x

مكاوي سعيد شكسبيرة الزمالك (3) مكاوي سعيد الإثنين 11-07-2016 20:32


بدأت زينب صدقى التمثيل فى عام 1917، واعتبرت هاوية إلى حد ما حتى نالت فى عام 1926 الجائزة الأولى فى التمثيل الدرامى بتفوق فى مسابقة أقامتها لجنة تشجيع التمثيل والغناء المسرحى، وتفوقت فى المسرحيات الناطقة بالفصحى، ثم انطلقت وسط كوكبة من ملكات المسرح المتوجات فى بداية الازدهار المسرحى، وهن بلا جدال: منيرة المهدية وروز اليوسف وميليا ديان وفيكتوريا موسى وفاطمة رشدى وأمينة رزق ودولت أبيض وزوزو حمدى الحكيم وفردوس محمد وعقيلة راتب. وكانت المنافسات محتدمة بينهن، وكل زهرة منهن لها عبقها الفريد، إلى الدرجة التى كانت الممثلة منهن تخشى أن تؤدى دور غيرها إذا ما تغيبت، لأن كلاً منهن قد وضعت بصمتها على الدور وصعَّبت على الأخريات تقليدها.

لكن المنافسة الحقيقية كانت بينها وبين الرائدة فاطمة رشدى التى كانت لها جماهيرية طاغية بدأت تفقدها لأنها كانت أكثرهن تقلباً مع الفن، كثيراً ما تسرع إليه، وتحتضن أعماله، وتقدم على خشبته الروائع، لكنها فجأة ولسنوات تختفى عنه، ثم تظهر فجأة، وتعود لتجد المنافسات، ومنهن كانت زينب صدقى التى أقلقت مضجعها، لجمالها الطاغى وموهبتها الفذة. وكانت زينب صدقى تعانى أيضاً جراء المنافسة بينها وبين زميلاتها الأخريات، وتتورط فى كثير من المقالب التى تدبر منهن، ولكنها كانت لا تعير هذه المقالب التفاتاً. لكن بالنسبة للصراع مع فاطمة رشدى كان الأمر مختلفاً، فقد كانتا تعملان معاً فى فرقة رمسيس المسرحية، وصاحب الفرقة يوسف وهبى يعامل نجمة فرقته فاطمة رشدى معاملة مميزة، واتهمت فاطمة رشدى زينب صدقى بأنها تسخر من تمثيلها وتقلد حركاتها بابتذال على خشبة المسرح، ونشبت بينهما معركة حامية الوطيس، استخدمتا فيها كافة الأسلحة النسوية من صراخ وشتائم ومعايرات وبصق وصولا إلى الخدش بالأظافر وشد الشعر، ويقول المحرر الفنى الذى رصد هذه الخناقة ساخراً من الأمر: «لقد غيرت هذه الخناقة وجه المسرح المصرى، فهذه الأسباب التافهة كثيراً ما غيرت وجه التاريخ، مثل أنف كليوباترا وبواسير نابليون، وأخيراً الخناقة بين ممثلتين بفرقة رمسيس». ويقصد المحرر بحكاية أنف كليوباترا أن كليوباترا أحكمت سيطرتها على قلب يوليوس قيصر ومارك أنطونيو لجمالها رغم كبر أنفها، وهو ما دفع الفيلسوف الفرنسى «باسكال» إلى القول: «لو كان أنف كليوباترا أصغر قليلاً لغيرت وجه الأرض»، وبالنسبة لنابليون فإنه بعدما حقق انتصارات مذهلة داهمته فى معركة «واترلو» حالة بواسير حادة جعلته لا يستطيع المكوث على ظهر جواده، وكان يترجل عنه، وأصبح غير قادر على توجيه جيشه، فسقط فى المعركة أمام دوق «ولنجتون»!.. المهم بعد الخناقة طلبت فاطمة رشدى بما لها من مكانة فنية من يوسف وهبى صاحب الفرقة طرد زينب صدقى، لكن يوسف وهبى رفض، فخرجت فاطمة رشدى ومعها الممثل عزيز عيد تؤلف فرقة باسمها ودارت بين الفرقتين منافسة حادة انتهت بالقضاء على الفرقتين.

واتجهت زينب صدقى للسينما، ومن الأفلام التى قامت ببطولتها فى البداية «كفرى عن خطيئتك» 1933، و«بسلامته عايز يتجوز» 1936، وبلغ عدد مشاركاتها السينمائية حوالى 50 فيلماً. وفى فترة توهجها السينمائى أقامت صالونها الأدبى الفنى بمقر إقامتها بحى الزمالك، وكانت تعقده مرة فى الأسبوع بحضور كوكبة من الأدباء والنقاد والشباب المثقف المحب للمسرح، وكانت تتصدر الندوات وتتحمس لشكسبير فتتلو مقولاته وتلقى مونولوجاته الشعرية وأحياناً مقاطع تمثيلية من مسرحياته، وكانت متمكنة من اللغة الفصحى وحافظة لأشعار القدماء ولا تتورع عن السخرية من الذى يخطئ فى نسب قصيدة شهيرة، أو يلحن وهو يلقيها.. فسخرت منها بعض المجلات الفنية وسمتها «شكسبيرة الزمالك»، فأغلقت صالونها الفنى وأكملت مسيرتها الفنية بأدوار السيدة المسنة الطيبة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية