قالت الدكتورة هدى عبدالناصر، أستاذ العلوم السياسية، كريمة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر: «لقد عثرت بالصدفة المحضة على وثيقة لوزارة الخارجية بتاريخ 20 مايو 1967، قبل إغلاق خليج العقبة بيومين، صادرة عن إدارة شؤون فلسطين فى وزارة الخارجية عنوانها الملاحة الإسرائيلية فى خليج العقبة، منذ إنشاء دولة إسرائيل فى 1948، وأن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان، وتولت مصر الدفاع عنهما عقب تهديد إسرائيل باحتلالهما».
هل لهذه الوثيقة أصل فى وزارة الخارجية؟ وإذا كانت موجودة وثابتة فى هذا التاريخ فى إدارة شؤون فلسطين، لماذا لم تظهرها وزارة الخارجية فى بيانها الهزيل عن ملكية المملكة العربية السعودية للجزيرتين؟ هل من يملك فى أرشيفه مثل هذه الوثيقة يهملها ويذهب إلى مقال مبهم للدكتور محمد البرادعى ينكره فى تغريدة مبهمة لاحقا، مما عرّض الخارجية لحرج بالغ؟
هل من يملك هذه الوثيقة الخطيرة فى حاجة إلى خطاب الدكتور عصمت عبدالمجيد أو اجتهاد الدكتور مفيد شهاب، أو خطابات ومكاتبات أخرى لا ترقى إلى مستوى هذه الوثيقة ووزنها فى هذه القضية، أخشى- كما قالت الدكتورة هدى- أن «وزارة الخارجية لا تملك أرشيفًا منظمًا، حيث إن هذه الوثيقة موجودة بالوزارة تحت اسم (سرى جدا)، وتم إرسالها لرئيس الجمهورية لأخذ قراره بخصوص هذا المضيق».
أخشى أن وزير الخارجية سامح شكرى تفاجأ مثلنا بوجود هذه الوثيقة فى أرشيفه وهو غافل عنها، وأرجو ألا يخرج علينا المتحدث الرسمى مكذباً الوثيقة أو نافياً وجودها أو ملتمساً الأعذار لعدم الكشف عنها، وعلى وزير الخارجية أن يبحث وجودها أولاً، وإذا عثر عليها عليه أن يعيد التفكير فى كيفية إدارة أرشيف وزارة الخارجية، إذا كانت هناك إدارة وعجزت عن تزويد الوزير بمثل هذه الوثيقة فى هذه القضية الحساسة، هل مثل هؤلاء صالحون لإدارة أرشيف هو الأغنى وثائقياً ربما يفوق أرشيف رئاسة الجمهورية، هو الأقدم يعود إلى حكم محمد على باشا، تحت مسمى «ديوان الأمور الافرنكية»؟!
وثيقة الدكتورة هدى على خطورتها فى هذه القضية الخطيرة تؤشر على «غفل» فى وزارة الخارجية عجزوا عن دعم موقفها بوثيقة تحت أيديها، هل لجأ الوزير إلى الأرشيف واطلع على مكاتباته ووثائقه؟ هل راجع موقف الجزيرتين من خلال الوثائق فى الطابق الذى يعلو مكتبه؟
أخشى أن الوزير لم يتوقف أمام ما يحويه الأرشيف من وثائق فى قضية على هذا القدر من الخطورة، لأنها لم تقدم إليه أصلاً، غفل عنها أو تكاسل عن إدراكها من لا يرعوى لهذا الأمر الجلل.
التحلل الذى ضرب مؤسسات الدولة المصرية، والاستسهال الذى استولى على القائمين على دواوينها، أخشى تسلل إلى ديوان الخارجية المصرية. ما حدث من تجاهل لهذه الوثيقة يؤشر على حالة أرشيف وزارة الخارجية. الدكتور هدى عبدالناصر تقطع بالقول بأن الخارجية لا تمتلك أرشيفاً منظماً، وهذا حقيقى، وإلا كانت تحصلت الخارجية على وثيقة تحصلت عليها الدكتورة هدى، كما تقول بمحض الصدفة، (ولهذه الصدفة مقال لاحق غداً).
ما أخشاه أن أرشيف الخارجية منقوص، وهنا تصبح كارثة، أين ذهبت وثائق إدارة شؤون فلسطين فى وزارة الخارجية؟ هل لاتزال محفوظة؟ وإذا كانت محفوظة، هل بكامل وثائقها؟ وإذا كانت بكامل وثائقها، هل تمت ميكنة هذه الوثائق وأرشفتها بالطرق الحديثة لإمكان استرجاعها والعودة إليها؟.. أخشى أنها صارت أوراقا صفراء فى ملفات ملفوفة بدوبارة بالية فوق رفوف صفيح صدئ تحتاج إلى جهبذ ليفك طلاسمها.
وثيقة الدكتورة هدى تمثل إحراجا هائلا لوزارة الخارجية، كيف غابت هذه الوثيقة عن الوزير أو غُيّبت عن الدولة المصرية؟ وبالمثل هذه الوثيقة لها أصل ثانٍ فى أرشيف رئاسة الجمهورية، وإلا ما وصلت إلى الدكتورة هدى ضمن وثائق الرئيس عبدالناصر التى تعمل عليها توثيقاً، هل توفر أحد فى الرئاسة على مطالعة أصل وفصل وثائق الجزيرتين فى رئاسة الجمهورية قبل إعادتهما إلى المملكة السعودية؟.. أشك!!