x

سعيد السني وماذا عن «الصغار» المقبوض عليهم واعترفوا بالتسريب؟!! سعيد السني الأربعاء 29-06-2016 22:12


في مثل هذه الأيام من شهر يونيو عام 1981، قبل 35 عاما بالتمام والكمال، عقب أحداث فتنة الزاوية الحمراء التي اندلعت يوم 17 من الشهر نفسه، وظلت أياماً مشتعلة، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى المسيحيين.. توجه الرئيس الراحل أنور السادات إلى البرلمان، وألقى خطاباً يشرح فيه للأمة ملابسات الفتنة.. عندما وصل «السادات» إلى ذكر عدد القتلي، لم يشأ أن ينطق كذباً مفضوحاً.. نادى على اللواء نبوي إسماعيل وزير الداخلية سائلاً إياه على الهواء مباشرة، عن عدد القتلى: كام يا نبوي؟.. يرد الاخير بابتهاج: «تلاتة مسلمين وتلاتة مسيحيين وواحد مجهول الشخصية يا سيادة الريس»، وكأنه مبتهج للتعادل بين الأهلى والزمالك.. السادات كرر السؤال نفسه لـ«نبوي»، ليعيد ذات الرد.. بدا المشهد كوميدياً، وتحول سريعاً إلى مادة للسخرية والتنكيت والهري على نطاق واسع مع أن الـ«فيس بوك» وشقيقه تويتر لم يكن لهما وجود بعد..وقتها تداولت نكتة على شكل الحوار التالي:

السادات يتصل بوزير الداخلية: البايب ضاع يا نبوي

نبوي يرد: بسيطة يا سيادة الريس

بعد قليل يجد الرئيس البايب المفقود.. يعاود الاتصال بالوزير: نبوي.. أنا لقيت البايب

نبوي يرد متسائلاً: واللى قبضنا عليهم واعترفوا يا سيادة الريس؟!.

تذكرت المشهد العبثي أعلاه بين السادات ووزيره، ونكتة البايب الرئاسي، كلما طالعت خبراً عن ضبط «أدمن» أو مجموعة شباب يتم وصفهم بأنهم أصحاب صفحة شاومينج بيغشش وغيرها، حتى بات صعباً حصر أعداد المتهمين بالتسريب الإليكتروني، الذين اعترفوا بارتكاب الجريمة، حسب البيانات الرسمية لوزارة الداخلية.. هذا بخلاف 12 مسؤلا تعليمياً محبوسين على ذمة التحقيق، وعشرة آخرين اشار إليهم وزير التعليم مؤخراً دون أن يسميهم على خلفية تسرب امتحان الديناميكا، ومع كل هذا ظل المُسَربون على نشاطهم.. فهل قبضت وزارة الداخلية على هذا العدد الكبير لمجرد تسديد الخانات وإظهار أن كل شىء تمام وتحت السيطرة؟!، وما هو مصير الاعترافات التي أدلى بها هؤلاء المتهمون، في ظل استمرار النشاط التسريبي بنفس الوتيرة والآليات، رغم أن «الجناة المزعومين» مازالوا رهائن للحبس الاحتياطي، بما اضطر وزير التعليم إلى إلغاء امتحان الديناميكا بعد انعقاده، والذي بدوره فَّجرَ ثورة طلاب الثانوية العامة ودفعهم للتظاهر على نطاق واسع، ناهيك عن سخط وغضب أولياء الأمور والنكد الذي حلَّ على أكثر من نصف مليون أسرة، لابد وأن يصيبهم مع أبنائهم القهر والإحباط واليأس.. سيما وأن امتحان الديناميكا ظهر متسرباً منذ الثانية عشرة مساء ليلة الامتحان، وكان بوسع «الوزارة» تأجيل الامتحان قبل انعقاده.. لكن الارتباك والعشوائية يسودان الموقف في كل شؤوننا تقريباً إلا نادراً.. إذ السيناريو المعلوم منذ بدء امتحانات الثانوية العامة، هو تسرب امتحانات المواد أولاً بأول قبل مواعيد انعقاد كل مادة بساعات وأحياناً أيام، مثلما حدث في اللغة العربية والتربية الدينية وغيرهما.. وبدلاً من تأجيل الامتحانات كلها لعدة أيام وإعادة ضبط المسألة برمتها سريعاً.. فإن «وزارة التعليم» اختارت الاعتصام بالإنكار، وإلقاء المسؤولية على طلابنا «الضحايا»، واتهامهم بتسريب الأسئلة من داخل اللجان، وما إلى ذلك من حجج واهية على شاكلة المؤامرات الخارجية والداخلية والإخوانية وأهل الشر، وهي كلها لا تنفي مسؤولية الوزارة وإهمالها، ولا تصلح تبريراً لهذا الفشل الكارثي المدوي المسىء.

أدعو اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية أن يأمر رجاله الراشدين بتكثيف البحث عن الجناة الحقيقيين ومراجعة أوضاع الفتيان المقبوض عليهم بتهمة تسريب الامتحانات.. فمن الواضح أن المسربين هم من «الكبار»، ربما داخل ديوان وزارة التعليم أو مطابعها أو كنترولاتها أو دهاليزها.. أما هؤلاء «الصغار المقبوض عليهم واعترفوا»، من الشباب اللاهين على فيس بوك عوضاً عن الفراغ والتيه والتشتت والإحباط، فهم ضحايا لا يختلفون عن سارقي بايب السادات في النكتة إياها.. كان الله في عون طلابنا وأولياء أمورهم.. وليعوضنا الله خيراً في الثانوية العامة التي كانت.

نسأل الله السلامة لمصر.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية