إذا شاهدتم قريبا أشخاصا يتجولون في الشارع يلوحون بهاتفهم الذكى ويصرخون «إنى اختارك يابيكاتشو» كما في برنامج بوكيمون فلا حاجة للدهشة أو استدعاء الشرطة، لأنها اللعبة التي أصبحت الأكثر انتشارا وإدمانا في غضون أيام قليلة على الهواتف الذكية في العالم، فبعد أقل من أسبوع على انطلاقه تجاوز تطبيق «بوكيمون جو» التطبيقات الأكثر شعبية في الولايات المتحدة الامريكية نينتندو وحتى تويتر، وحل الأول في قيمة التنزيلات وكذلك الأرباح ووصلت عدد المشاهدات للترايلر الرسمى لللعبة 30 مليون مشاهدة خلال أربعة أيام، وهو ما يعنى أن الكثير من اللاعبين لا يكتفون بالإمكانيات المجانية للتطبيق بل يشترون بوكيكيونز العملة الرسمية لبلاد البوكيمون!.
اللعبة هي تطبيق متوفر للهواتف الذكية، يدعو اللاعب إلى أن يصبح مدرب بوكيمونات ويخرج إلى الشارع لإيجادها على أرض الواقع، ويستخدم التطبيق عبر كاميرا الهاتف والـ GPS وتدمج في أرض الواقع بوكيمونات عناصر افتراضية تماما، وتعود لعبة البوكيمون التي أنشأت في اليابان في تسعينيات القرن الماضى عام 1995 عندما تخيل رجل يابانى اسمه «ساتوشى تاجيرى» أن العالم سوف يغزوه عدد هائل من الحشرات والحيوانات الغريبة القادمة من الفضاء وهذه الكائنات قابلة للارتقاء والتطور، وراقت الفكرة لشركة يابانية عملاقة هي شركة «نينتندو» وطورتها وجندت لها الإمكانيات الهائلة ومالبثت هذه اللعبة حتى انتشرت في العالم كله، وصدر منها مسلسل رسوم متحركة بعدة لغات وهى نفس الفكرة لألعاب الفيديو والألعاب الأخرى التي انتشرت بين الأطفال واستحوذت على عقولهم وأفكارهم واهتماماتهم، ومنذ ثلاثة أعوام توقف عرض المسلسل نتيجة فهم قاصر لدى البعض للقصة ظنا منهم أنها تدعم نظرية التطور والجزء المحرم منها، فمن تصدر للقصة لم يعرف بأن كل ما في البرنامج هو عالم افتراضى، بل اعتبروها لعبة تدخل في شبهة القمار (إذ يتنافس اثنان بعدد من الكروت مختلفة الأثمان لكل كرت منها قيمة متعارف عليها ويكون أحدهما يملك كارتا قويا يكسب به كروت الشخص الآخر الأقل قوة فإذا لم يرد الطرف الخاسر أن يفقد كرته فإنه يدفع بدلا عنه قيمته وقد يزيد السعر حسبما يحدد الرابح) مستنكرين تبنيها نظرية النشوء والتطور التي نادى بها العالم اليهودى داروين وبالذات بعد أن أصبحت كلمة تطور تتردد على ألسنة الأطفال فمثلا الحيوان «الإنمى» الموجود في الكارت يتطور ويصبح بشكل مختلف، فضلا عن اشتمالها على رموز وشعارات لديانات ومنظمات مشبوهة مثل نجمة داوود السداسية وارتباط هذا الرمز بالصهيونية العالمية وهو أيضا يمثل شعار إسرائيل!
لعبة «البوكيمون جو» التي أصبحت حديث العالم وقلقه تفوقت على جميع التطبيقات العالمية الشهيرة، ومثلما أصبحت سببا في الكثير من المواقف الكوميدية والحوادث الدامية خلال أيام قليلة من انتشارها، أصبحت الأشهر عالميا والأكثر استخداما على انستجرام وواتس آب وسناب شات بما يشبه الانفجار، وسرعان ما دخلت في عالم المحظور والاستخدامات غير القانونية، حيث يتيح التطبيق للشركة صاحبة الامتياز أن تخترق المعلومات السرية للمشترك في التطبيق دون تحديد حجم وكم المعلومات المسموح بها، كما أنها استخدمت في عالم الجريمة إذ أصبح التطبيق بعد أيام فقط من إصداره مصيدة لحدوث سلسلة من الحوادث الغربية والمخيفة في آن والسطو المسلح من الدرجة الأولى، كان أغربها في ولاية وايومينج الأمريكية حينما اقتادت اللعبة مراهقة أمريكية تبلغ من العمر 19 عاما إلى نهر لتجد الفتاة نفسها وجها لوجه أمام جثة هامدة، واستغل اللعبة أيضا عصابة مسلحة في ولاية ميزورى الأمريكية قبل أيام قليلة للإيقاع بضحاياها في فخ بعيدا عن أعين الناس والشرطة باستدراج اللاعبين الذين يستخدمون التطبيق نحو مناطق نائية منعزلة حتى يمكن الاعتداء عليهم ونهبهم بسهولة دون رقيب.
الهوس بهذه اللعبة التي كانت إحدى أشهر الألعاب والمسلسلات الكرتونية في العالم، باتت تثير فزعه وقلقه من استغلالها في ارتكاب الجرائم القاسية وعمليات التجسس، فضلا عن الحوادث الدامية التي تسببت بها خلال الأيام القليلة الماضية بشكل مخيف رغم أن استخدامها لايزال محصورا في الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلاندا، فالخطورة في اللعبة تكمن في هذا التماهى بين الواقع والعالم الافتراضى الذي خلق حالة من الفوضى، وانتشار الحوادث والجرائم أصبحت مثار اهتمام العالم، وتحذيره من مخاطر المضى قدما في لعبة أصبحت تشكل تهديدا للأمن القومى.