x

أولياء الأمور مستمرون في تمويل «رحلة الثانوية».. وأم لطالبين: «أنا اللى نزّلت ولادى المُظاهرات»

الأحد 03-07-2016 12:58 | كتب: آلاء عثمان, مي هشام |
مظاهرة لطلاب الثانوية اعتراضاً على إعادة الإمتحانات، 29 يونيو 2016. - صورة أرشيفية مظاهرة لطلاب الثانوية اعتراضاً على إعادة الإمتحانات، 29 يونيو 2016. - صورة أرشيفية تصوير : حازم عبد الحميد

في مُعادلة الثانوية يميل أولياء الأمور نحو أبنائهم، يقدمون لهم دعما ماديا ومعنويا غير مشروط على مدار أشهر طوال، وصولاً للحظة ظهور التنسيق المُنتظرة، حيث ينال الآباء نظير ما تعرضوا له من الضغط والتوتر فرحة غامرة بالتحاق أبنائهم بالكليات المرجوة.

وفى تعثر الطريق للحُلم يعانى الآباء مع أبنائهم في موسم دراسى غير تقليدى، امتدت امتحاناته في سابقة لتشغل شهرا كاملا، مع إعادة امتحان الطلاب في إحدى المواد الأساسية، ما دفع بعض أولياء الأمور لترك مقاعد المُتفرجين والمُمولين لرحلات أبنائهم الدراسية الشاقة، والنزول برفقتهم إلى الشوارع احتجاجًا على تأجيل بعض الامتحانات وإلغاء بعضها، في فعل ثورى زاد معركة الثانوية حدة، فيما تستعد مراكز الدروس الخصوصية لاستقبال الطلاب في الموجة الثانية من المُراجعات النهائية، ما يُضيف أعباء جديدة على كاهل الأسر.

سعديّة صدّيق، وليّة أمر لطالب وطالبة في الثانوية العامة، رغم صحتها التي لا تسعفها تمامًا، إلا أنها لحقت بهما بعد امتحان التربية الدينيّة المُعاد، لتنضَم لتظاهُرات عموم طُلاب الثانوية العامة، حتى ولو لم تلتحم بولديها، وتكون لهما كتفًا بكتف، بعدما فرقت السُبل، ومحاولات الأمن لتفريق مسيرات الطُلاب بينهم، وعلى عكس ما هو متوقّع من أي ولى أمر في مثل هذه الظروف، شجعت سعديّة ولديها على المشاركة في احتجاج الطُلاب: «أنا اللى قُلت لولادى انزلوا المُظاهرات».

تتذمر سعدية من أداء وزارة التربية والتعليم المتردّى إزاء أزمة التسريب، في وضع تعليمى فاسِد برُمته، يكيل الأحمال لأولياء الأمور: «البنت الكبيرة عايدة السنة، والعيال اللى معاها في اللجنة بيجيلهم الامتحان، وعندى ولد تانى بقى عايز يسيب البلد، وأنا لوحدى بحاِرب الثانوية»، وتواجه سعدية كابوس مصروفات الثانوية منفردة تمامًا إلا من إعانة حكومية قدرها 413 جنيها، نظير هجر زوج.

لا تستطيع سعدية على وجه التحديد أن تقدر كم من مواردها الشهرية يذهب لدروس الثانوية ومصاريفها: «إذا كان المعاش مش مكفى أكل وشرب وإيجار»، فيما يعلم الله وحده كيف تدبِر ميزانيتها الشهرية، تقول سعدية: «الوِلاد طبعًا مش بياخدوا دروس في كُل المواد، المواد الصعبة بس اللى مايعرفوش يذاكروها لوحدهم»، أما باقى المواد، فيعتمد الأولاد فيها على نفسهم، وبمساعدة أصدقائهم وتصوير وشراء المذكرات الضرورية يستطيعون اجتياز الامتحانات، فضلاً عن مساهمات الابن -طالب الثانوية العامة- في ميزانية البيت عن طريق أعماله في تصميم الجرافيك التي ينفذها بالطلب عن طريق مواقع التواصُل الاجتماعى.

لم تتلق أعصاب سعدية قرار إعادة وتأجيل الامتحانات بصدر رحب، فالأمر بالنسبة لها تمديد في عُمر الكابوس الذي يطاردها وأولادها أسبوعا آخر: «أول ما سمعت القرار إيدى بردت ونملت، وبعدين عرفت إنها جلطة»، فيما تنسِب صدمتها تلك إلى الديون المُتراكمة عليها بسبب الثانوية العامة، وأيام السنة الكبيسة التي لا تسير إلا بالسلف» «المدرسين لسه ليهم عندى فلوس، وطالبين فلوسهم قبل العيد، وده يقول نعيد الامتحانات».

وفى حين تنصح سعدية أولادها وزملاءهم بعدم الإضراب عن الامتحان تفاديًا لغدر الوزارة «الوزارة بتتلكك لكم»، تعتبر الاحتجاج والنزول فرضا على جميع الطُلاب، فضلاً عن أولياء الأمور، الذين تبحث عنهم في المظاهرات للتواصُل معهم، وتستغرب من عدم دعمهم لأولادهم «كتفًا بكتف»، فيما تتمنّى أن تدعوهم على مواقع التواصُل الاجتماعى للثورة لأجل فلذات أكبادهم، لكنها لا تستطيع، حيث لا تعرِف الكتابة، والتعامل مع مواقع التواصل.

منذ أن التحقت ابنته بالصف الثالث الثانوى، وتحديدًا الشعبة الأدبية، يُخصص عبدالغنى أحمد 800 جُنيه من ميزانية أسرته لدعم مشوار ابنته في الثانوية العامة: «دروس فقط» يوضح الأب الذي يعمل بمجال التجارة جاهدًا لتوفير مُتطلبات الدراسة المادية والمعنوية لابنته، إلا أن ذلك لم يمنع تأثرها من حادثة التسريب، خاصة أن بعض زميلاتها ضعيفات المستوى الدراسى تمكنا من الحصول على بعض الامتحانات وأبرزها الجغرافيا، وقمن بتقديم الإجابات الصحيحة فيما عجزت هي عن الحل بصورة مرضية.

«والله العظيم بنتى بتذاكر» يُعلن الأب ثقته المُطلقة في أداء ابنته الدراسى التي أمضت السنة الدراسية بين حضور الساعات الأساسية بالمدرسة ثم الدروس الخصوصية وأخيرًا ما بين 6 لـ 8 ساعات يومية للمُذاكرة يصف جهودها: «ده فوق طاقة أي حد».
إلى جانب دعم ابنته في دراستها حتى ما إذا تطلب ذلك الاستدانة لتوفير النفقات دعم «أحمد» ابنته كذلك في اتخاذ قرار المُشاركة في التظاهرة الاحتجاجية ضد قرار تأجيل الامتحانات على الرغم من مُعارضة والدتها: «أنا عارف أنهم مش هيعملوا حاجة، هي بلونة مخرومة لكن لازم نفضل ننفخ فيها، لازم أعلم بنتى تكون إيجابية وتشارك مُجتمعيًا».
يرفض الأب من الأساس اقتراح عدم حضور الامتحان احتجاجًا على القرار، ما قد يؤول في النهاية لإعادة الطلاب العام الدراسى كاملاً، وهو ما يُعد أمرا غاية في الصعوبة على الطالب والأسرة في آن واحد، خاصة من الجانب المادى الذي تتحمله الأسرة، في ظل عدم تعاون المُدرسين وتحويلهم المجال الدراسى لعملية ربحية بحتة، لا ترتبط بالمناهج التربوية على الإطلاق، فعلى حد وصفه يهتم كل مدرس بمجال الدروس الخصوصية بزيادة دخله: «اللى دخله السنة دى 10 آلاف جنيه عاوز السنة الجاية يبقى 15 ألف».
كأغلب الأسر، يتحمل «أحمد» بعد تأجيل الامتحانات نفقات إضافية لحصص المُراجعة التي أقرها مدرسو المادة لحين موعد الامتحان، فأستاذ التاريخ على حد وصفه أقر على الطلاب حصة مراجعة يومية لحين حلول موعد الامتحان المؤجل، والتى كلفته 400 جُنيه إضافية على قيمة الدروس الشهرية الاعتيادية، إلا أن الأب تقبلها على الرغم من ذلك: «مقدرش أقولها ماتنزليش».
يُدير، هشام أمين، مركزا تعليميا بمنطقة حدائق القبة، إلا أنه يتبنى نهجا مُختلفا عن إعادة حصص المُراجعة التي اتبعتها بعض المراكز الأخرى، فجدول مُراجعاته ثابت، ووضعه بمجرد إتاحة جدول الامتحانات ولم يطرأ عليه أي تعديلات: «الطلاب أخدوا مراجعاتهم خلاص، وفى الميكانيكا أخدوا حصتين للمراجعة واكتفوا، دلوقتى ممكن يراجعوا براحتهم من البيت».
وقال «أمين» إن مراكز تعليمية مُجاورة تعمدت إدارتها زيادة حصص المُراجعة لتحقيق عوائد مادية إضافية، إلا أن من وجهة نظره، استفاد مركزه بالفعل ماديًا من الطلاب على مدار العام الدراسى، فلا داعى لاستنزافه.
وعلى الرغم من انتهاء حصص المُراجعة إلا أنه يوفر الملازم للطلاب مرة أخرى، فضلا عن إمكانية اتصال الطلاب بالمُدرس والاستفسار عن أي معلومات غير واضحة دون مُقابل مادى.
«حتى مدرس الميكانيا بتاعنا قال حرام عليا لو عملت حصص إضافية، الطلاب أخدوا حصص بما فيه الكفاية» يوضح «أمين» كيف أعلن مركزه نهاية الموسم الدراسى بغير رجعة، خاصة مع التوتر المُبكر الذي تسبب فيه التسريب دفع الطلاب لنوبات يأس من حضور المُراجعات والمُذاكرة بوجه عام، خوفًا من بذل جهد مُضاعف يُضيعه إلغاء الامتحان أو تأجيله، ما خفض عدد حضور حصص المراجعة الأخيرة بنسبة ملحوظة.
من وجهة نظر المسؤول عن المركز «الطالب الشاطر» هو الخاسر الوحيد في مُعادلة التسريب والإلغاء، سواء بضياع مجهوده أمام طالب آخر تمكن من الحل بالغش أو بسبب التوتر البالغ والميل لليأس.
ويُنهى حديثه قائلاً: «إحنا بنعامل الطلبة زى إخواتنا، ولو شايف مصلحتك تذاكر من البيت ذاكر، ولو محتاج حاجة تعالى».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية