x

مكاوي سعيد زيارة مفاجئة لـ«أنور وجدى» ٢/٢ مكاوي سعيد الأحد 17-07-2016 13:25


اختار صاحبنا- الكاتب الكبير فيما بعد، طالب كلية الحقوق حينذاك- التوقيت غير المناسب لزيارة النجم أنور وجدى لعرض مواهبه السينمائية عليه لعله يقتنع بها ويقدم له الفرصة. فقد زاره بعد زواجه من النجمة ليلى مراد بأشهر قليلة (فترة العسل الذهبية) ورأيناه يصفها بروبها المصنوع من القطيفة السماوى، وقد حبكته على جسمها وأحكمت حزامها حول الخصر، وقد قادها فضولها لرؤية الشخص الواقف عند الباب، الذي استلب منها حبيبها لمدة دقائق. ولنتابع الزيارة كما وصفها الكاتب (كانت قد جاءت مهرولة وعلى وجهها الفضول لتعرف من الذي أخذ منها زوجها وحبيبها في وقت كهذا؟! وإذ أحس بخطواتها، التفت إليها وقال مفسراً لها الموقف: بيحب التمثيل وعايز يمثل. قالها بلهجة حيادية لم أعرف منها إن كان يبارك هذا الحب أو يسخر منه.. وسرعان ما فسرت ملامحها الموقف.. فقد ارتسم على وجهها الاستغراب والاستنكار، لكنه استنكار مهذب نبيل يحمل معنى الصبر والاحتمال.. وظلت واقفة في انتظار هذا الموقف! الذي يعنى أن أترك لها رجلها وأمضى! امتلأت خجلاً وارتباكاً. أدركت أنى أخطأت تقدير اللحظة.. وأضعت حلمى بحماقتى.. والآن كيف أتصرف؟! وإذا به وقد أدرك تعاستى وورطتى يخاطبنى بحماس، وقد عاودته ابتسامته الساحرة: شوف يا عزيزى، ما دمت بتحب التمثيل للدرجة دى، أنا حأقولك تعمل إيه. عارف قاسم وجدى الريجيسير؟ قلت بحماس: طبعا عارفه. باقرأ اسمه كتير في الأفلام. أكمل بمحبة: عظيم.. تروحله مكتبه في شارع جلال.. خمسة مساء كل يوم بيبقى موجود.. تقابله وتقوله إنك جاى من طرفى.. وهو حيشوف المناسب ليك إيه وحيعمله.. حلو كده؟! مددت له يدى شاكراً وقلت وأنا أهز كفه بمحبة: أنا شاكر جداً.. وآسف على الإزعاج.. سلام عليكم.

وحانت منى نظرة باسمة ومعتذرة لمطربة شبابى.. آملاً منها في ابتسامة كالتى تشع منها على الشاشة.. غير أن نظرتها كانت سارحة.. أو بالدقة في انتظار أن أرحل.. ولم أعاتبها في نفسى.. ورفعت يدى محيياً.. وسمعت الباب يغلق خلفى.. وتخيلتهما وقد أصبحا وحدهما.. آه لو أمتلك عش غرام مثل هذا أختبئ فيه أنا وحبيبتى لعدة أعوام).

استمع كاتبنا لنصيحة أنور وجدى وداخ السبع دوخات حتى تمكن من لقاء الريجسير قاسم وجدى، ووجده على النقيض تماماً من النجم أنور وجدى.. (فظ الملامح، مكفهر الوجه، يتحدث مع الناس على عجل ودون أن ينظر إليهم) وتحير صاحبنا: هل هذا الرجل يحب عمله أم يكرهه؟! وقرر ألا يتحدث معه في أي شىء، ولا يستغل وساطة النجم، فنهض واقفاً وسار مبتعداً، ضارباً عرض الحائط بهذا العالم.. عالم التمثيل إلى الأبد! خاصة أنه في المرات الثلاث التي ذهب فيها إلى مكتبه سعياً لمقابلته، وجده عالماً شديد القبح والبؤس والشناعة، فمن قابلهم هناك هم مجاميع الكومبارس على اختلاف أشكالهم، ونوعياتهم، وظروفهم، ثلاث أمسيات رأى فيها الضائعين والضائعات، الصيادين والصيادات، المهربين، تجار المخدرات، الشمامين.

كاتبنا هذا الذي روينا عنه هو الكاتب الكبير الراحل «عبدالله الطوخى» ومن أشهر أعماله الإبداعية «رباعية النهر» وسيرة حياته «عينان على الطريق» التي عرضنا منها مقابلته مع النجم أنور وجدى، التي نستشف منها كيف كان يعامل النجوم القدامى المعجبين والراغبين في التمثيل، فها هو نجم عظيم في الأشهر الأولى من زواجه لا يغلق الباب في وجه معجب ويتحدث معه ويدله على الطريق! والكاتب عبدالله الطوخى رغم أن رغبته في التمثيل قد تم وأدها في مهدها، إلا أنها ظلت في جيناته وورثتها عنه ابنته الممثلة المتميزة «صفاء الطوخى» التي تألقت بها.

تنويه:

ذكرنا في المقال السابق أن أنور وجدى تزوج من ليلى مراد أثناء فيلم «قلبى دليلى»، وهذا خطأ نبهنى إليه القارئ الموسوعى «د. محمد أبورية» فشكراً له. والصحيح أنهما تزوجا أثناء فيلم «ليلى بنت الفقراء» عام ١٩٤٥ ومشهد الزفاف في الفيلم هو مشهد حقيقى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية