x

أسامة خليل البرلمان والوزير.. جمبرى مشوى وسمك مقلى.. يا فسفورك يا حكومة أسامة خليل الأربعاء 11-05-2016 21:38


فى الظروف الطبيعية وفى الأحوال العادية، وإذا كنا نعيش فى مناخ ديمقراطى سليم وصحى لنظام منتخب بإرادة حرة جاء بعد ثورتين، كان يمكن أن أصف الواقعة التى سأذكرها بأنها جريمة فى حق الوطن والمواطن، واغتصاب للحياة النيابية وفساد من الإدارة التنفيذية، ولكن فى ظل الريبة والشك والتشكيك فى وطنية وربما جنسية أى شخص يختلف مع أهل الأمر والحكم ويقول رأياً مخالفاً، ولو على سبيل زلة اللسان أو «تهور قلم»، فيُنَّكل بسمعته وشرفه وتُلقى عليه إما تهمة إخوانى متطرف، أو عميل لمنظمة إرهابية كونية تتآمر على مصر وتسعى لزعزعة استقرارها. ولأننى أفضل أن أسير إلى جوار الحيط، أو حتى داخله، ولا أبغى سوى أن أقول ما أراه صحيحا لوجه الله، وحباً لهذا الوطن- إذا سمحوا لنا أن نحبه- فإننى لن أتورط أو أتهور فى توصيف تلك الواقعة، بل سأكتفى بذكرها، وسأترك لكم الحكم ما إذا كانت تستحق أن أقف أمامها وأنزعج بشدة من وقوعها بهذه الفجاجة؟ أم أنها أمر عادى لا يستحق حساسية الوقوف أمامها أو إهدار الورق فى الكتابة عنها.

والواقعة التى أدهشتنى وأزعجتنى إلى حد الاستفزاز نشرت على موقع جريدة التحرير الإلكترونى تحت عنوان (تفاصيل عزومة السمك الودية بين الحكومة والبرلمان)، وتضمن الخبر حضور وزير الشباب والرياضة، المهندس خالد عبدالعزيز، لوليمة عشاء ضخمة أقامها المهندس فرج عامر، رئيس لجنة الشباب والرياضة فى مجلس الشعب، ورئيس نادى سموحة، فى أحد مطاعم الأسماك على النيل، وفى حضور الدكتور على عبدالعال، رئيس المجلس، وسليمان وهدان، وكيل المجلس، وما يقرب من ٤٠ من أعضاء مجلس الشعب ولجنة الشباب والرياضة!! وهنا أطرح بعض الملاحظات وليس الانتقادات (لا سمح الله)، فهؤلاء أهل الحكم والفصل، وجميعهم فوق النقد، خاصة إذا جاء من ناقد ينتمى إلى فئة الصحفيين الذين باتوا بين ليلة وضحاها منبوذين ومكروهين ومشكوكاً فى وطنية بعضهم!!

أولاً: ينص الدستور الذى أقره هذا الشعب فى مادته ١٠١ على أن «يتولى مجلس النواب الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية». ووفقاً للمادة ١٣١ «يحق لمجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم». فالدستور- كما أفهم- واضح وضوح الشمس فى تحديد اختصاصات المجلس ودوره الرقابى والعقابى، إذا لزم الأمر، على الحكومة ووزرائها.. وعزومة العشاء تضرب هذا المبدأ فى مقتل وتكسر الحاجز الفاصل بين النواب والحكومة.. فكيف يمكن أن أثق كمواطن فى جدية المجلس فى مراقبة وحساب وعزل- إذا لزم الأمر- وزير الشباب والرياضة، أو أى وزير آخر، إذا كان المجلس والحكومة «سهرانين» مع بعض على العشاء، فهل من المعقول أنهم يتعشون ليلاً ويتحاسبون نهاراً؟ إذا كان هذا معقولاً أو مقبولاً فى سُنّة هذا البلد «فحقكم علىَّ» لفهمى الخاطئ للدستور لأنه من المؤكد أن فهمكم أنتم (أهل الحكم) أعمق وأشمل.

ثانياً: المهندس فرج عامر، صاحب العزومة، هو نفسه رئيس نادى سموحة الرياضى، وهو بذاته الذى يجلس على مقعده فى النادى بقرار تعيين من وزير الشباب والرياضة، وهو بشخصه وبصفته كرئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب المسؤول عن مراقبة الوزير ومحاسبته والمطالبة بعزله وفقاً للدستور إذا أخطأ.. وهذه العزومة تكشف كتلة لا نهائية من تضارب المصالح، وتكسر كل معايير النزاهة والشفافية، وتكسو الجو بسحاب من الشبهات والريبة والشك، ففى النظم الديمقراطية لا يقبل وزير عزومة ولو على كوب شاى من شخص يرتبط بمصلحة مباشرة مع وزارته، وهذا ليس من قبيل الطعن فى الذمة، بل من قبيل ترسيخ مبدأ الشفافية.. فالوزير هنا مثل القاضى، مثل هذه العلاقات أو العزومات تعرض حكمه وقراره للحرج وتثير حوله الشبهات.. أما فيما يخص عضو مجلس النواب فالعزومة حتى ولو بريئة وعابرة فإنها تخرق الميثاق الذى قطعه على نفسه بالحفاظ على مصالح من انتخبوه بالرقابة على الحكومة.

ثالثاً: سبق أن نشرت فى هذا المكان معلومات عن أن المهندس خالد عبدالعزيز، الذى أكن له كل احترام وتقدير، وأثنى على مجهوده وذكائه كوزير سياسى، أنه يدفع نحو تغليب تولى رئاسة فرج عامر للجنة الشباب والرياضة على حساب طاهر أبوزيد (قبل أن يعتذر عن اللجنة)، وأنه لا يبخل فى تلبية طلبات أعضاء مجلس الشعب ومراكز الشباب الواقعة فى دائرتهم بتوصية من فرج عامر، حتى إنه قد نفى هذا لى شخصياً، فإن هذه العزومة فى حضور أغلب أعضاء لجنة الشباب والرياضة جاءت لترجح ما كتبته، فالوزير الآن بات يملك القوة داخل اللجنة، وأشك أنه سيذهب إلى استجواب ولو ذهب- لا قدر الله- فسيكون من أجل تجديد الثقة فيه وتوجيه الشكر على خدماته.

رابعاً: لا يمكن اللوم فى هذه الواقعة للوزير، بل على العكس يجب على رئيس الحكومة توجيه الشكر له على نجاحه فى الوصول بعلاقته إلى هذه الحميمية مع رئيس مجلس الشعب ووكيله، وهذا الكم الكبير من النواب، ولا أوجه اللوم للنواب، فهم منتخبون بإرادة حرة من أهالى دوائرهم، وذلك هو مفهومهم للدستور ومعنى الفصل بين السلطات، بل اللوم علينا نحن الشعب فهؤلاء هم من نستحقهم حكومةً ونواباً.

خامساً: أتمنى على المهندس فرج عامر، صاحب التصريح الشهير بأن «سموحة» كعبه عالى على الأهلى (فخسر بالثلاثة)، أن يتوقف عن وعوده بضبط بعض بنود قانون الرياضة لبعض الناس أو ما يصرح به فى جلساته عن عدم إقرار بند الثمانى سنوات فى القانون الجديد، فعدم إقرار هذا البند سيعيد تقنين الفساد مرة أخرى فى الأندية والاتحادات، وإذا كان يخشى من أن يستبعده هذا البند من الترشيح لنادى سموحة يكفى أن يشترط عدم تنفيذ القانون بأثر رجعى، وكده يبقى الكل إتراضى، هو أخذ سموحة ٨ سنوات، وإحنا كسبنا قانونا يحد من الفساد.

■ ■ ■

مر الجمعة الماضى بالذكرى الرابعة عشرة لرحيل المايسترو صالح سليم، ومن المعروف فى هذه المناسبة أن تكون احتفالية لتذكر محاسن الرجل على الرياضة والأهلى، ولكن هذه المرة أصر البعض على أن يأخذ من ذكرى رحيل المايسترو مناسبة لتعديد محاسن الأحياء، أو على الأخص الكابتن حسن حمدى ومحمود الخطيب، باعتبارهما حاملين شعلة الرجل والممثلين الشرعيين الشخصيين للتعبير عنه بعد رحيله، وأن أى شخص دونهما مدعٍ.. وأنا هنا لن أدخل فى جدل عقيم لإحياء الموتى الأحياء، فقط أريد القول إن صالح سليم ليس له ورثة، ولم يترك تركة حتى يتقاسموها، ولكن ترك أفكاراً ومبادئ وعاش شريفاً ومات نزيها ولم يلوث اسمه أو ذمته وستبقى أفكاره خالدة وتتوارثها الأجيال، المهم من يعمل بها لا من يتاجر بها.

■ ■ ■

لن أكلّ أو أمل من التذكير بأن صناعة كرة القدم فى مصر يمكن أن تدر أضعاف المبالغ الهزيلة التى تدرها الآن، وأن الشركة الراعية التى سطت على الأندية ربحت الملايين وحتى تغلق الباب أمام الأندية التى بدأت تنتبه وتفكر وتطالب بزيادة حصتها قررت أن تقوم بتوثيق العقود فى المحكمة الرياضية الدولية حتى تقطع الطريق أمامها لأى فرصة فى التراجع عن العقود، والأهم إغلاق الباب أمام رئيس الزمالك وتهديداته الهوائية بإلغاء العقد أو عدم إذاعة المباريات، لأنه بمجرد توثيق العقود لن يستطيع ولا حتى الكلام حتى لا يتعرض ناديه للعقوبات التى قد تصل للإيقاف فى حالة الإخلال بشروط التعاقد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية