x

أسامة خليل أنا وطنى وبطنطن يا وطنطن.. بس يعنى إيه كلمة وطن؟ أسامة خليل الأربعاء 18-05-2016 21:45


■ أتمنى على مجلس النواب وهو يناقش قانونى الإعلام والصحافة الجديدين والمنوط بهما تنظيم وضبط الأداء الإعلامى والصحفى ووضع القواعد الأخلاقية والمعايير الأدبية والمهنية التي يجب أن يلتزم بها الجميع أن يتصدى لتعريف معنى «الوطنية»، تلك الكلمة التي لا تخلو قناة تليفزيونية أو برنامج إذاعى أو جريدة ورقية أو موقع إلكترونى من ذكرها، ولم يعد غريباً أن تقرأ أو تسمع أو تشاهد كل من اختلف في الرأى يتهم الآخر بأنه غير وطنى ومخرب ويسعى لزعزعة الاستقرار، من ثم بات لازماً أن نحدد المعنى الحقيقى لهذه الكلمة ليُجَرّم ويُعاقب كل من يخرج عن نص الكلمة أو يستخدمها لإرهاب غيره وتشويه سمعته بين أهله وناسه.

■ وهنا سيسأل قارئ استفزته هذه المقدمة: وأنت مالك تكتب عن هذه القضية؟ وما هي علاقة الرياضة وكرة القدم بما تسمعه أو تتابعه في البرامج السياسية، اتركها لأصحابها يتكلمون عنها؟ وهو تساؤل يبدو منطقياً وطبيعياً لمن لم ير ما رأيته ولم يسمع ما سمعته في برنامج استضاف على الهاتف المهندس هانى أبوريدة، عضو الاتحاد الدولى والأفريقى والمصرى لكرة القدم، بعد لحظات من وصوله إلى مصر قادماً من المكسيك، حيث كان يحضر اجتماعات الفيفا حيث سأله مقدم البرنامج- وهو نفسه المرشح على منصب النائب في قائمة أبوريدة الانتخابية- سأله:

■ كيف ترى الصورة في المستقبل بالنسبة لانتخابات اتحاد الكرة المصرى إذا قررت المحكمة الإدارية حل الاتحاد بشكل نهائى؟

■ أبوريدة: هناك اتفاق على عدم التدخل الحكومى، واتفاق آخر على عدم تضرر وزير الرياضة من كرة القدم، وهناك اتفاق ثالث على أن يقدم أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة بالكامل استقالتهم بعد استنفاد كل الاستشكالات القانونية لإيقاف قرار الحل على أن تقام الانتخابات الجديدة بعد الأوليمبياد.

■ مقدم البرنامج: وماذا سيحدث إذا لم يستقل بعض أعضاء الاتحاد؟

■ أبوريدة: لا أعتقد أنهم أقل وطنية.. أفترض أن الناس كلهم وطنيون وأنهم حيحافظوا على البلد.

■ مقدم البرنامج: فيه مخربين يا باشمهندس، وفيه ناس ما كانتش عايزه النشاط يرجع، وناس تطلع مظاهرات ودول أعضاء داخل مجلس إدارة الاتحاد ومش حنلف وندور على بعض.

■ أبوريدة: اللى أنا شايفه الناس كلها حتقدم استقالتها.

■ وعن نفسى وحتى يضع مجلس النواب تعريف كلمة (الوطنية)، ومن هو الوطنى؟ ومن الجاسوس أو المخرب؟ فاعذرونى أن أصف هذا الحديث وتلك الكلمات التي وردت فيه بأنها تحمل اتهامات بالخيانة والإرهاب والتخريب لكل من يختلف معهم في الرأى، وهذا كلام من العيب أن نستخدمه في الرياضة أو في انتخابات لعمل تطوعى اللهم إلا إذا كان هذا العمل التطوعى سيدر على أصحابه مكاسب مليونية تدفعهم لتشويه وتشهير وقتل معنوى ونفسى لكل من يقف أمام طموحهم أو يخالفهم الرأى.

- ووجهة النظر في هذا الأمر تنطلق من عدة اعتبارات:

■ أولاً: ليست هناك علاقة بين الوطنية والانتماء لهذا البلد وبين استقالة عضو أو بقائه في مجلس إدارة اتحاد الكرة، والربط هنا فيه تسفيه من معنى وقيمة الوطنية التي أراها أكبر وأعظم وأهم وأروع بكثير من أن تُذكر في هذا الموضع أو يتم استخدامها لإرهاب من يرفضون الاستقالة أو يقفون أمام طموح مجموعة تريد أن تقفز على اتحاد الكرة الآن، والأصل أن الشعب المصرى كله وطنى (من الوطنية وليس من الحزب الوطنى)، ومنهم أعضاء اتحاد الكرة الذين كنت ومازلت أختلف معهم، وأظن أنهم من أضعف من تولى المسؤولية، ولكن هذا لا يعطينى الحق أنا أو غيرى أن نشكك في ولائهم وحبهم للوطن، ففتح الباب أمام هذه الاتهامات المرسلة سيفتح علينا بوابة كراهية وحقد وانتقام لن تنتهى في وقت نسعى جميعا لبناء وطن جديد بعد سنوات من الضياع والتوهان والانفلات، وغياب القانون وانتشار الإرهاب، وسقوط شهداء وضحايا أبرياء من الجيش والشرطة والشعب.. واستخدام مثل هذه الاتهامات والتصنيفات في الرياضة أمر لا يجب أن يكون ولا يجب أن يخرج من هانى أبوريدة الذي كنت أتمنى أن يكون لديه من الكياسة وحسن الظن ورقى المقصد ألا يتهم من يرفض الاستقالة بأنه غير وطنى، فالوطنية ليست صكا يوزعه هانى أو أسامة أو زيد أو أي شخص كائناً من كان.

■ ثانياً: القول إن من يوافق على الاستقالة من عضوية اتحاد الكرة هو شخص يحافظ على استقرار البلد، وبالتبعية من يرفض يسعى لهدم استقراره.. كلام خطأ وفى غير محله، فمصر أكبر وأعظم وأقوى من أن تهتز لمجرد أن عضو اتحاد كرة رفض الاستقالة لاعتقاده أنه لم يرتكب خطأ قانونيا يُعاقب عليه، وأنه لم يخرق اللائحة أو القانون الذي انتخب على أساسه، أما وإن هناك خطأ إداريا وقع في العملية الانتخابية فهذا أمر لا يخصه حتى يدفع ثمنه، وبالمناسبة هذا حقه، والمخطئ الذي يجب أن يُعاقب هو من اتهمه أنه خائن أو غير وطنى أو مخرب لمجرد أنه تمسك بالحفاظ على حقه.

■ ثالثاً: قال مقدم البرنامج نصاً ودون مواربة أو تعليق من الضيف (فيه مخربين، وفيه ناس ما كانتش عايزه النشاط يرجع، وناس بتطلع مظاهرات، ودول أعضاء داخل مجلس إدارة اتحاد الكرة، ومش حنلف وندور على بعض) وهذا الكلام إن صح فهو كلام كارثى (من وجهة نظرى) وينضوى على اتهامات واضحة وصريحة، وإذا صح فإنه بالفعل يهدد أمن وسلامة البلد، ومن ثم فإننى أتمنى من مقدم البرنامج إذا كان صادقاً فيما يقول، ووطنيا «كما أظن»، ويحب هذا البلد «كما يقول» أن يتقدم فوراً ببلاغ للنائب العام ضد أعضاء اتحاد الكرة المخربين، فالصمت هنا مشاركة في استمرار وقوع الجريمة، أما إذا كان يقول تهديده على سبيل إرهاب أعضاء اتحاد الكرة لتقديم استقالتهم فحسبى الله ونعم الوكيل.

■ رابعاً: تحدثت قبل أسبوعين مع المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، بخصوص أزمة اتحاد الكرة ومشكلة قانون الرياضة والبند المخالف في القانون الجديد للدستور، وهو بند اللجوء للمحكمة الرياضية عند الطعن على القرارات الإدارية، وعلى حدود فهمى فإن الوزير يدير أزمة اتحاد الكرة بعقلية سياسية ويبحث عن مخرج هادئ دون صدام مع الفيفا من جانب أو تعطيل لأحكام القضاء وتعرضه هو شخصياً للمساءلة القانونية، ولكن هذه الحلول من الأكيد ستصطدم أمام اللغة التخوينية والتخوفية التي تحدث بها اثنان من المرشحين المحتملين لانتخابات اتحاد الكرة اللذان بدا عليهما (وأتمنى أن أكون مخطئاً في حدسى) الاستعداد لدهس أي شخص يقف أمام طموحهما في الصعود السريع للجلوس على كرسى من المفترض أنه تطوعى.

■ للمرة الثانية أقولها، وأنا أعنى ما أقول، إن المهندس هانى أبوريدة لديه فرصة، إذا حالفه التوفيق في الفوز برئاسة اتحاد الكرة، أن يعيد تنظيم اللعبة بالشكل الذي يحاكى الكرة العالمية بشرطين، الأول: أن يستفيد مما فعله رئيس الاتحاد الدولى الجديد لكرة القدم السويسرى جانى انفانتينو والذى بدأ أول اجتماعاته بقرار مفاجئ وصادم للعالم بتعيين السيدة السنغالية المسلمة «فاطمة سامبا ضيوف سامورا» سكرتيراً عاماً للفيفا كأول سيدة تتولى هذا المنصب، وأن يفهم، كما فهمت هذا القرار، أنه إعلان لثورة على الفساد الذي استشرى داخل المؤسسة الدولية بتعيين شخصية من خارج صندوق اللعبة وأشخاصه الذين احتكروا العمل فيها وجلسوا في مقاعدهم حتى تعفنوا عليها. الثانى: تطوير اللعبة يحتاج خبرات في التنمية البشرية والاقتصادية وليس في تفاصيل وفنيات اللعبة، وهذه السيدة الأفريقية وصلت إلى أرفع المناصب في الأمم المتحدة كممثلة للشؤون الإنسانية وممثلة لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة في نيجيريا، حيث تنسق أنشطة نحو ٢٠٠٠ موظف لمراقبة وتقييم الحالة الأمنية والسياسية والاقتصادية في أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.. ولكن ظنى أن أبوريدة لم يستوعب بعد هذه الرسالة المهمة بدليل أنه يعتمد على نفس المجموعة القديمة والأسماء المستهلكة التي أكل الدهر عليها وشرب، وبدأ حملته بالمصالحة بين اثنين من أعضاء القائمة متخاصمين منذ عام، إضافة لعلاقته التي أراها مريبة مع شركة بريزينتيشن المشترية لحقوق الأندية واتحاد الكرة، وهى علاقة لا تتسق ومبدأ الشفافية والفصل بين العمل العام والعلاقات الشخصية والتجارية.

■ من شواهد تربص الناس ببعضها واستدعاء نظرية المؤامرة في كل مشاكلنا الصغيرة والكبيرة، وجدت من أخذته الحمية في قضية حسام غالى مع المنتخب الوطنى وراح يتهم من ينشرون أخبارها وتفاصيلها بأنهم يزرعون الفتنة ويقفون أمام الإنجاز العظيم الذي حققه منتخبنا بصعوده لبطولة كأس الأمم الأفريقية، التي غاب عنها ثلاث دورات متتالية.. والأصل أن الموضوع عادى، ومشكلة كثيرا ما وقعت، وكثيرا ما عالجتها الصحافة والإعلام بنفس الطريقة المتعصبة والمبنية على معلومات مغلوطة في ظل امتناع أطراف الأزمة عن الحديث الصريح، المهم والأكيد أنه لا يوجد طرف متربص أو متعمد أو يريد الخراب للمنتخب، ولكن هذا هو دائماً حال الإعلام في معالجة هذه المشاكل التي يكون أطرافها نجوم الأهلى أو الزمالك.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية