x

ياسر أيوب هكذا يسقط الكبار يوماً وراء يوم ياسر أيوب الثلاثاء 03-05-2016 21:27


نعم سأكتب وسط كل هذه الظروف عن نادى ليستر سيتى.. لن أصمت أو أحتجب، ولن أصرخ أو أشتم، ولن أهرب أو أستسلم.. فإذا كان أهل الكرة سيرون فى فوز ليستر سيتى بالدورى الإنجليزى، أمس الأول، مفاجأة كبرى.. فإننى أرى فى هذا الخبر ما هو أكبر وأهم وأعمق وأجمل من مجرد مفاجأة حتى لو كانت بمساحة ملعب كرة.. أراه دعوة للأمل..

فالتغيير ليس مستحيلا، والانتصار يبقى ممكنا بكل حلاوته وضرورته مهما كانت قسوة القيود أو ارتفاع الأسوار والعتمة رغم شمس النهار.. هذا هو ما أثبته، أمس لأول، النادى الإنجليزى الذى يلعب الكرة فى إنجلترا منذ مائة واثنتين وثلاثين سنة ولم يفز بالدورى إلا هذا الموسم فقط.. ومنذ تسع سنوات فقط كان ليستر سيتى يأمل ويطمح فى الترقى لدورى الدرجة الأولى فى إنجلترا..

ومنذ ثلاث سنوات فقط أصبح يلعب فى الدورى الممتاز، وكان يصارع طيلة الموسم الماضى حتى لا يهبط من جديد، وهذا الموسم يصبح بطلا للدورى ويخطف اللقب والدرع من الكبار مثل تشيلسى ومانشستر سيتى ومانشستر يونايتد وأرسنال وتوتنهام.. ولم يكن هؤلاء الكبار يساندهم فقط تاريخهم وبطولاتهم السابقة وحكايات انتصاراتهم الكثيرة والكبيرة..

إنما كان ولايزال معهم الإعلام أيضا.. ومعهم المال الذى لا حدود له أو نهاية.. حتى إن كلاوديو رانيرى، مدرب الفريق، سبق له أن قال إن ناديه أنفق على كل لاعبيه هذا الموسم ما يقل عن ثمن لاعب واحد فى تلك الأندية الخمسة الكبيرة.. أما المراهنات على فوز ليستر سيتى بالبطولة قبل انطلاق الموسم فكانت واحداً إلى خمسة آلاف.. ورغم كل ذلك.. انتصر ليستر سيتى وفاز بالدورى..

رغم كل ذلك أثبت ليستر سيتى أنه ليس بالقوة أو المال أو النفوذ أو السلطة أو التاريخ أو الإعلام يكون ضمان الاستمرار والنجاح والانتصار.. ولو كان ليستر سيتى فاز بمباراة أو حتى ببطولة كأس تكثر فيها النتائج المخطوفة، والتى يسهل سرقتها فى لحظة بهدف طائش يقلب كل الموازين.. ما كنت قد توقفت أمام حكاية هذا النادى.. إنما فاز ليستر سيتى ببطولة الدورى الممتاز الإنجليزى.. حاول وحارب واجتهد وعاند الظروف والعوائق والفوارق أسبوعا وراء أسبوع..

وهذا الإيقاع الطويل والبطىء يعنى أنه لا شىء جاء بالمصادفة أو العشوائية.. وأن الكبار لم يخسروا كل شىء فجأة وإنما تكونت خسارتهم ومواجعهم يوما وراء يوم.. فالكبار يخسرون حين يتصورون أنهم أبدا لا يخطئون.. حين يتخيلون أنهم امتلكوا كل شىء ولا أحد باستطاعته الوقوف أمامهم.. حين يظنون أن قطارهم وصل محطة نهايته سالماً وآمناً ثم يكتشفون فجأة أن محطات كثيرة وجديدة وبعيدة لاتزال تنتظر نفس القطار..

وهذا بعض ما تعلمته من حكاية النادى الفائز بالدورى الإنجليزى هذا الموسم، ومن مدينة ليستر نفسها فى وسط إنجلترا، التى كانت مدينة صغيرة مهملة تجمع فيها اللاجئون والمهاجرون الأجانب، وأصبحت اليوم إحدى العواصم التجارية والصناعية وقاهرة لندن ومانشستر فى كرة القدم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية