لا حديث الآن يهم ويشغل جمهور كرة القدم فى مصر إلا نهائيات أمم أوروبا التى بدأت، أمس الأول، فى فرنسا..
فهذا الجمهور المشغول مثل الآخرين بمطاردة وملاحقة مسلسلات رمضان وبرامجه، ثم التعليق عليها وتصنيفها والإشادة بها أو السخرية منها.. سيضطر الآن لسرقة بعض الوقت من جدول أعماله الدرامى والبرامجى المزدحم للفرجة على إحدى وخمسين مباراة كروية أوروبية فى إطار تلك البطولة التى هى الأقوى كروياً فى العالم حتى من نهائيات المونديال.. وأنا بالتأكيد لن أكتب عن هذه المباريات التى سيشاهدها الناس فى مصر على الهواء بطرق شرعية أو غير شرعية وفى الكافيهات والفنادق..
ولن أكتب عن نجومها ومنتخباتها الذين سيتابع الجمهور المصرى أخبارهم وحكاياتهم أيضًا على الهواء لحظة بلحظة.. لكننى فكرت أنه يمكن استغلال هذا الحدث الكروى الأوروبى الكبير للكتابة عن أوروبا لجمهور غارق تماماً فى بحار الدراما.. فالبطولة الأوروبية بدأت وفرنسا مرتبكة اجتماعياً وأمنياً، حيث تتوالى الإضرابات والمطالب، واضطر البوليس الفرنسى لأن يضيف إلى قائمة واجباته الاحتياطات الأمنية غير العادية خوفًا من هجمات داعش وتهديداتها وتفجيراتها.. ثم التعهد الأمنى بتنظيف سلال القمامة التى شوهت مدينة باريس نتيجة إضراب عمال النظافة والتعهد الأمنى أيضاً بنقل الجماهير للملاعب بعد إضراب عمال النقل والمواصلات.. وعلى هامش البطولة اعترف «فيفا» أخيراً بحق كوسوفو فى أن تصبح دولة مستقلة كروياً، واضطر الاتحاد الأوروبى لكرة القدم لإلحاقها بالمجموعة التاسعة للتصفيات الأوروبية للمونديال الروسى..
ولاتزال صربيا ترفض هذا القرار وأعلنت أنها ستحارب بكل قوة لطرد كوسوفو كروياً من كل وأى مكان.. ويعود بذلك للواجهة مجددًا الصراع السياسى الرياضى بين الأمم المتحدة من ناحية واللجنة الأوليمبية الدولية و«فيفا» من ناحية أخرى.. وفى نفس الوقت بدأت بريطانيا مؤخراً تفكر جدياً فى الانسحاب من الاتحاد الأوروبى السياسى والاقتصادى لكن تبقى منتخباتها الأربعة تشارك فى البطولات والتصفيات الأوروبية..
وفى الوقت الذى تزدان فيه منتخبات أوروبا بلاعبين ونجوم من أصول غير أوروبية.. أعلن الجهاز المركزى الأوروبى للإحصاء، أمس الأول، عن ترحيل أوروبا العام الماضى فقط ربع مليون لاجئ كانت أوروبا قد استقبلتهم عبر شواطئها أو بمبادرات إنسانية إعلامية، ثم عادت واكتشفت أن زماننا الحالى ليس زمن تلك المبادرات الإنسانية.. وسيجرى هذا العام ترحيل ربع مليون لاجئ آخر معظمهم سينتقلون إلى تركيا بعد أن دفعت أوروبا للرئيس التركى أردوغان ثمن استضافتهم..
أما صدمتنا الحقيقية فكانت إعلان المفوضية الأوروبية ضرورة صقل مهارات الشباب والفتيات فى أوروبا لتزداد فرصة حصولهم على عمل القارة الراقية العجوز التى لاتزال تطالب بمزيد من العلم والثقافة والتفكير..
بينما لانزال نحن فى مصر وبلدان العالم الثالث نتخيل أننا نلنا كفايتنا من التعليم والثقافة، وتفرغنا لاحتراف التنظير والتحليل والانتقاد والصراخ.. وفى النهاية لابد من الإشارة إلى أن فرنسا فازت على رومانيا وبهذا الفوز تم رسمياً افتتاح البطولة الأوروبية الخامسة عشرة، التى أرجو أن تستمر حتى نهايتها دون أى أذى أو أزمات أو أى خوف أو نقطة دم.