«لو وزعوا غباء وبخل العالم على إنسان لكان اسمه عم رمضان».. و«عم رمضان»، هذا «أسطى ميكانيكى قد الدنيا تتلف رقبته فى حرير» لكنه «محتاج حبل المشنقة يتلف حوالين رقبته»، بسبب لسانه اللى أطول من لسان خرطوم اللحام.
كنت عائداً فى يوم «محشى نحس»، من كلية الحقوق، إلى منطقة «بين السرايات»، ودس أحد المارة ورقة فى يدى، ظننتها أوراد رمضان، لكنها يا «مر أيامى» كانت من «بنات شياطين عم رمضان».. الرجل «اتجنن يا جدعان»، «عم رمضان ابن المفلسة» قرر يدعو أهل الحى، على مائدة رحمن، على حسابه، ومن جيبه، وحر ماله، وطبع كتيبات بها رقم هاتفه، مصحوباً بدعوة على الإفطار، وحدد الموعد والمكان.
كتب «عم رمضان» قبح الله وجهه، فى يوم أسود من «قعر المنفلة» (يتشرف الأسطى رمضان بدعوة الجميع خصوصا الطلاب لحضور مائدة رحمن أعلى سطوح منزله)، وطننت حينها أن الحكاية «فيها مقلب».
ولأننى أسكن فى نفس منزل «ابن الفييسة» ذهبت فى العصر، وصعدت إلى السطح، ووجدت كل شىء معدا، ويليق بمائدة «مفتخرة».. مجموعة «أقفاص خشب» تتراص بجوار بعضها فى تناغم عجيب، وأعلى كل قفص صينية كبيرة فارغة.
عدت إلى حجرتى المواجهة للمائدة على «السطوح»، واستلقيت قليلاً أتأمل هذه «العزومة النحس من أولها»، وما أن لمحت «أم عبده»، زوجة «العارف بالله عم رمضان تروح وتجىء كأن عقربة لدغتها» حتى سألتها «هوه فيه عزومة صحيح يا أم عبده؟»، فردت «فشر.. فيه طبعا وربنا يخليك لينا يا رمضان»، ودعوت حينها الله أن «يأخذ رمضان ويقصف عمر أم عبده»، بسبب هذا التغير المفاجئ على سلوكهما.. «عم رمضان اللى كان بيشرب السيجارة على مراحل عشان يوفر.. ولله فى خلقه شؤون».
ظلت تروح وتجىء، و«الصوانى زى ما هيه فاضية»، إلا أن قطع دهشتى صراخ «عم رمضان» فى الشارع (يا نهار اسود.. عملت حادثة فين؟)، وحين سأله عم «عبده» البقال «حادثة إيه كفى الله الشر»، قال له «الواد بتاع (الدليفرى) عمل حادثة بالعربية نص النقل»، حينها لم أتمالك نفسى من الضحك والبكاء، أضحك على «خيبتى القوية»، وأبكى من فرط حسرتى على «اللحمة اللى مش هاكلها»، وتأكدت أن «اللى ربنا يخيبه محتاج بنطة لحام فى نفوخه»، وقررت مغادرة المنزل، وما أن رآنى حتى قال لى «عليا الطلاق ما انت ماشى.. العزومة لازم تكمل ولو على جثتى».
تجرعت المر، وكتمت غيظى وصعدت إلى السطوح من جديد، ودعوت الله إما أن يفرج همى، أو يأخذ روح عم رمضان، أخذ عزيز مقتدر، وحين نظرت من أعلى وجدت أم عبده «داخلة خارجة.. داخلة خارجة»، تدخل بيت ما وتعود منه بـ«صينية»، مرة «متغطية بفوطة»، مرة بـ«بنطلون عيل»، وأخرى بدون غطاء تلمع منها «اللحمة» كأنها «حلم ليلة صيف».
فجأة وجدت «عم رمضان» يتحول من صاحب دعوة إلى صاحب «بلوة» يساهم فى إنقاذها كل من هب ودب «جار يبعت شوية رز والتانى حلة محشى والتالت شوية شوربة وغيره حبة طبيخ وبصلة خضرا ما يضرش، وكام لمونة ماشى، وصدر فرخة عادى، وكام رغيف عيش ما يخسرشى»، حتى امتلأت «الصوانى الفاضية»، عن آخرها.
وحين أذن المؤذن لم أجد حولى غير «أم عبده وعيالها الـ7»، فقلت «يا نهار اسود المعازيم فين»، فسمعت «عم رمضان» من هيلف ينادى «إحنا المعازيم»، وحين سألته «إيه اللى حصل يا أسطى وكنت فين»، قال لى «كنت واقف عالسلم وكل واحد يسأل فين المائدة اللى هنا أقول له اتلغت»، حينها أدركت أن «ديل الكلب عمره ما يتعدل»، ووجدت نفسى بين خيارين أحلاهما «حادق»، إما إن «أخده قلمين على وشه وأقول له إيه يا ابن (الملحومة)، اللى عملته ده»، وإما أن أكظم غيظى، وأعفو عن «ابن المنفسة»، إكراماً لمعدتى، التى ظلت «تكاكى»، ولم أدر إلا أن أنتقم لكبريائى، وأشير إلى «أم عبده»، قائلاً «والنبى ناولينى ورك الفرخة اللى جنبك يا حاجة».