x

أسامة خليل مكاسب الزمالك فى الجزائر.. وخسائر الكرة من الشبكة العنكبوتية أسامة خليل الأربعاء 20-04-2016 21:40


من أهم المكاسب التى حققها الزمالك فى رحلته إلى الجزائر، التى انتهت بصعوده إلى دورى المجموعات فى البطولة الأفريقية، ذلك السلوك الراقى للاعبيه فى مباراة العودة أمام بجاية الجزائرى وكياستهم وهدوئهم فى التعامل مع انفلات أعصاب بعض الجماهير الجزائرية، فهذا التصرف الذى جاء انعكاساً لسلوك الإدارة فى تعاملها مع مباراة الذهاب فى القاهرة والحفاوة التى استقبلت بها البعثة الجزائرية، جاء ليصب فى رصيد إغلاق ملف الخلاف الذى ضرب بين الشعبين فى التصفيات المؤهلة لكأس العالم عام ٢٠٠٩، أما المكسب الثانى وهو الأهم فهو رفع سكين الإقالة من على رقبة المدرب الأسكتلندى أليكس ماكليش، وهو مدرب كفء لديه رؤية وقادر على توظيف اللاعبين وفق إمكانياتهم، ويملك وعياً خططياً «وتكتيكياً» عالياً فى التعامل مع المواقف الصعبة، ومن المهم أن يتمسك الزمالك ببقائه حتى إن لم يحالفه التوفيق فى الفوز بالدورى.

■ ■ ■

هانى أبوريدة.. هانى أبوريدة.. هانى أبوريدة.. هانى أبوريدة.. أينما ولَّيت وجهك أمام برنامج رياضى على أى شاشة أو تصفحت جريدة يومية أو أسبوعية، عامة أو رياضية، أو موقعاً إلكترونياً، كبيراً أو صغيراً، سيقفز لك هانى أبوريدة بوجهه الأبيض الصبوح، وابتسامته العريضة، وورزانته المصطنعة، وهدوئه المفتعل، وحكمة الشيوخ فى آخر العمر.. فالرجل الذى اختفى عن الظهور ثلاث سنوات بات ضيفاً شبه يومى على وسائل الإعلام الكلاسيكية القديمة والتكنولوجية الحديثة ليعلن تدشين نفسه الحاكم القادم للكرة المصرية عقب نهاية ولاية «المحلل» جمال علام.

وقبل أن أغوص فى الكلام عن صلاحيته لهذا المنصب، أو أرفع له راية التسليم بأحقيته فيما يطمح إليه، أود الإشارة إلى أن هانى أبوريدة صديق شخصى أعتز به جداً، وبيننا تاريخ طويل من الود والاحترام، والجد والهزل، والشد والجذب، وكنت ومازلت أخاف عليه من نفسه ومن شلة المصالح التى يلفها حول رقبته.. ولا أخفيكم سراً أننى ترددت كثيراً قبل أن أكتب حتى لا أجرح علاقة- وأعلم أنى سأفعل- تربطنى بحنين الماضى لما يقرب من ثلاثين عاماً عرفته فيها مع كوكبة من أجمل الشخصيات التى أفنت حياتها فى إدارة اللعبة والارتقاء بها، وعلى رأسهم العظيم اللواء حرب الدهشورى، والمغفور لهم بإذن الله محمد السياجى وأحمد شاكر ومحمد حسام، إضافة للدكتور عبدالمنعم عمارة، والصديق الغالى الصحفى الكبير جمال العاصى، ولكن المصلحة العامة دائماً يجب أن تأتى قبل العلاقات وأكبر منها، واحترامى لنفسى وللناس يغلب العواطف، وعودة أبوريدة للظهور كلاعب أساسى فى رسم خريطة الكرة تستحق التوقف قبل أن نسلم له دون شروط فتغرقنا شبكة المصالح العنكبوتية الملتفة حوله.

قناعتى تؤكد أن الصديق هانى أبوريدة أمامه فرصة كبيرة لينقل الكرة المصرية إلى آفاق أبعد بكثير مما هى عليه، وأنه يملك من الإمكانيات الفنية والإدارية والسياسية والعلاقات الدولية والأفريقية ما يعطى لمصر فرصة العودة للتواجد بقوة على ساحة الكرة العالمية.. ولكن امتلاك الإمكانيات وتوافر المؤهلات لا يعنى بالضرورة امتلاك القدرة على تحقيقها أو النجاح فى تنفيذها، لأن هذا مرتبط بشروط وآليات يجب أن يلتزم بها وعلاقات شائكة يجب أن يتحرر منها وشبهات يجب أن ينفضها عن نفسه:

أولاً: عن الشروط، على رأسها أن يتخلى عن ذاتيته، وأن يعدّل منهجه: كيف يفيد الكرة وليس كيف يستفيد منها؟ فلا شك أن ارتباطه باللعبة أعطاه الكثير وقفز به إلى سدة الإدارة فى أكبر مؤسستين كرويتين فى العالم؛ الاتحادين الدولى والأفريقى، ولكن الكرة المصرية لم تستفد بنفس القدر كما يجب أن يكون، وحضوره فى الأزمات الكبرى كان باهتاً، كما حدث فى أزمة مباراتنا مع الشقيقة الجزائر عام ٢٠٠٩ فى التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم ٢٠١٠ فى جنوب أفريقيا.. وهى أيام سوداء أدعو الله ألا تعود، وأنهاها كلٌّ من نادى الأهلى فى العام الماضى بسلوك إدارته ولاعبيه الراقى خلال مباراته مع وفاق سطيف فى كأس السوبر، وأتمَّها نادى الزمالك قبل أيام باستقباله الحافل لفريق بجاية الجزائرى، وسلوك لاعبيه المسؤول فى مباراة العودة قبل يومين.

وهنا لا أريد أن أتعمَّق فى التفاصيل، وكيف كان يمكن لأبوريدة أن يلعب دوراً أكبر وأعمق فى تسوية المشكلة، وأن يحدَّ بصوته المسموع كعضو فى الاتحادين الأفريقى والدولى من تدخل السياسيين، خاصة أنه كان قريب الصلة من دائرة صنع القرار فى مصر وقتها، ولا أريد أن أجتر الماضى المزعج، ولكن من المهم أن ينتبه أبوريدة إذا حالفه التوفيق وتولى رئاسة الاتحاد إلى أن فرص نجاحه وبصمته الحقيقية ليست فى كثرة أحاديثه وكسب رضا الصحفيين والإعلاميين، بل بقدرته على الإنجاز وتغيير نظام الكرة المصرية من عشوائية مطلقة إلى أوروبية منظمة، فكما تحتاج مصر إلى بطولات وألقاب تحتاج أكثر إلى نظام، فإنجلترا مثلاً لم تفز بكأس العالم سوى مرة واحدة، ورغم ذلك لديها أقوى مسابقة محلية فى العالم، وكذلك إسبانيا، فأزمتنا فى نظام يفرز بطولات محلية قوية وممتعة وليس بطولات تحدد مواعيد مبارياتها «على ما تفرج» أو تتوزع على أيام الأسبوع السبعة.

ثانياً: من المهم أن يبرئ أبوريدة ذمته من علاقته مع شركة بريزينتيشن، وهى الشركة التى قفزت إلى الساحة العام الماضى واشترت حقوق الدورى واتحاد الكرة والمنتخبات تحت رعاية ومساعدة مباشرة منه، وترددت أنباء قوية أنه الشريك المستتر، والشواهد هنا كثيرة، منها أن الراعى الرئيسى المتعاقد مع الشركة يرتبط بعلاقة نسب مع أبوريدة، وأن المدير التنفيذى لبريزينتيشن كان ومازال الساعد الأيمن لأبوريدة، ناهيك عن الأدوار التى تقوم بها الشركة فى منح العطايا وتوزيع الهبات والتعاقدات على من يريد أبوريدة ضمه أو استمالته أو «تهويده» (من الهوادة).

وفى هذا الصدد أملك الكثير من المعلومات الموثقة، أتحفظ على نشرها الآن، ربما ينتبه ويفصل بين علاقاته التجارية والمؤسسة التى ينوى الترشح لرئاستها، فاستمرار الوضع على ما هو عليه واحتفاظه بحصته فى ملكية بريزينتيشن (إذا كانت له حصة) سيفتح عليه باب جهنم، ووقتها لن يحميه أصدقاء جلسات السمر والمنفعة، أو إعلامى انقلابى لا ينطق إلا عن هوى، وسيخرج خاسراً الجلد والسقط.

ثالثاً: من أبرز ما يعيب هانى أبوريدة شلة الثعابين التى يلفها حول رقبته، وهذا العيب كان ومازال وسيظل موضوع أزمة وخلاف كبير بيننا مستمر لسنوات، فالمجموعة التى تلتف حوله وجودها مرتبط بمدى المكاسب التى تحققها من خلفه، لذا أينما يوجد أبوريدة ستجد التعيينات فى المنتخبات، والإدارات التنفيذية التى يشرف عليها لا تخرج عن أربعة أو خمسة أسماء بعينها تظل موجودة مهما كانت أخطاؤها أو مصائبها، ويبقى أبوريدة منسحقاً أمام رغباتها وتوحشها، وزاد على ذلك هذه المرة بتشكيلة غريبة وقائمة مريبة من بعض الأسماء لا يجمعها سوى الترضيات والتوازنات والضغوطات والمصالح.. وأبوريدة لو كان يريد الإصلاح والنجاح فأمامه الفرصة ليختار أكفأ الخبرات من أجيال مختلفة مشهود لهم بالنزاهة والتجرد والاحترافية والسمعة الطيبة.. وهم كثيرون، وعليه فقط أن يوسّع معايير الاختيار، وألا تقتصر على الشلة والأصدقاء والتوازنات والحسابات وسيجد من ينفعه وينفع الكرة المصرية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية