x

نيوتن هيروشيما نيوتن الخميس 26-05-2016 21:42


عندما انتهت الحرب العالمية الثانية كان السوفييت قد اقتحموا برلين، بعدما دمر لهم الألمان ستالينجراد، وكان الفرنسيون جزءاً من قوة رباعية تحتل ألمانيا بعدما احتل النازيون باريس، وكان الألمان قد تركوا أكثر من 3 ملايين قتيل فى بولندا، وكان الأمريكيون قد قصفوا هيروشيما وناجازاكى بالذرَّة، وكان اليابانيون قد دمروا بيرل هاربور وأسروا آلاف الأمريكيين، وكان البريطانيون قد دمروا مدينة درسدن الألمانية، رداً على غارات هتلر على لندن ومدن بريطانيا الأخرى.

بعد نهاية الحربين الأولى والثانية، اكتشف الغرب والشرق، الرأسمالية والشيوعية، النازية والاشتراكية، أن الثأر عملية عبثية لا نهاية لها، الموت يجر الموت، والقتل يولد الخراب والأحزان والمجاعات والأطراف المقطوعة، لذلك اتخذت اليابان قراراً لا يتخذه الضعفاء، ولا المهزومون، وأصبحت حليفة أمريكا الأولى، وأصبحت فرنسا شريكة ألمانيا الأولى، وأصبح الجوار الألمانى- البولندى حدوداً مفتوحة على أكبر شراكة اقتصادية، والصين التى كانت ألد أعداء أمريكا، أصبحت أكبر ألد أصدقائها.

تخيل لو أن بلدان العالم ظلت بعد الحرب تحمل جروحها وأحقادها وثاراتها، تصور ما كانت عليه هذه الأرض اليوم لو أن أوروبا وأمريكا وآسيا لم تنس، تصور لو أن المكسيك لاتزال تتذكر أن إسبانيا قتلت منها خمسة ملايين بشرى، تصور لو أن الأفرو- أمريكيين لم يغفروا ذكريات العبودية.

لن يبدأ التاريخ العربى من جديد إلا إذا حدثت المصالحة، ثاراتنا أصغر بكثير مما حدث لهذا العالم، وأبعد بكثير فى الزمان، يجب أن نُسلم أمورنا للذين يبشرون بالصفح والمصالحة والمستقبل، وليَعِش أهل الماضى فى ماضيهم، أما المستقبل فلا يقوم على الحقد والمكاره والتوله بالعدم وحضارة التقطيع، وجعل الجحيم الأرضى درباً وحيداً إلى الجنة.

فى يوم واحد عادت ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية، حُولت جرائم الكره إلى متحف مقيت، لكى لا ينسى الناس عبث الظلم والظلام، وعاد الألمان عائلة واحدة، وعملاً واحداً، ويداً واحدة، تشكل أهم دولة فى أوروبا، ولاشك أنه لايزال هناك مَن يكتب اعتراضاته على الجدران، الجنون أيضاً لا يفنى، لكنه يدخل إلى مصح.

تعليق نيوتن:

المقال السابق للكاتب الكبير سمير عطاالله فى زاويته اليومية بجريدة الشرق الأوسط. معجبون بكل ما يُكتب. قلم رشيق. سهل وممتع. مقاله يؤكد رؤيتنا التى نشرناها فى هذه الزاوية من قبل. هذا طمأننى كثيرا. يوم 2 نوفمبر الماضى قلنا إن معاهدات السلام بعد الحروب لا تعنى نسيان الماضى. ولا يجب أن يحكم الماضى الحاضر والمستقبل. وقلنا فى مقال آخر بعنوان: «إعداد الدولة للسلم» نشرناه يوم الإثنين الماضى، إن 4 حروب خاضتها مصر فى أقل من 25 عاما فماذا كانت النتيجة؟ وماذا حصدنا من سلام منذ 43 عاما. من ثَمَّ أرى نداء الرئيس السيسى للسلام فى المنطقة فى غاية الأهمية. سيغير وجه الحياة فى هذه المنطقة تماما.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية