قال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إن الأيام الأخيرة للدورة 32 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي افتتحت أعمالها في 13 يونيو، واختتمتها مطلع الشهر الجاري، شهدت اعتماد المجتمع الدولي لعدة قرارات مهمة رغم محاولات عدة حكومات قمعية تقويض معايير حقوق الإنسان العالمية.
وذكر المركز في بيان له، الخميس، أنه في الجلسة الثانية على التوالي للمجلس، افتتح المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة الجلسة بتحذير مشدد للدول الأعضاء مفاده أن النظام العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يواجهان تهديدات بسبب تكثيف «قمع الحريات العامة» و«قمع نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان» وتقويض «المؤسسات القضائية» وتنامي انعدام المساواة.
وأفاد البيان بأن كلا من الصين ومصر والسعودية قادت مجموعة من الدول في محاولات عدة لإضعاف أو إسقاط قرارات هدفها حماية حقوق الإنسان على الإنترنت وحماية حريات المجتمع المدني، فضلًا عن قرار بتعيين خبير دولي للتحقيق في التمييز بناءً على التوجه الجنسي والنوع مضيفا أنه ورغم إخفاق تلك المحاولات في حشد أغلبية داعمة من الدول الأعضاء، واعتماد القرارات، إلا أن الدول المذكورة قد نجحت في إدخال عدة تعديلات تضعف من تأثير هذه القرارات.
وأوضح البيان أنه طيلة الدورة أعرب عدد كبير من الدول عن انزعاجها المتزايد من انتشار انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بينما ردت مصر باعتراضات متكررة، ومحاولات لعرقلة إلقاء بيان مشترك للمجتمع المدني المصري يطالب الحكومة بإنهاء حملة القمع الحالية لمنظمات حقوق الإنسان في البلاد، كما تم اعتماد قرار بشأن سوريا أثناء الدورة، يسلط الضوء على حماية حقوق الإنسان الخاصة بالمحتجزين.
ولفت البيان إلى أنه أثناء هذه الدورة، تناول مركز القاهرة جملة من قضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنها الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة وسوريا واليمن ومصر ودول أخرى بالمنطقة.
وفي الشأن المصري قدم مركز القاهرة بيانا شفهيا بالشراكة مع 10 منظمات حقوقية مصرية، يؤيد ويزكي دعوات متكررة من خبراء بالأمم المتحدة خلال الشهرين الماضيين بأن تكف السلطات المصرية عن تقييد الحريات العامة. ودعت المداخلة الحكومة المصرية إلى حفظ القضية رقم 173 –والمعروفة إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي– وإسقاط جميع الاتهامات عن المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية.
ونوه البيان إلى أن الدورة الثانية والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، وبالتعاون مع منظمات حقوقية فلسطينية، قدم مركز القاهرة ثلاث مداخلات كتابية عن السياسات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين قسرًا داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، ومن القدس الشرقية.
وفى السياق نفسه، قدم مركز القاهرة بالتعاون مع 7 منظمات حقوقية تعمل على تحسين حالة حقوق الإنسان في فلسطين بيانًا شفويًا أمام المجلس تناول فيه السحب العقابي لتراخيص الإقامة للفلسطينيين، وهو إجراء صعدت منه إسرائيل مؤخرًا في القدس الشرقية المحتلة.
وطالب البيان الدول بإدانة السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى نقل الفلسطينيين قسرًا من القدس، وممارسة ضغوط على إسرائيل لإنهاء ممارسات سحب تراخيص الإقامة للفلسطينيين على الفور، وبدء ملاحقات قضائية، أمام المحاكم المحلية لتلك الدول، بحق المسؤولين الإسرائيليين الذين خططوا ونفذوا النقل القسري للسكان.
كما طالبت المنظمات مقرر الأمم المتحدة الخاص–الذي جرى تعيينه مؤخرًا، المعني بالوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، برصد والإبلاغ عن تصعيد الانتهاكات في القدس الشرقية المحتلة. وفي الشأن نفسه، وأثناء اجتماع مشترك مع المقرر الخاص الجديد، عرض مركز القاهرة رسالة مشتركة نصت على الحاجة المُلحّة للتصدي بجدية للرفض الإسرائيلي لدخول المقرر الخاص وآليات مجلس حقوق الإنسان الأخرى إلى الأرض الفلسطينية المحتلة.
وفي مداخلة شفهية طالب مركز القاهرة مجلس حقوق الإنسان باعتماد قرار يدعو الأطراف المعنية إلى الإفراج عن المحتجزين تعسفيًا في سوريا، وضمان الوصول الآمن والفوري وغير المشروط لجميع السجناء وأماكن الاحتجاز. مطالبًا المجلس بأن يعقد المجلس – أثناء دورته التالية – نقاشًا رفيع المستوى، يضم استعراضًا لأصوات سورية وشهادات لشهود على الجرائم الجاري ارتكابها في سوريا. كما استعرض مركز القاهرة هذه التوصيات في رسالة مشتركة بعث بها إلى الممثلين الدائمين للدول الأعضاء والتي تتمتع بوضع المراقب في مجلس حقوق الإنسان، بالإضافة إلى ندوة مشتركة عقدت على هامش الجلسة، واشتملت توصياتها –إلى جانب التوصيات السابقة– على إحالة مجلس الأمن للوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل الدول لولايتها القضائية العالمية في محاكمها الوطنية؛ للتحقيق مع المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي في سوريا، لاسيما تلك المتعلقة بالمعتقلين والمحتجزين في السجون والمعتقلات.
وفيما يخص الشأن اليمني، طالب مركز القاهرة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بضمان توقف كافة أطراف النزاع عن الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في اليمن، مع احترام وحماية حرية التعبير وإخلاء سبيل المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين المحتجزين. كما أعاد المركز مطالبة المجلس الأممي بفتح تقصي في النزاع اليمني للتصدي للإفلات من العقاب القائم على الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الأطراف جميعًا، ووقف العنف. تم توجيه هذه الدعوة في مداخلة شفهية أثناء ندوة مشتركة عقدت على هامش فعاليات جلسة المجلس.
وأوضح البيان أن المركز شارك في رعاية ندوتين حول البحرين والعراق.
وفيما يخص البحرين، ناقشت الندوة وقارنت بين برامج التعاون التقني في مجال تعزيز حقوق الإنسان بين البحرين والأمم المتحدة وعدد من الدول الأخرى، ومبادرات التعاون التقني التي يحث المجتمع المدني المملكة والمجتمع الدولي على تفعيلها. وحول العراق، فقد أوضحت الندوة مدى الحاجة لوضع استراتيجيات فعالة للتصدي للانتهاكات القائمة والاحتياجات الأمنية، وفي الوقت نفسه تهدف إلى تحقيق المصالحة وإعادة إرساء سيادة القانون.