x

مذكرات عابر سبيل : «رز ولحمة» على شرف سفير إسرائيل

الأربعاء 15-06-2016 23:38 | كتب: محمد الهلباوي |
فتة اللحم بالخل والثوم فتة اللحم بالخل والثوم تصوير : اخبار

كان يوم «أسود»، من أوله، بداية من طرد الدكتورة فوزية عبدالستار لى، من محاضرتها، بكلية الحقوق، بتهمة «النوم فى المدرج»، أثناء المحاضرة، مروراً بفقدانى حافظة نقودى، التى كانت تحمل بين طياتها فى صمت وكبرياء «ورقة بـ50 جنيه»، فى الأتوبيس، وانتهاء بـ«جرجرتى» إلى مديرية الأمن، وتحرير محضر اشتباه لى «لحد ما يبان لى صاحب».

بعد سرقة حافظة نقودى، كنت أسير فى الشارع مثل المجنون، لا أدرى ماذا أفعل، فى ثمن كتب الدستورى، وفلسفة القانون، والقانون الجنائى، ووجدتنى على حين غرة، وجهاً إلى وجه، أمام السفارة الإسرائيلية، بالقرب من حديقة الحيوان، يمسك أحدهم بتلابيب قميصى، ويقتادنى إلى مديرية الأمن، المجاورة للسفارة.

وفى مكتب نائب مدير الأمن، حكيت «حكايتى مع الأتوبيس والزمن»، وأى حكايات أخرى، تجعله يصدق روايتى التى ظل يحدق فى وأنا أرويها، وكأنه يشك فى «عذرية ما أقول».

ولم أجد بداً من أن أطلب منه أن يتصل بـ«عم جورج»، مقاول الأنفار، الذى منحنى «الورقة أم 50»، شقى أسبوع كامل، كان يعطينى منه المصروف، ويدخر لى ما تبقى، لأنه يعرف جيداً أن «إيدى مخرومة وما فيه جنيه بيبات فى جيبى»، ودعمت حديثى بمستند رسمى.. «تذكرة الأتوبيس»، التى كنت لا أزال أحتفظ بها فى جيبى، وتركها لى اللص «مكرمة منه فى هذا اليوم المفترج، حيث كنا يوم 7 منه فى شهر رمضان».

تأمل «الباشا»، التذكرة ثم أعادها لى، وما إن اتصل بـ«العم جورج»، حتى وبخه ظناً منه أن حديثه «اشتغالة»، وكنت أسمع كلمات «عم جورج» فى السماعة، حيث كان صوته، أعلى من صوت زوجته «أم ميلاد»، حين كانت تناديه، وهو جالس على المقهى المجاور، ليشترى لها الخضار، وأدعو عليه «يا رب يسقط لك كل عمارة تبنيها يا بعيد ويقع عليك سقف مستشفى دار الشفا اللى كنا بنكسر فيه، وما يعيش لك نحات قادر يا كريم»، والنحات هذا هو «الفواعلى»، الذى يتولى تكسير الحوائط والأسقف القديمة، تمهيداً لبنائها من جديد.

ولأننى ضعيف البنية، فشلت فى أن أكون «نحات قد الدنيا، وكانت يوميته 10 جنيه»، واخترت أن أكون «عامل رتش أحمل مخلفات الهدم وأضعها فى برويطة»، وأقتادها إلى مقلب الرتش، وكانت يوميتى7 جنيهات.

هاتف «الباشا»، أحدهم، وحين أتى، طلب منه اصطحابى إلى الجامعة، للتأكد من أننى طالب حقوق، ولست طالب «رأس السفير الإسرائيلى»، لأن «ابن الحرامية شطب عليا من مجاميعه، المحفظة جلد الغزال، والحتة أم 50 وكارنيه الكلية، والبطاقة الشخصية»، وفى الطريق إلى الجامعة، كنت كلما أشرت إلى أحد زملائى، منادياً إياه باسمه، يشيح عن وجهى، مدعياً أنه لا يعرفنى، خاصة أن «البيه الصول»، كان يضع «الكلابش» فى يدى.

وحين وصلنا شؤون الطلاب، وجدناها أغلقت، وحين سألنا عن عميد الكلية، وكان يعرفنى جيداً، وتوسط لى ذات مرة فى العمل بإحدى مكتبات التصوير خلف الجامعة، فى منطقة بين السرايات، وجدت سيارته تنطلق من بعيد، مسرعة، كأنه يهرب من كمين، على الطريق الصحراوى.

«يوم أسود»، تحول إلى «فوشيا» فى لحظات، بعد أن لمحت «أم سيد»، عاملة النظافة، التى كتبت عنها مقالاً فى مجلة الحائط فى الكلية «أم سيد إزيك وإزى سيد وأبو سيد»، لكنها تجاهلتنى، مهرولة إلى باب الجامعة الرئيسى، حينها تذكرت أننى كتبت فى نهاية المقال «أم سيد كم أنت نموذج للأم المثالية، حقيقى جميعنا نعتبرك أمنا»، وأن «ابن المدهننة على»، زميل دفعتى الذى اعتاد دوماً الاستظراف محا حرف الألف فى كلمة أمنا بقلم «كوريكتور»، ووضع بجوارها 44، وظهرت نهاية المقال «حقيقى جميعنا نعتبرك أم 44»، وأدركت أنها ترد لى الصفعة، ظنا منها أننى كنت «باتمسخر عليها».

وتركت «أم 44»، وقلت لصديقى الصول أمين (ما بدهاش بقى يا لله بينا على القسم)، وفى طريقنا وجدت الدكتور محمد عوض بلال، عميد كلية الحقوق فيما بعد، يستعد لاستقلال سيارته من أمام الجامعة، وحين رآنى وكنت أشبه بـ«الفرخة الدايخة»، سألنى عما بى، وحين حكيت له الحكاية من أول «بونجور لحد بونسوار»، طلب منا ركوب سيارته، وأمام «الباشا» كتب تعهد أنه يضمننى، وأننى إنسان «لا له فى الطور ولا فى الطحين»، ثم تركنا، وأنا أكاد أقبل قدميه، جزاء معروفه.

وقبل أن أخرج من مكتب الباشا، وكنت حينها فى الليسانس، اقترب منى، ودس فى جيبى 5 جنيهات «حتة واحدة»، وحين رفضت قال لى «اعتبرها سلف، وبعد ما تتخرج وتبقى وكيل نيابة قد الدنيا، إبقى ردهالى».

خرجت من مكتبه، وأنا أقول «الدنيا لسه بخير»، وحينها باغتنى «الصول ابن السحلية»، وهمس فى أذنى «بالنص بقى يا عم»، وحين سألته «هوه إيه اللى بالنص»، قال لى «الفلوس اللى إداهالك الباشا»، وحين قلت له «بأمارة إيه»، وضع يديه فى جيوبه وقال لى بمنتهى الثقة «بدل بهدلة.. لاحظ إنى ما وجبتش معاك بقلم أو قفا أو حتى شلوت، مع إنك تحرى واشتباه، وحين اعتذرت لـ«دواعى الفكة»، قال لى إنه سيصطحبنى إلى الكشك المجاور، لنشترى سجاير ونفك، وكان موعد تبديل ورديته.

خرجت أنا و«ابن المتسلقة»، لكن دون كلابشات هذه المرة، لكننا وجدنا الكشك المجاور مغلقا.. «أخدناها سلانسيه لحد ميدان الجيزة»، وفى الطريق وجدنا مائدة رحمن، بجوار كلية الهندسة، فاخترنا مقعدين متجاورين، وحصل كل منا على «طبق رزه ولحمته وطبيخه»، وقبل أن يرفع المؤذن الأذان، استأذننى فى الذهاب لدورة مياه مجاورة، وما إن «ورانى قفاه»، حتى وضعت محتويات طبق رزى ولحمتى وطبيخى على طبق رزه ولحمته وطبيخه ووضعتهما فى كيس بلاستيك وقلت يا فكيك».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية