قبل أسابيع ظهرت عدة رسائل من جانب مسؤولين فى الحكومة مفادها أن الحكومة تتجه إلى إنشاء مصانع جديدة مملوكة لها.
وبعدها بأيام قليلة خرجت تصريحات مضادة من مسؤولين فى الحكومة ذاتها تؤكد أن الحكومة لن تستثمر أكثر من مشروعاتها الحالية، وهو ما أكده وزير التجارة والصناعة فى حوار مع «المصرى اليوم» قبل أيام، وأمس قالت وزيرة التعاون الدولى أمام أعضاء الغرفة الأمريكية إن الحكومة لن تزاحم القطاع الخاص وعندما نحاول أن نحصل من أحد وزراء الحكومة على تأكيدات بشأن توجه الحكومة الحقيقى تكتشف أنك تسأل عن «الفنكوش».
وحتى لا يزايد أحد على موقفى ورأيى الشخصى أقول بملء فمى.. إن هناك مسؤولين فى الحكومة يحتاجون لتأهيل قبل إطلاق التصريحات.. قراءة الدستور والقانون جيدا.. والتعرف على توجهات الحكومة داخليا وخارجيا حتى تتناغم تصريحاتهم مع تلك التوجهات والأحكام.. أنا لست ضد خروج الحكومة من السوق، فلابد أن تحتفظ بأذرعها فيه بشرط أن تغير طريقة إدارتها والقوانين الحاكمة لتلك المشاريع لضمان تحولها من الخسارة إلى الربح، وضمان قدرتها على تحمل التنافس العادل فى السوق..عليها أن تغير مفاهيمها برمتها بشأن هذا الملف وبشأن الخصخصة «الاثنين معا»، فيمكنها أن تملك وتدير وتحصل على الربح «وليس الخسارة كما يحدث الآن»، على الحكومة أن تستوضح من الحكومات الأخرى «الأصدقاء والأعداء إن تطلب الأمر»، كيف تمتلك تلك الحكومات المشاريع وكيف تديرها سواء كانت ملكية كاملة أو جزئية- عليها أن تدرس مثل تلك الحالات فى الإمارات وجنوب أفريقيا والسعودية وفرنسا وبريطانيا وأمريكا «قلعة الرأسمالية ذاتها».
أذهلتنى تصريحات رئيس إحدى الهيئات السيادية بشأن إنشاء مصنع جديد.. لماذا ولمن وكيف؟.
هل تنوى الحكومة أن تفتح بلاعة جديدة لتهدر بها ملايين ومليارات جديدة لتغطية خسائر الشركات العامة حاليا مثلما يحدث مع شركات المحلة وغيرها.. إذا كانت تريد الحفاظ على أذرع لها بالسوق لضمان التوازن عبر أدواتها الحالية فأهلا وسهلا، ولكن عليها أن تقطع الحبل السرى المغذى لتلك الشركات الخاسرة.. فلا يعقل أن يظل جنينها المولود فى الستينيات بلا فطام حتى الآن أم أن لديه فتوى «إرضاع الكبير»!!، عليها أن تنفض الغبار عن نفسها لتفكر بشكل سليم وصحيح، وعليها أن تعلم مسؤوليها فن العامل مع الرأى العام والتصريح بما يخدم توجهاتها الخارجية والداخلية.. كفانا من هؤلاء المسؤولين المنتحرين بتصريحاتهم، فلم نعد نملك تلك الرفاهية ولم تعد لدينا رفاهية المغامرة بما أنفقنا عليه من ملايين ومليارات وتضحيات أخرى.