات بهذا الحجم. قدمت لها الحكومة الأمريكية الدعم عن طيب خاطر. ساندتها حتى استعادت هذه الشركات عافيتها مرة أخرى. مكاسب هائلة حققتها الحكومة الأمريكية بعد تجاوز هذه الشركات عثراتها. من بينها الضرائب التى تحصّلها من هذه الشركات ومن العاملين فيها فى آن واحد. وهى بالمليارات. رئيس شركة كرايسلر «أياكوكا» أقام احتفالا مهيبا بمناسبة رد قيمة الدعم الحكومى.
تجارب ومواقف يجب ألا تمر علينا مرور الكرام. الدروس المستفادة منها واضحة. لا تشفّى. لا انتقام من رجال أعمال. من أصحاب مصانع أو شركات منتجة. علاقة سويّة. تقوم على الشراكة. تقوم على الاحترام بين الطرفين. كل منهما يقدر الآخر، وبذلك يؤدى واجبه على النحو الأمثل. الجميع هنا مستفيد. المواطن. العامل. صاحب العمل. الدولة قبل كل هؤلاء. تحقق الكثير من المكاسب.
ثقافة لا تعرف شعار: واحد تانى وقع وخلصنا منه. الثقافة عندنا لا توافق على تقديم دعم لشركة واحدة متعثرة. مهما كان عدد العاملين فيها. بل تدفعنا إلى العكس تماما. للانقضاض عليها. وضع العثرات والعراقيل فى طريقها. نحاصر أصحابها ونلاحقهم أحيانا بسبب بلاغات كيدية أو أكاذيب لا دليل عليها. نغلقها بأنفسنا ونحن سعداء نهلل عندما تغلق شركة أبوابها.
لو أننا استعرنا الثقافة الإنجليزية فى التعامل مع رجل أعمال وطنى مثل أحمد بهجت. له بصمته فى الصناعة الإلكترونية.هو من فتح تعمير الصحراء قبل مئات الكومبوندات التى نشاهدها الأن. لحصدنا الكثير من الفوائد. لغيرنا مسار ومصير الاقتصاد الوطنى. لو منعنا أنفسنا من التشفى فى كل رجل أعمال تعرض لكبوة فى طريقه. لنجحنا فى تحقيق السلام الاجتماعى. لا أطالب بأن نساند أى رجل أعمال على طول الخط. لأن بعضهم وليس جميعهم لا يستحق سوى العقاب والتشهير.
ثقافة الإغلاق والتشفى عائق كبير أمامنا. لكنها ليست العائق الوحيد. هناك عائق أكبر وهو الدعم المكذوب. الحكومات عندنا تبيع الوهم للفقراء. تخدعهم من حيث تريد أن تدعمهم. يتسرب الدعم من بين أيديهم. يتبخر فى الهواء. ثم نتساءل: أين الدعم؟ لن يكون الدعم حقيقيا إلا إذا استخدمنا العقل والضمير فيه ولن يكون مجرد سد خانة.