x

محمد حبيب الجزيرتان فى المجلس محمد حبيب السبت 30-04-2016 21:50


أدهشتنى تصريحات السيد المستشار مجدى العجاتى، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، التى أدلى بها لصحيفة «المصرى اليوم»، والتى قال فيها: «إن البرلمان سيوافق على إعادة جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية»، وهو ما يمثل - على حد قول أحد السادة النواب - افتئاتا على دور المجلس وإصدارا لأحكام مسبقة بشأن قضايا مهمة وحساسة، واتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية لم تسلم إلى المجلس حتى الآن(!). ولو أن السيد المستشار قال: أرجو، أو أتمنى، أو آمل أن يوافق مجلس النواب على الاتفاقية، لكان ذلك معقولا ومقبولا، فلكل إنسان الحق فى أن يتبنى هذا الرأى أو ذاك، لكن ليس من حقه أن يستبق الأحداث ويصادر على رأى المجلس.. المفترض أن القضية أصبحت فى ملعب مجلس النواب، وهى مهمة صعبة وثقيلة، وسوف يترتب على نتائجها - أيا كانت - آثار لها ما بعدها.. ومن ثم أرجو أن يأخذ المجلس حظه الكامل فى الوقت والبحث والدراسة والمناقشة، وألا يستعجل الخطى، حتى لا نفاجأ بما ليس فى التصور ولا فى الحسبان.. بالأمس القريب، ظهرت - لدى البعض - وثائق لم تكن متوفرة من قبل، فهل من الممكن أن تظهر وثائق أخرى جديدة؟! أيضا هناك من كانوا بالأمس يقولون بمصرية الجزيرتين، لكنهم اليوم غيروا رأيهم إلى سعوديتهما.. لذا، نرجو أن يكون التعامل مع القضية أكثر رصانة وعمقا واتساعا، ونرى أنه من الضرورى تشكيل لجنة متخصصة من المجلس ذات دراية وعلم وفقه فى القانون الدولى، والتاريخ، والاستراتيجية، والأمن القومى، والمواثيق الدولية.. إلخ، حتى تكون على قدرة وكفاءة فى إدارة وتناول مفردات القضية من كافة جوانبها.. هذه اللجنة تصب عندها كل الآراء والأفكار التى طرحت خلال الفترة الماضية وما سوف يستجد، سواء ما كان منها مؤيدا للاتفاقية أو معارضا لها، مقرونا بالأدلة التى استند إليها كل من الطرفين.. وأقترح تشكيل لجان استماع يدعى إليها علماء وخبراء متخصصون فى كل ما يتعلق بالقضية.. بعد ذلك تجمع كل الآراء، ومع كل رأى أدلته وحججه، ثم توزع على كل الأعضاء لقراءتها وفهمها على الوجه الصحيح، ويعطى الأعضاء فى ذلك فترة معقولة، يدعون بعدها لمناقشة القضية فى جلسات عامة، بحيث يدلى كل من يريد من الأعضاء بدلوه.. أرجو أن تكون هذه الجلسات علنية، وحبذا لو خصصت القنوات الفضائية برنامجا للمعلقين من أهل الاختصاص، حتى تكون الجماهير على بينة مما يجرى.. وإذا اتضح للجميع أن الجزيرتين مصريتان، تصبح الاتفاقية وكأنها لم تكن، ويعتبر الأمر منتهيا.. وإذا ثبت أن الجزيرتين سعوديتان، لكن السيادة عليهما كانت لمصر، طوال تلك الفترة، فهاهنا تطبق المادة (١٥١) من الدستور التى تنص على: «ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة.. وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة».. شخصيا، أعتقد أنه لن يكون هناك خلاف بين مصر والمملكة السعودية حول استمرار سيادة مصر على الجزيرتين، لو جاء الاستفتاء رافضا للتنازل عن حق السيادة، حيث إن الأسباب التى دعت مصر إلى فرض سيادتها على الجزيرتين ما زالت قائمة، ولا أتصور أحدا يقول بغير ذلك.. ما يقلقنى هو الخلافات السياسية، بيننا نحن المصريين، إذ إننا كثيرا ما نفشل فى إدارة الأزمات، ولا نعرف كيف نتعاطى معها، وسرعان ما نتحول إلى فريقين متصارعين، فريق مع النظام ومؤيد له، وفريق آخر ضده ومعارض له.. ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل يتجاوزه إلى التخوين والاتهامات بالعمالة.. إلخ. يجب أن نعترف بأن الطريق نحو الديمقراطية مازال طويلا، وأننا - للأسف - لا نبذل أى جهد لبناء ثقافة الاختلاف، بحيث يحترم كل صاحب رأى الرأى الآخر، وبالتالى يعطى للمجتمع صلابة وثباتا وقدرة على مواجهة التحديات.. أرجو أن يكون الخلاف حول قضية الجزيرتين مصريا صرفا، وألا تدخل المملكة العربية السعودية طرفا فيه، فكفى بالأمة تفرقا وتشتتا وتشرذما.. إن علاقتنا بالمملكة العربية طيبة، ويجب أن تكون كذلك، فهذا كفيل بمعالجة أى مشكلة وكل ما من شانه أن يؤثر سلبا على هذه العلاقة لابد من التعامل معه بحكمة واقتدار.. إن التنسيق والتعاون بين مصر والسعودية فيما يخص الأمن القومى المصرى والعربى يجب أن يكون محل نظر واعتبار.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية