x

طارق عباس هل سيعتذر رئيس مجلس النواب؟! طارق عباس الجمعة 27-05-2016 21:11


لا يعنى الاختلاف فى الرأى تسفيه كل فريق للفريق الآخر، لأن الأصل فى الحياة هو الاختلاف وهو أهم سلاح المجتمعات القوية العفية من أجل النهوض والتطور، ولولا الاختلاف لسار الجميع يتحدثون نفس الكلام ويمارسون نفس الأفعال ويحسون نفس المشاعر ويدورون فى نفس الفلك، لولا الاختلاف لما تحرك شىء من مكانه ولما كان التنوع والتعدد والثراء الفكرى والمعرفى.

لكن ما يدهش الآن أن هناك من يسوق لفكرة «طالما لست معى فأنت ضدى» طالما لا تنفذ ما يُطلَب منك ولا تؤيد ما يدور فى الساحة السياسية – خاصة من جانب الحكومة – فأنت خائن وعميل ومندس وتأخذ تمويلا من مؤسسات أجنبية من أجل تخريب مصر، وكأن هناك رغبة فى إجبار عجلة الزمان على الدوران للخلف وإعادة إنتاج ما كان يحدث أيام مبارك ومرسى، وهو أمر خطير للغاية، لأنه من ناحية يزن الرئيس عبدالفتاح السيسى بميزان من سبقوه، وهو الذى وضع رأسه على كفه من أجل إنقاذ مصر من براثن الفاشية الدينية، ومن ناحية أخرى تزيد من تصدع الجبهة الداخلية ودفع بعض الخلايا المريضة للعمل بعيدا عن النور واستهداف مؤسسات الدولة باعتبارها جزءا من النظام السياسى وليس ملكا للشعب ولا أدرى لمصلحة من يتحول الاختلاف إلى عداوة وتصادر حرية الرأى والتعبير؟ لمصلحة من يُسَوق للمعارضة بوصفها أوراما سرطانية ينبغى استئصالها من أجل سلامة المجتمع المصرى؟.

بالمناسبة أدهشنى كثيرا ما أعلنه رئيس مجلس النواب المصرى دكتور على عبدالعال منتصف الأسبوع الماضى فى الجلسة الافتتاحية: (إن بعض مراكز تدريب النواب لا شغل لها ولا شاغل سوى هدم المؤسسات التشريعية والدستورية وانتقاد الموازنة العامة والإضرار بمصالح مصر الاقتصادية من أجل إسقاط الدولة، وسوف يعرض الأمين العام للمجلس تفاصيل تلك الحملة المدعومة من الخارج بمساعدة الداخل والتى تستهدف انتقاد المجلس فقط ومعارضة كل ما يصدر عنه من تشريعات وقوانين)، وأضاف: (كل من سيثير البلبلة بشأن السياسة النقدية للبنك المركزى سيُحول فورا إلى لجنة القيم لترى أمرها فيه)، وقال أيضا: (لقد التحق البعض بهذه المراكز للحصول على دورات تدريبية دون أن يعرف أهدافها، ولا نتحدث عن معلومات مغلوطة وإنما أمور تخص الأمن القومى المصرى ولا نشكك فى وطنية أحد، خاصة أن البعض ينزل هذه الدورات التدريبية دون إدراك منه بالنوايا الخبيثة للمدربين).

وفى تقديرى أن ما قاله السيد الرئيس يثير بعض الملاحظات منها:

أولا: ظهرت مراكز تدريب النواب منذ أول جلسة «10 يناير 2016» وظلت تعمل إلى يومنا هذا فإذا كانت خطيرة إلى هذا الحد فلماذا تُرِكَت كل هذه الفترة؟ هل بدأت نقية ثم سارت مشبوهة؟ ولماذا لم يُوَجه النواب لخطورة هذه المراكز حتى لا يتعاملوا معها؟.

ثانيا: لا يختلف اثنان فى أن مصر تتعرض لمؤامرات من كل صوب وحدب لكن ليس كل من ينتقد النظام السياسى هو متآمر، ومثلما توجد مراكز خطرة وممولة من أعداء مصر، فهناك مراكز تساعد النواب فى عمل الأبحاث وطلبات الإحاطة والاستجوابات مقابل أجور مادية معلومة ومتفق عليها، وعلى الجهات الأمنية مساعدة النواب على كشف الصالح من تلك المراكز من الطالح.

ثالثا: إن أعضاء المجلس ليسوا قُصرا كى يتم تهديدهم بضرورة الحذر من انتقاد السياسة النقدية وإلا سيتم تحويلهم للجنة القيم؟.

رابعا: أشارت بعض وسائل الإعلام إلى أن الأمين العام للمجلس لم يكن على علم مطلقا بما تحدث فيه رئيس المجلس، فأيهما نصدق؟.

يا سادة، لقد تطوع رئيس مجلس النواب بتخوين من سيتخذون مواقف تراجع الحكومة وتعطل قراراتها، متناسيا أن هناك من لعب هذا الدور فى السابق وكان جزاؤه النفى التام من الحياة السياسية بعد تحميله كل الأخطاء والخطايا التى كان من المفترض أن تُنسَب لغيره، ومتناسيا كذلك أن الحقائق متغيرة وما يراه سيادته صحيحا قد يراه غيره خاطئا، وما يكون اليوم مرفوضا قد يصبح فى الغد مقبولا، والموضوعية فى الاختلاف أشرف ألف مرة من التطرف فى السير نحو اتجاه واحد، فهل سيعتذر رئيس مجلس النواب؟.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية