x

جيهان فوزي «محنة» السلام و«منحة» المقاومة جيهان فوزي الجمعة 29-04-2016 21:26


مشهدان شديدا الأهمية يظهران توجه المزاج العام الفلسطينى مؤخرا في الضفة الغربية، وكلاهما يعبر جليا عن انزلاق السلطة الفلسطينية نحو الانهيار والتلاشى وتداعى الصمود.

المشهد الأول: حدث منذ نحو أسبوعين حين ظهر ملثمون بأقنعة تحمل شعار كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية لأول مرة منذ 10 سنوات، بعد أن كانت السلطة قد منعت أي عمل مسلح للفصائل الفلسطينية وراحت تلاحق كل سلاح خارج سلاحها الرسمى، وهو ما يعد تحديا جديدا لها، فظهور عناصر القسام جاء في بيت عزاء لعائلة أحد الشهداء من مدينة بيت لحم في الضفة الغربية الذي قضى في عملية تفجير حافلة في القدس، وأعلنت حماس لاحقا أنه ينتمى لها قبل أن يعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلى «الشاباك» أنه اعتقل خلية من بيت لحم تنتمى إلى حماس تقف وراء التفجير.

الظهور الذي صاحبه دخول الملثمين لبيت العزاء وتقبيل رأس والدة الشهيد وسط الزغاريد والتهليل والوعيد بمواصلة التحريض والحشد ضد الاحتلال وتصعيد المقاومة، أثار جدلا فلسطينيا واسعا واهتمام إسرائيلى من جهة، وغضب في السلطة الفلسطينية من جهة ثانية، في الوقت الذي سارع فيه الإعلام الإسرائيلى بانتهاز الموقف واعتبره إشارة لتوجه الفلسطينيين، واصفا ماحدث بـ«طقوس الموت» التي يبارك فيها أنصار حماس موت أحد زملائهم متجاهلين الأسباب الحقيقية وراء ذلك، وأن لكل فعل رد فعل طالما القمع مستمرا فالمقاومة أبدا لن تموت.

أما المشهد الثانى: فيتمثل في فوز الكتلة الإسلامية التابعة لحماس في الانتخابات الطلابية لجامعة بيزيت وهزيمة كتلة فتح التابعة لحركة فتح أمامها، فقد عزز فوز حماس في الانتخابات الطلابية لأكبر جامعة في الضفة الغربية وأهمها من قوة حماس، وربما كشفت نتائج الانتخابات عن حجم الفجوة بين كتلة فتح الطلابية وقيادتها على الأقل في طرح الكتلة لبرنامج مغاير لما تسير عليه القيادة بسبب مواقفها غير الصائبة وعدم وجود رؤية واضحة لحركة فتح، فخطاب طلبة فتح في الانتخابات يتناقض تماما مع سلوك قادتها الذين ينسقون أمنيا مع الاحتلال والغارقين في الصراعات الداخلية والفساد ضمن سياسة ممنهجة أصبحت تسيء للحركة وتغضب قاعدتها الآخذة في التفكك والتشرذم والانحسار.

هذان المشهدان يفتحان أبواب التشكيك والتكهنات، ويثيران المخاوف من القادم، فالمشهد الأول يشير إلى نية حركة حماس مواصلة العمل في الضفة الغربية على الرغم من التزامها بالتهدئة في غزة، وقد جعل هذا الأمر أن يتنبأ البعض برغبة حماس في إشعال الضفة الغربية واستمرار الهدوء في غزة بهدف إضعاف وتقويض السلطة من ناحية ومن ناحية ثانية إشاحة النظر عن الوضع المأساوى الذي يعيشه القطاع وتصدير أزماته، والدليل على ذلك تبنى حركة حماس لمنفذ عملية القدس دون أن تتبنى العملية نفسها خشية أن تعلن إسرائيل عن نيتها شن حرب جديدة ضد غزة، غير أن ذلك لا يعنى النفى بأن جذوة المقاومة بدأت تنتعش من جديد لتخرج من غرفة العناية الفائقة، وأن هناك من ضاق ذرعا بالتنسيق الأمنى المجانى بين السلطة وإسرائيل بما يشمله من قمع للمقاومة وإجهاض العمليات الموجهة للاحتلال، بفعل إجراءات السلطة التي تلاحق حاملى السلاح وتعتبره سلاحا غير شرعى، لأنها ترفع شعارا وحيدا لم ينجح سوى في الإخفاق وهو «سلاح واحد وشرعى فقط»!!.

وهو ذات الأمر الذي يفسر فوز كتلة حماس في الانتخابات الطلابية لجامعة بيرزيت، فهذا الفوز جاء انطلاقا من الإحساس بالاستسلام التام لرغبات إسرائيل، وربما كان بمثابة مبايعة جديدة لخيار المقاومة ورسالة دعم وإسناد لانتفاضة القدس وتحد لإجراءات السلطة التي يلاحق رئيسها وأجهزته الأمنية مناصريها ومؤيديها والفاعلين فيها، وفى المحصلة هو إشارة للانحياز الفلسطينى لخيار المقاومة الذي تتبناه حماس حتى وإن كان مجرد شعارات، فنموذج المقاومة والصمود في صد العدوان الإسرائيلى في حروب غزة، كان له بالغ الأثر في رفض منهج الاستسلام المفروض على الضفة الغربية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية