صباح أمس طلبنى صديقى المهتم دائماً د. صلاح الغزالى حرب. أراد أن يعلق على ترحيبى الكبير بتشكيل مجلس أعلى للاستثمار يتولاه رئيس الجمهورية، ويترأسه بنفسه. قال لى: أنت سعيد بهذا القرار. إذن لماذا لا يرأس السيسى الحكومة بالمرة؟.
قلت له: ليس عندنا محنة أكبر من تعطل الاستثمار. توقف عجلات الإنتاج. تفاقم البطالة. وليس هناك معوق أمام الاستثمار أكبر من شماعة الأمن القومى. اليوم لا يستطيع أحد أن يخدع الرئيس بهذه الحجة. فإذا كان الرئيس غير متخصص فى الاقتصاد. فإنه بكل تأكيد ضليع فى الأمن القومى.
المجلس الجديد يضم فى عضويته وزيرى الدفاع والداخلية و5 من ممثلى القطاع الخاص. ومحافظ البنك المركزى طارق عامر. كلامه الأخير بشأن سعر الصرف فى جريدة المال يتماشى مع القرار الرئاسى. يتفق مع روحه ونصه. أكد طارق عامر عدم استهداف سعر صرف محدد للجنيه أمام الدولار. مشيرًا إلى أن استهداف سعر العملة بغرض الحفاظ عليه كان «خطأ فادحا». كلف الدولة مليارات الدولارات فى السنوات الخمس الماضية. لأن أسعار الصرف غير الحقيقية تزيد الاستهلاك على كل المستويات.
البنك المركزى حصل على قروض وودائع ومساعدات بقيمة 22.5 مليار دولار فى السنوات الخمس الماضية. ضاع أغلبها على استهداف سعر الصرف. كان يجب استخدامها فى إصلاح السياسة النقدية ومنظومة النقد الأجنبى. انتهى كلام طارق عامر. الآن تنفسنا الصعداء. فهذا كلام شجاع. جاء من رجل نالته سهام كثيرة حتى قبل أن يبدأ عمله كمحافظ للبنك المركزى. ورغم ذلك يواصل مهمته بشجاعة. أضيف إلى ما قاله. فنحن لم نبدد 22.5 مليار دولار فقط. بددنا ضعف هذا الرقم تقريبا عقب ثورة يناير. بددنا الاحتياطى النقدى الأجنبى. الذى تراكم فى عهد مبارك. ضيعناه بالطريقة نفسها.
الآن نحن فى بداية مرحلة جديدة بالنسبة للاقتصاد المصرى. نقطة فارقة فى مساره. عشنا سنوات طويلة نحلم بخطوة على هذا القدر من الشجاعة.
فى 2004 بدأنا خطة للإصلاح الاقتصادى. بالتجربة العملية انقسم الفريق الوزارى إلى مجموعتين. كل مجموعة منهما تشكك فى الأخرى. تطعن فى نواياها. تتربص بها. كل واحدة منهما تسعى لاقتناص موافقة الرئيس. كل واحدة منها تسعى لإدارة الدولة بطريقتها الخاصة. وبفرض وجهة نظرها. بغض النظر عن النتائج. انعكس ذلك سلبا على عملية الإصلاح. انعكس سلبا على الاستثمارات. لأن التجاذب بين الفريقين خلق حالة من الازدواجية. حالة من الشد والجذب فكانت كل خطوة للأمام تستغرق وقتا أكثر من اللازم. أحيانا لا تكتمل بسبب هذا الصراع. الآن الرئيس وسط الفريق. يعمل معه. يترأسه. لن يسمح بتكرار الخطأ مرة أخرى.