x

أسامة خليل الأهلى والزمالك معاً ضد «العصابة» أسامة خليل الأربعاء 27-04-2016 21:13


بت على يقين أن إعلامنا الرياضى انتقائى وغير دقيق وموجه فى كثير من الأحيان فى اختيار الأخبار والأحداث التى يركز عليها ويصنعها ويقدمها للرأى العام ويطرحها باعتبارها هى القضية المحورية التى يتوقف عليها مستقبل الرياضة، وفى نفس الوقت لديه القدرة الخارقة على طمس أى معلومة أو قضية وإهمالها مهما كانت أهميتها طالما لا تخدم مصالح بعض المسؤولين النافذين الذين يسعون لبرمجة الحياة الرياضية على أهوائهم أو أهدافهم الخاصة.

ومن أهم الأحداث أو القضايا التى وقعت الأسبوع الماضى وطمسها الإعلام ولم يعطها حقها فى التناول والمتابعة- رغم أهميتها القصوى فى رسم خريطة الكرة بالطريقة والأسلوب واللوائح التى تضمن للأندية حقوقها واستقلالها لتتخلص من تبعيتها المقيتة لاتحاد الكرة، الذى ينتخب من جمعية عمومية متباينة المصالح ومختلفة الأحجام والأوزان- الحدث الذى أراه مهماً والخبر الذى جاء مفاجئاً وصادماً وعلى غير سير الأحداث وعلى غير رغبة جماعة تريد أن تهيمن على إدارة الكرة هو إعلان ناديى الأهلى والزمالك التنسيق الكامل وتوحيد جهودهما دون ضجيج لإيقاف اللائحة المسمومة التى أعدتها شلة المصالح لتمريرها من أعضاء الجمعية العمومية فى اجتماعهم الأخير، وهى اللائحة التى تزيد من هيمنة اتحاد الكرة على أندية الدورى الممتاز وتفشل أى محاولة لتشكيل رابطة مستقلة للأندية المحترفة وتبقيها مجرد لجنة ضمن لجان الاتحاد، وهى لائحة تعطى الاتحاد الدولى والكاف الشكل الذى يريده وتعطى اتحاد الكرة السيطرة على المضمون كما يرغبها. هذا الحدث المهم والذى تجاهلته أغلب البرامج الرياضية يجب النظر له على عدة محاور من منطلق أنه يرسم بالفعل مستقبل المسابقة المحلية وما إذا كنا ندفع بها نحو العمل الاحترافى مثل كل مسابقات الدورى فى العالم المتقدم أم نهبط بها إلى مزيد من العك والتهليب والتقليب لتمتلئ جيوب هذه الشلة أو تلك:

المحور الأول: مجرد أن يجتمع الأهلى والزمالك على هدف واحد من أجل مصلحة الكرة والأندية فهذا لم يجرؤ خيال أحد أن يتوقعه فى ظل حالة الشد والجذب بين الناديين فى العامين الماضيين وتحركهما المشترك بقدر ما كان مفاجئاً بقدر ما أتى ثماره بسرعة، حيث استجابت الأندية واستمعت لصوت مختلف لا يبغى مصلحة أو منصباً أو سبوبة، فإدارتا الأهلى والزمالك الحاليتان ليستا طرفاً من قريب أو بعيد فى أى شبكة أو وكالة إعلانية تعمل فى السوق الرياضية، كما كان يحدث فى السابق، ومسؤولو الناديين ليست لهم مصالح مالية أو إعلانية تدفعهم لصياغة لائحة أو المقايضة على أى بند لا يخدم مصالح الناديين وجماهيرهما، وهى المصالح التى كانت دائماً تقف عقبة دون إنشاء رابطة الأندية المحترفة وتبقيها مجرد كلام للاستهلاك الإعلامى.

أما الآن فظنى أن الوضع مختلف والناديين يملكان من القوة والاستقلالية والقدرة والشجاعة والرغبة والإرادة على فرض إرادتهما على اتحاد الكرة ويقتنصان فى هذه اللحظة المهمة حقوق الأندية من العصابة أو الجماعة أو الشلة التى يتم تشكيلها الآن للانقضاض والسيطرة على سوق الإعلان الرياضية من خلال اتحاد الكرة.

المحور الثانى: جاء الاتفاق والتنسيق الهادئ ليزلزل الأرض من تحت الجماعة أو العصابة أو الشلة التى وضعت تعديلات اللائحة الجديدة بعد أن أسقطت الأهلى والزمالك من حساباتها، باعتبار أن مسؤوليهما منشغلون فى المعارك الصغيرة والملاسنات والمشاحنات. المفاجأة أنه بمجرد أن اتفق الأهلى والزمالك دونما أجندات أو مؤامرات أو تربيطات أو تصريحات أو شو إعلامى نجحا فى جمع ٤٣ عضواً من أعضاء الجمعية العمومية، وأقنعاهم بالعقل وليس بالمصلحة، بالبينة وليس بالكباب والكفتة، بخطورة اللائحة التى قامت الشلة بطبخها، وأهمية أن تصنع الأندية لائحتها التى تحقق مصالحها وليس مصالح حفنة المستفيدين، وهو الأمر الذى استنفر قوى الشر داخل أفراد العصابة وراحوا يدفعون الأعضاء لعدم حضور الجمعية العمومية، الأسبوع الماضى، لإفشال حركة الأندية الحرة والمستقلة فى صناعة مستقبل أفضل للعبة يحاكى الأندية الأوروبية، وبالفعل نجحت قوى المصلحة فى إيقاف حركة الإصلاح مؤقتاً لتفسح لنفسها الوقت لبث الفتنة بين الأهلى والزمالك وتفتيت وحدتهما، وأجرى أحد مسؤولى الشلة، والمرشح على أحد المناصب الكبيرة فى انتخابات اتحاد الكرة، اتصالاً هاتفياً مع مسؤول أهلاوى كبير (اسمحوا لى أن أتحفظ على ذكر الأسماء)، وأغراه بأنه مستعد لمنح الأهلى ما يريده على أن تتوقف إدارته عن التعاون مع الزمالك ومسؤوليه المتقلبين، وأن توقف تنسيقها مع الأندية، وجاء رد الأهلى على غير ما يشتهى صاحب المصلحة، حيث اتخذ مجلس الإدارة فى اجتماعه الأخير قراراً بمطالبة اتحاد الكرة بالدعوة لجمعية عمومية طارئة والاستجابة لرغبة ٦٤ نادياً طالبت بعقدها لإقرار لائحة جديدة يضعها أعضاء الجمعية العمومية ولا تملى عليهم من شلة أو جماعة تشترى أصوات الأندية ببعض الكرات والفانلات ودعم زهيد لتجنى من ورائها الملايين عبر التستر خلف وكالات إعلانية وسماسرة تنظيم المباريات الدولية.

المحور الثالث: البنود التى اعترض عليها الأهلى والزمالك ومعهما الكثير من مجالس إدارات الأندية المحترمة، والتى تبغى المصلحة العامة وليس «النفحة» أو «المنحة» التى توزعها الشلة على الغلابة من الأندية الفقيرة التى يتم إغراؤها بمكسب صغير لتتنازل عن حقوق ومكاسب أعظم بكثير لو أحسنت وضع النظام الذى تدار به اللعبة:

أولاً: المادة ٦٢ اقتُرح تعديلها فى اللائحة الجديدة لتضمن عدم استقلال لجان الأندية المحترفة المزمع إنشاؤها لأندية الأقسام الأول والثانى والثالث، وجاء نصها: (تتكون كل من رابطة أندية القسم الأول والثانى والثالث من تسعة أعضاء ويتم انتخابهم من مرشحين بمعرفة الأندية ومن غير أعضاء مجالس إدارات الأندية، ويضاف إليهم مرشحان اثنان عن الاتحاد المصرى، ويتم انتخاب الرئيس من بينهم)، والبند بهذه الصيغة يغل يد الأندية فى تحديد عدد أعضاء مجلس إدارة الرابطة أو صفة من ترشحه، ويجبرها على ترشيح أعضاء من خارج مجالسها، فى حين يعطى هذا البند للاتحاد الحق فى ترشيح اثنين من أعضاء مجلس إدارته لدخول الرابطة، دون أن يشترط ألا يكونا من مجلس إدارة الاتحاد كما اشترط على الأندية، كما أنه لم يحصر مقعد الرئيس على مرشحى الأندية وجعله مفتوحا، بما يسمح لأحد ممثلى اتحاد الكرة بأن يتولى رئاسة اللجنة، بمعنى أوضح ومباشر فإن الاتحاد يسلب الأندية حريتها فى تحديد نظامها الداخلى.

ثانياً: حددت اللائحة التى اقترحتها «شلة المصالح» أهداف الرابطة وقصرتها على تشكيل لجنة لإدارة مسابقة القسم الأول وفقاً للقواعد واللوائح التى يضعها الاتحاد، وهو ما يعنى أن رابطة المحترفين ليست سوى لجنة مسابقات، والمصيبة الأدهى أن اللائحة المعدلة لم تعط لأندية القسمين الثانى والثالث الحق فى تشكيل هذه اللجنة حتى يظل مجلس اتحاد الكرة متحكماً فى الأصوات الانتخابية لهذه الأندية، فسيطرة الاتحاد على لجنة مسابقات القسمين الثانى والثالث يعطى له فرصة للتلاعب لمصلحة الأندية المرضى عنها وقهر الأندية المعارضة.

ثالثاً: فى المادة ٦٩ يظهر الوجه القبيح لأصحاب المصالح، وتُسقط ورقة التوت عن شلة الإعلانات والبث التليفزيونى التى تنسج شباكها للسطو على الاتحاد، وجاء نص المادة كما يلى:

(الاتحاد المصرى لكرة القدم وروابط الأندية لها حق بيع حقوق البث الفضائى للدورى العام مجتمعين)، وهذا هو قلب القصيد، وتلك هى الكارثة، ففى كل دول العالم الأندية وحدها هى صاحبة الحق الأصيل فى بيع حقوق بث مبارياتها فى الدورى، ووحدها صاحبة القرار فى تحديد إذا كانت تبيعه بشكل فردى أو جماعى، واتحاد اللعبة ليس له سوى الحصول على نسبته إذا وافقت الأندية على إعطائه نسبة من حقوقها، وهذا ما حدث فى الدورى المصرى الموسمين الماضيين، ولكن يبدو أن هذا البند لا يعجب شركة بريزينتيشن، التى يرعاها رئيس الاتحاد المحتمل، والتى عانت الأمرين فى التعاقد مع الأندية منفردة، ويريد القائمون عليها وشركاؤهم المستترون تسهيل المهمة فى المرة القادمة حتى يتضاعف المكسب من ١٠٠ مليون الموسم الحالى إلى نصف مليار، ووجود اتحاد الكرة كطرف يضمن لها فريسة سمينة وصيدا لذيذا، وهذا ما يفسر حرصها على رعاية مرشحى الجماعة والإغداق فى الدعوة لهم بين الأندية.

ومن ضمن البنود أيضا التى يعترض عليها الأهلى والزمالك وأندية الدورى الممتاز هو تحديد نسبة ١٥٪ من حقوق البث لصالح اتحاد الكرة، وهى نسبة يمكن وصفها بالإتاوة المفروضة على الأندية، فإذا كان اتحاد الكرة يحصل على اشتراك المسابقة ونسبة من عقود اللاعبين، والأندية تدفع رواتب الحكام وتؤجر الملاعب، فبأى حق وأى منطق أو عقل تستقطع هذه النسبة إلا إذا كانت إتاوة كما أقول؟!!

الخلاصة فإن التعديلات التى اقترحتها العصابة أو الشلة أو الجماعة جاءت لتفرغ رابطة الأندية المحترفة من محتواها وتسطو على حقوق أندية الدورى الممتاز، باعتبارها الطرف الأضعف داخل الجمعية العمومية، أما الآن وبعد أن اتحد الأهلى والزمالك فالفرصة كبيرة كى تستقل الأندية وتشكل رابطتها المحترفة وتخرج من عباءة جماعات المستغلين التى تسيطر على اتحاد الكرة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية