بعد مرور 13 عاما على غزو العراق و7 أعوام منذ بدء التحقيق فى مشاركة المملكة المتحدة فى الحرب، أعلن القاضى البريطانى المكلف بالتحقيق، جون شيلكوت، أن اجتياح العراق فى 2003 حدث قبل استنفاد كل الحلول السلمية، وأن تقرير المخابرات حول امتلاك الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين أسلحة دمار شامل كان مغلوطا، وأن خطط لندن لفترة ما بعد الحرب لم تكن مناسبة.
ومَثَّل إعلان التقرير لطمة على وجه بريطانيا وجيشها وأجهزة مخابراتها ورئيس الوزراء الأسبق، تونى بلير، الذى اتهمه التقرير بأنه وعد الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الابن بالوقوف معه بشأن العراق مهما حدث، دون فرض ضغوط عليه لإثنائه عن الغزو، وتزامن نشر التحقيق مع مظاهرات أمام منزل بلير، رفع خلالها المتظاهرون لافتة ضخمة كُتب عليها: «بلير يجب أن يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب»، بينما قال بلير إنه يتحمل المسؤولية عن الأخطاء التى وقعت خلال الغزو.
ووجه التقرير انتقادات قاسية لـ«بلير» ومسؤولين بريطانيين آخرين بسبب ما زعم عن تضليلهم الشعب والبرلمان فيما يتعلق بالمعلومات الاستخباراتية، التى ارتكز عليها قرار المشاركة فى الغزو، كما أن الجيش البريطانى لم يكن مسلحا بشكل جيد استعدادا للحرب، واتهم التقرير «بلير» وقيادات فى المخابرات البريطانية بالمبالغة المتعمدة فى تقدير حجم التهديد الذى مَثَّله العراق، وأفاد بأن بلير وعد بوش الابن بالموافقة العمياء على الحرب وبالوقوف معه بخصوص العراق «مهما حدث».
وقال شيلكوت، رئيس لجنة التحقيق، إن التحقيق توصل إلى أن بريطانيا اختارت أن تنضم للغزو دون استنفاد جميع المساعى السلمية فى حل الخلاف، وإن الحرب «لم تكن الملجأ الأخير»، وأضاف أن بلير قدم تقارير استخباراتية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية توضح ضرورة الغزو «بثقة قاطعة لم تكن مبررة». وخلص إلى أن الأسس القانونية لقرار بريطانيا المشاركة فى الغزو «ليست مُرضية»، وأن المعلومات بشأن أسلحة دمار شامل مزعومة فى العراق، والتى استخدمها بلير ليبرر الانضمام إلى الغزو، الذى قادته الولايات المتحدة، والذى أدى إلى الإطاحة بالرئيس الأسبق صدام حسين، ومقتل 179 جنديا بريطانيا، كانت مغلوطة، لكنها قُبلت دون تفنيد. وقال شيلكوت، فى مؤتمر صحفى عرض خلاله نتائج التقرير، إن التحقيق توصل إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا قوضتا سلطة مجلس الأمن، من خلال الدفع بعمل عسكرى قبل إنهاء جميع السبل السلمية، كما أن معظم أعضاء المجلس لم يقتنعوا بأن جميع البدائل السلمية تم طرقها. وأوضح أنه فى العديد من المناسبات تم تجاهل مناقشة السياسة البريطانية فى العراق خلال اجتماعات مجلس الوزراء.
وأشار إلى أن الغزو تم دون وجود دليل على انتهاكات عراقية جسيمة لتعهدات بغداد الدولية، عكس ما أكده بلير، دون توضيح الأسس التى توصل بها إلى هذا الاستنتاج.
وتابع أن بلير قال قبل الغزو إن وصول أسلحة الدمار الشامل فى أيدى الجماعات الإرهابية تهديد حقيقى، رغم وجود تحذيرات له بأن الغزو سيزيد من تهديدات تنظيم «القاعدة»، وسيزيد من احتمال حصول هذه الجماعات الإرهابية على المزيد من الأسلحة.
وألقى التحقيق باللوم على المخابرات البريطانية لإصرارها على تضخيم حجم التهديدات التى يمثلها العراق عن طريق تقديم معلومات «مغلوطة» عن وجود أسلحة دمار شامل بالعراق.