x

جيهان فوزي حتمية التغيير.. لكن كيف؟ جيهان فوزي الجمعة 22-04-2016 21:08


لا تكن هدفا سهلا طيعا يستطيع عدوك اقتناصك وقتما شاء، لا تكن انهزاميا إذا ما تعلق الأمر بمصير شعبك، لا تكن ضعيفا مهزوما مترددا إذا كانت غايتك الانفراد بقرار يخص مستقبل وطن، كن أسدا في غابة مليئة بالذئاب، فعدوك شرسا ماكرا لا يعرف الإنسانية وقاموسه يخلو من الرحمة.

هذا يلخص حال الفلسطينيين وعلاقتهم بالرئيس عباس في الآونة الأخيرة وما يتخذه من قرارات تجاه شعبه الفلسطينى في الضفة الغربية وقطاع غزة، لقد أثارت قرارات الرئيس عباس الأخيرة حالة من الجدل والغضب ورفض يقترب من الانفجار، وتساؤلات باتت ملحة حول البديل، تمثلت في تصريحاته المستفزة لمشاعر شعبه الغاضب التي يصر فيها على الاستمرار في التنسيق الأمنى مع إسرائيل ورفضه المجانى للعنف بهجومه المتواصل على انتفاضة السكاكين وانتقاده لهبة القدس! فضلا عن قراره بوقف مخصصات الجبهتين الشعبية والديمقراطية والانقلاب عليهما لأنهما يعارضانه جهرا، وإصداره مرسوما بإنشاء المحكمة الدستورية بالمخالفة للقانون الأساسى الفلسطينى الأمر الذي عارضه خبراء وفقهاء القانون الدستوريين واعتبروا القرار كارثة دستورية، وحذر منه مسؤولون معتبرين ذلك محاولة للالتفاف وخطوة استباقية لإضفاء الشرعية على قراراته وخدمة مصالحه، فهل بات البديل للرئيس الفلسطينى ملحا؟؟.

رغم أن الرئيس محمود عباس «أبومازن» أعلن في مناسبات عدة أنه لن يبقى رئيسا للسلطة، ويريد مغادرة الحياة السياسية والتخلى عن الحكم اليوم قبل الغد، إلا أن البحث عن البديل للرئيس الفلسطينى مأزق لا يبدو بسيطا، فهذا الأمر مرتبط بعدد من القضايا أهمها الانقسام والعلاقة مع حركة حماس، وفاتورة غياب الرئيس الفلسطينى عن منصبه دون إتمام ترتيبات الديمقراطية الملائمة لاختيار خلف له، سيدفع ثمنها المواطن أولا، والأهم أن مغادرة الرئيس عباس دون الاتفاق مع حماس سيعزز من الانقسام بشكل جوهرى ونهائى، ذلك أن معادرته دون ترتيب تعنى تسلم حماس للرئاسة حسب القانون الأساسى الفلسطينى، وفى حال عدم موافقة فتح على ذلك سيترسخ الانقسام، ومن الممكن أن يؤدى إلى صدامات داخلية لا أول لها ولا آخر بدءا بالفوضى وانتهاء بالاقتتال والتناحر.

إن أكثر السيناريوهات التي تثير المخاوف والمسيطرة على الفلسطينيين رغم الأخطاء الفادحة التي يرتكبها عباس وسياساته المتخبطة، هو أن يتحول الانقسام الفلسطينى إلى انفصال دائم، الأمر الذي سيترك آثاره على الفراغ القيادى الذي سيخلفه قرار عباس بمغادرة المشهد لأى سبب كان، وهو القرار الذي سيدخل الساحة السياسية الفلسطينية في صراعات واختلافات عميقة أكثر خطورة من الأزمة القيادية التي تعيشها الآن، صحيح أن شرعية عباس قد تآكلت بعد أن اتضح عجزه عن عقد انتخابات أخرى لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية، ومع ذلك ظل يتمتع بمكانة تاريخية، فهو المتبقى الأخير من جيل المؤسسين لمنظمة التحرير، ومن ثم فقد تم النظر إليه باعتباره واحدا من أواخر ممثلى عرفات، لكن الأهم أن البدائل المطروحة لخلافته لا ترقى إلى ثقة الشعب وليس لديها ثقل أو وزن يذكر، باستثناء النائب في المجلس التشريعى وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح الأسير «مروان البرغوثى» والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة وترفض إسرائيل كل المحاولات والوساطات لإخراجه.

ورغم ذلك فإن أكثر ما يثير قلق إسرائيل هو أن يترشح القيادى مروان البرغوثى للرئاسة وأن يتم انتخابه، فانتخاب البرغوثى سيشكل تحديا هائلا لها باعتبار أنه سيتعامل معه كرئيس معتقل من قبل قوة احتلال، وهذا ما يمثل تسونامى سياسى ودبلوماسى كبير بالنسبة لإسرائيل، إذ سيقلص من هامش المناورة أمام حكومة تل أبيب ويزيد من حرجها، لكن ماذا لو لم يتفق الفلسطينيون أنفسهم على اختيار القائد المنتظر ؟. ليحرك المياه الراكدة منذ سنوات ويعجل من تنقية الأجواء السياسية المحتقنة في المشهد السياسى الذي تتهدده الفوضى وتتنازعه الصراعات وتتزايد فيه الخصومة وتتعمق فجوة الانقسام والحصار وتتفاقم معدلات البطالة والفقر وتتصاعد حدة الأمراض.

لا يوجد لدى الفلسطينيين رفاهية الانتظار للحلول السحرية، الوقت يداهمهم، فالقابض على الجمر لن يشعر مؤقتا باحتراق يده، لكنه سيفيق على التهامها وتحولها إلى رماد بعد فوات الأوان.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية