أحترم جدا غضب وصراخ وجهد وانفعال كل مَن حاولوا إثبات ملكية مصر لجزيرتى تيران وصنافير.. أدلة وخرائط ورسائل وصفحات من كتب قديمة وتقليب فى أرشيف مصرى وتركى وبريطانى.. ومعظم هؤلاء عشاق حقيقيون لمصر يغارون عليها ويحافظون على كل حبة رمل من ترابها، وباتوا على استعداد لإعلان الحرب على السعودية وملكها ومالها وعَلَمها، دفاعا عن مصر وأرضها..
لكننى بقيت عاجزا عن فهم هذا التناقض بين كل هذا الصراخ والغيرة والانفعال والاهتمام هنا فى تيران وصنافير.. وكل هذا السكوت والسلبية واللامبالاة هناك فى حلايب وشلاتين.. ففى الوقت الذى جرى فيه الإعلان عن ملكية السعودية لتيران وصنافير.. كان السودان يعلن أيضا ملكيته لحلايب وشلاتين.. وفارق هائل بين ردود الأفعال ما بين الإعلانين السعودى والسودانى.. بدا الأمر فى النهاية كما لو أنه لا أحد يمانع أن تأخذ السودان حلايب وشلاتين.. فلا دفاع عن الأرض والرمل، ولا بحث عن أدلة وخرائط أو حتى دعوات للتظاهر، دفاعا عن حلايب وشلاتين.. كأننا قد نقبل أن يقتطع السودان ما يشاء من أرض مصر، لكننا أبدا لن نفرط فى حبة رمل واحدة للسعودية..
فهل المشكلة هى أرضنا وحدودنا وحقوقنا أم هى السعودية نفسها.. ووجدت أنه من العدل أن أترك هذا الصخب والكلام والاهتمام بتيران وصنافير، وأتوجه جنوباً إلى حلايب وشلاتين..
ولست أملك خرائط وأدلة أرد بها على مطالب السودان لحلايب وشلاتين.. ولن أنشغل بذلك.. إنما سأطالب بتأكيد انتماء الأرض هناك بأهلها لمصر.. وأظن أن الرياضة يمكنها لعب دور مهم فى تأكيد هذا الانتماء دون حاجة لأى صراخ أو سلاح.. ولن أكون تقليديا فأطالب مثلا بأن يسافر الأهلى والزمالك للعب هناك فى حلايب وشلاتين..
لكننى أتمنى أن يدرك وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأوليمبية المصرية ورئيس لجنة الرياضة والشباب بالبرلمان أهمية هذا الأمر كأمن قومى وليس مجرد لعب ولهو..
فيكون هناك مشروع معلن أو غير معلن لصنع ناديين باسم حلايب وشلاتين يلعبان فى دورى الكرة تدريجيا وأن تتنازل أندية الجيش والشرطة والبترول عن بعض لاعبيها لهذين الناديين.. وتكليف اتحادات ألعاب القوى والمصارعة باكتشاف عدائين ومصارعين ومَن يحترفون رمى الجلة ودفع المطرقة والوثب العالى من أبناء حلايب وشلاتين بحكم طبيعة المناخ هناك والتكوين الجسمانى وإعداد هؤلاء ليكون منهم مَن يشارك فى الدورة الأوليمبية بعد المقبلة باسم مصر وتحت عَلَمها..
فهذا فى حد ذاته أهم وأقوى وأبقى من أى تاريخ وخريطة أو صورة ورسالة قديمة.. ولا أدَّعِى أنها فكرة عبقرية اجتهدت كثيرا وتعبت من أجل الوصول إليها.. إنما هى تجارب الآخرين حولنا سياسيا ورياضيا.. الولايات المتحدة قامت بذلك طوال الوقت مع مهاجريها القدامى والجدد من أجل تأكيد هويتهم الأمريكية..
وأيضا بريطانيا وفرنسا وهولندا وإسبانيا مع كل أبناء الإمبراطوريات القديمة والممالك التى كانت.. ومصر أَوْلَى من كل هؤلاء بأولادها، حيث لا أجمل ولا أصدق من الجهد والتحدى والإصرار لتحقيق حلم صعب وجميل تحت راية الوطن.