x

جيهان فوزي إسرائيل تقتلنا ونحن نعزيها جيهان فوزي الجمعة 01-04-2016 21:16


في الوقت الذي تعهد فيه ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلى يدعى «حاى الياهو» بتوفير شاليه يوم كامل مجانا لكل جندى يقوم بإعدام فلسطينى، يذهب وفد فلسطينى رسمى نيابة عن الرئيس محمود عباس بتقديم واجب العزاء لعائلة الجنرال في الجيش الإسرائيلى «منير عمار» الذي ينحدر من الطائفة الدرزية!!

مفارقة مثيرة للدهشة والغضب، الفلسطينيون يخوضون حربا شرسة تتمثل في هبة القدس يعدم فيها يوميا الأطفال والشباب مع سبق الإصرار ويحرض جنود الاحتلال على قتلهم بدم بارد، وفى المقابل يقوم وفد فلسطينى بالعزاء في أحد جنرالاتهم الذي شارك في قتل الفلسطينيين أيضا أثناء خدمته في الجيش الإسرائيلى رغم أنه ينتمى إلى الدروز العرب؟ ورغم أن قطاعا كبيرا من هؤلاء الدروز رفض الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال وتعرض للاعتقال والسجن!.

الضابط الإسرائيلى الذي خدم في وحدة مختارة في الجيش ويملك شاليهات سياحية في شمال إسرائيل، لم يخجل من قوله في القناة الثانية الإسرائيلية أنه قدم عدة غرف في الشاليهات التي يمتلكها لجنود سيقتلون فلسطينيين، وأن هذا القليل مما يمكنه تقديمه لهم، فهناك جنود قتلوا فلسطينيين وبعث لهم رسائل دعوة للقدوم وقضاء ليلة مجانا في شاليهاته!! وهى دعوة صريحة لتشجيع الجنود على قتل الفلسطينيين مقابل مكافأتهم وليس محاكمتهم، فما الذي سيمنعهم بعد ذلك من القتل العشوائى دون ضوابط وتلفيق الاتهامات والأدلة لتبرير القتل واستسهاله طالما هناك مكافآت ولا ينتظرهم العقاب.

نفهم أنها سيكولوجية الاحتلال القائمة على القتل والعدوان والسيادية واجتزاء الحقائق، لكن من غير المفهوم هذا الاستسلام المجانى من القيادة السياسية الفلسطينية للعدو الإسرائيلى دون مقابل، فعندما يؤكد الرئيس الفلسطينى محمود عباس في مقابلة أجراها مع القناة الثانية الإسرائيلية بأنه ضد انتفاضة السكاكيين، وأن أجهزة الأمن الفلسطينية لا تتوقف عن تفتيش حقائب الأطفال في المدارس وخارجها منعا لتنفيذهم عمليات طعن، مبينا أنه تم العثور على 70 سكينا في حقائب التلاميذ وتم مصادرتها وإقناعهم بأنه لا جدوى مما يفعلونه ومن الموت على الحواجز!! فمن حقنا أن نتساءل ما الجدوى أيضا من مباهاتك بحماية أمن إسرائيل المجانى وفى المقابل يدفع الفلسطينيون ثمنه غاليا من دمائهم وأرواحهم؟؟

عباس الذي أكد مجددا رفضه للعنف والتحريض وأعرب عن أسفه لمقتل إسرائليلة لا ذنب لها!! ويمد يده كل يوم للسلام مع الإسرائيليين، مطالب أيضا بتقديم الدعم والأمن لشعبه من بطش وقمع جنود الاحتلال وانتهاكاتهم الأمنية اليومية ضد الشعب الفلسطينى الذي حمله أمانة رعايته وأمانه؟

لكن للأسف آثر الرئيس عباس حماية أمن إسرائيل والإشراف المخلص عليه دون تقاعس فما الثمن الذي يرجوه عباس؟! وهو يرى يوميا حجم المعاناة والقمع الذي يتعرض له شعبه من قبل جيش الاحتلال ضاربا بكل الاتفاقات والمعاهدات الدولية، هل يعتقد أن إسرائيل ستلبى نداء السلام ويده الممدوة به منذ توليه الرئاسة ؟! هل نسى عباس أن الانتفاضة الفلسطينية الأولى هي من أجبرت إسرائيل على الاعتراف بالكيان الفلسطينى والجلوس مع قياداته، لأنها هددت أمنها واستقرارها؟ لماذا يعزف الرئيس الفلسطينى دوما على وتر السلام المكسور، والذى لا يعترف به العدو الإسرائيلى ويمعن في فعل كل ما يدمره وينسفه من أساسه؟

قرارات المجلس المركزى الفلسطينى التي اتخذت قبل عام كانت قد حددت العلاقة مع إسرائيل وأوقفت التنسيق الأمنى، بينما يذهب وفد فلسطينى رسمى لعزاء ضابط في جيش الاحتلال، وللأسف فإن غالبية القرارات الفلسطينية الرسمية لا تنفذ وإنما تكون عبارة عن حقن تخدير للشارع الفلسطينى، ومناورات مستمرة من القيادة الرسمية في محاولة لانتزاع شيء من دولة الاحتلال، بينما الشارع بعيد كل البعد عن القيادة، والهبة الشعبية مستمرة وتواصل إسرائيل احتجار جثامين الشهداء بأمر من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فما هو طموح عباس من هذا الاستسلام وليس السلام كما يدعى؟!

لقد أثارت زيارة العزاء ردود فعل فلسطينية عنيفة غاضبة ومنددة، فهو سلوك لا يليق، معيب ومخجل في السجل الفلسطينى وتطبيع زاحف نحو الاحتلال وتنكر لدماء الشهداء، في ظل انتفاضة القدس واستمرار جرائم الاحتلال الذي يعدم الشباب الفلسطينى بدم بارد يوميا على مرأى ومسمع من العالم دون أن يكترث للقانون أو المعاهدات الدولية، حتى إن هناك من لم يحتمل مشاهد القتل ممن يدافعون عن إسرائيل، فقد وجه 11 سيناتور أمريكى من الحزب الديمقراطى رسالة إلى جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى يعربون فيها عن قلقهم ويطالبوه فيها بالتحقيق في شبهات تورط وحدات عسكرية وشرطة في إسرائيل بتنفيذ إعدامات ميدانية بلا محاكمة بحق فلسطينيين على نحو يتعارض ومعايير الدعم الأمنى الأمريكى السنوى للجيش الإسرائيلى!!

فماذا فعل الرئيس عباس لشعبه؟؟ للأسف عباس يغض الطرف عما تفعله إسرائيل ويرسل وفد للتعزية في جنرال عسكرى شارك في قتل فلسطينيين بطريقة أو بأخرى، وبدلا من تغذية وقود الانتفاضة التي ثبت باليقين أنه لا بديل لها، يصدر الأوامر لأجهزته الأمنية بتفتيش تلاميذ المدارس بحثا عن السكاكين، ويطلق العنان لوهم السلام حتى لا يكون القتل مجانيا أو مبررا لجنود الاحتلال! وكأن إسرائيل تكترث لسلام عباس أو تتبع أي معايير للقتل أو حتى لديها أدنى قيم أخلاقية تمارسها في التعامل كدولة احتلال!!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية