x

مي عزام عصر الليمون مي عزام الأربعاء 13-07-2016 21:41


يبدو أننا فى زمن عصر الليمون، أمور كثيرة نبتلعها على مضض، باعتبارها الاختيار الوحيد بين السيئ والأسوأ، وهذا يبدو فى كثير من الأحداث السياسية من حولنا.

الدول الكبرى فى الشرق الأوسط تعيد تشكيل سياساتها الخارجية طبقا للمتغيرات الحادة على الساحة الإقليمية والدولية، ويبدو أن مصر مؤخرا انتبهت للأمر وبدأت الطريق تحت ضغط الضرورات تبيح المحظورات ولعدم وجود استراتيجية طويلة المدى، بدأ الأمر بالتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير، ثم حديث السيسى عن مبادرة سلام فلسطينية إسرائيلية، وأخيرا زيارة وزير الخارجية لإسرائيل، العامل المشترك بين الأحداث الثلاثة هو إسرائيل، وكأن هذه الدولة المغتصبة ستكون نجم المرحلة المقبلة ومحور التحركات الخارجية ليس من جانب مصر وحدها ولكن من جانب السعودية وتركيا أيضا، والحديث عن حلف سنى إسرائيلى لمواجهة النفوذ الإيرانى المتغلغل يبدو على وشك الإعلان عنه، ولقد سبق وصرح رئيس الشؤون الخارجية فى الكنيست تساحى هنجبى، بأن لدى إسرائيل مصلحة فى توسيع التعاون مع المحور السنى، وتقويته ضد المحور الراديكالى بزعامة إيران، وأضاف: نسعى لربط السعودية ودول الخليج بأكثر من اتفاق السلام، لتأسيس جبهة مناهضة لداعش، وإيران، وحزب الله، وضد جميع اللاعبين الذين يشكلون خطرا علينا، ولقد سبق وشارك الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريزعبر نظام الفيديو كونفرانس فى المؤتمر الأمنى الخاص بدول الخليج الذى أقيم فى ديسمبر عام 2013 حيث استمع المشاركون باهتمام للرئيس الإسرائيلى بل صفقوا فى نهاية كلمته.

لقد أصبحنا نقف فى مربع واحد مع إسرائيل نحارب معهم وليس ضدهم، كما أصبح لإسرائيل حلفاء فى أفريقيا وزيارة نتنياهو الأخيرة للقارة السمراء خير دليل على أن إسرائيل تحصد ما زرعته وجعلها تتأهل لتكون عضوا مراقبا فى الاتحاد الإفريقى. إسرائيل، هذه الدولة التى كنا نهدد بإلقائها فى البحر أصبحت تملك مفتاح هويس نهر النيل شريان حياة المصريين، كما تملك كثيرا من الكروت التى قد تفاوض بها لدخول الجامعة العربية، كما تنبأ ضاحى خلفان.

قد نصاب بالذهول مما يحدث، لكن الحقيقة المرة أن إسرائيل الدولة حديثة العهد فى المنطقة تنفذ لأعماق أفريقيا ولقلب الوطن العربى، ويصبح لها وضعية الحليف الذى يسعى الجميع لخطب وده أو على الأقل تحييد موقفه، هذا هو الموقف على الأرض أمام السيسى.. فماذا عساه أن يفعل؟

بداية.. فإن زيارة وزير الخارجية سامح شكرى لإسرائيل ليست خطيئة، فهو موظف رسمى يمثل مصر، الحديث يجب أن يكون لماذا الزيارة الآن؟ وهل نجحت؟ توقيت الحديث عن مبادرة سلام فلسطينية إسرائيلية ليس مناسبا، وأعتقد أن مصر تدرك ذلك جيدا ولقد سبق أن كتبت أن الدول العربية، ومصر منها، ليس لديها كروت تضغط بها على إسرائيل لترضخ بقبول سلام عادل يحقق للشعب الفلسطينى طموحاته، الحديث عن مبادرة السلام هو مجرد فاترينة تختفى وراءها الأسباب الحقيقية، أعتقد أن الأمر الأهم فى زيارة شكرى لإسرائيل هو مياه النيل، فالحروب على الأرض فى الشرق الأوسط انتهت تقريبا لتبدأ مرحلة الحروب على المياه، والتى كتب عنها أرنون سوفر كتابه «الصراع على المياه فى الشرق الأوسط»، إسرائيل لم تخفِ يوما مطامعها فى مياه النيل ولا محاولتها الدؤوبة للوصول لها منتهجة طرقا مباشرة وغير مباشرة، ومصر فى الفترة الأخيرة فشلت تماما فى تحريك ملف سد النهضة لصالحها، وإسرائيل يمكن أن تكون وسيطا لمصر مع إثيوبيا، ألم أقل لكم إننا سنعصر الكثير من الليمون، مصر بعد أن فقدت نفوذها فى قارتنا الأم، بسبب سياسة مبارك تجاه الدول الأفريقية وعدم تقديره لأهمية العمق الأفريقى لأمننا القومى.

مصر تواجه مصاعب حقيقية، جميعنا ندرك ذلك، معارضو السيسى قبل مؤيديه، لكن عدم شفافية النظام واستئثاره بوضع تصور لمستقبل مصر دون إجماع شعبى يجعله يخسر رهانه بأن يقنعنا بأن نكون خلفه على قلب رجل واحد لمحاربة أهل الشر الذين لا نعرفهم.. قولوا لنا من أعداؤنا فلقد تشابه علينا الأمر.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية