x

الدكتور مصطفى النجار النظام يحارب النظام الدكتور مصطفى النجار الإثنين 25-04-2016 21:19


هل تصدق أن هناك عاقلاً يتمنى حدوث فوضى فى البلاد؟ هل تصدق أن عاقلاً يريد إسقاط الدولة وتدمير مؤسساتها وإفساح المجال للعصابات المسلحة ومحترفى الإجرام للتسلط على رقاب الناس؟ هل تصدق أن هناك عاقلاً يتمنى الانهيار الاقتصادى لبلاده وإعلانها الإفلاس؟ هل تصدق أن عاقلاً يريد تمكين تيارات متطرفة وجماعات تكفيرية لتفرض وصايتها على البشر، وتحتكر الحديث باسم الدين الذى تفسره على هواها؟ هل تتخيل أن أحداً يريد لنفسه هذا المصير المظلم الذى سيتبع مآلات ما سبق؟

كل ما مضى لا يمكن تصديقه بالنسبة للعقلاء، ولكن هناك ما يجب تصديقه، لأنه واقع بائس وغريب ومثير للدهشة، حين تقوم وسائل الإعلام الموالية للدولة بشن حرب على الشباب تُخوِّنهم فيها وتتهمهم بالعمالة لأن بعضاً منهم تظاهروا رافضين التنازل عن جزر كانت بحوزة مصر منذ عقود متتالية، حين يتم إلقاء القبض على شباب يجلسون فى المقاهى ويتم اتهامهم بمحاولة قلب نظام الحكم والتحريض ضد الدولة، حين يعود زوار الفجر لمداهمة البيوت بحثاً عن صحفى أو محامٍ أو طالب جامعى قام بالتنفيس عن نفسه بالكتابة على صفحته بموقع الفيس بوك، حين يدعو بعضهم لتظاهرات مضادة تفوح منها رائحة الاحتراب الأهلى والشقاق بين أهل الوطن الواحد، حين تتحرك أبواق مقربة من السلطة لتصنع حالة من الفزع المبالغ فيه بالحديث عن مؤامرات وهمية وسيناريوهات أخطبوطية تجعل الناس تتنفس نظرية المؤامرة وتعيش تحت أسرها.

مَن الذى يحارب النظام غير رجاله وأعوانه؟ من الذى يسىء لصورة مصر وهو يصرخ فى الإعلام أن مصر ستسقط لأن بعض الشباب تظاهروا للتعبير عن آرائهم الرافضة لتسليم الجزر المصرية؟ ما الذى يضير الدولة المصرية من مظاهرة تنتهى خلال ساعات ويعود الناس لبيوتهم دون أن يقتلوا أحداً أو يعتدوا على منشآت عامة أو ممتلكات خاصة؟

لماذا نصر على أن يكون الصوت واحداً والرأى واحداً؟ لماذا لا نطيق أن نسمع صوتاً مغايراً؟ لماذا نصر على سماع أنفسنا فقط؟ هل صار الشباب هم كل مشكلة الوطن وسبب بلائه؟ هل صار الشباب أعداءً للوطن وليسوا مستقبله وأمله؟

ستمر مشكلة الجزر وتنتهى على أى حال، لكن سيبقى الوجع فى القلوب، وتبقى المرارة التى ولدتها طريقة التعامل المهينة مع الناس خلال هذه الأزمة، صرت على يقين أن هناك من داخل النظام من يحارب النظام نفسه، هذه الممارسات لن تحمى النظام ولن توسع دائرة مؤيديه بل تضم لخصومه أنصاراً جدداً، استعداء الناس واعتقاد أن اليد الغليظة يمكن أن تدير كل الملفات اعتقاد خاطئ، المأساة أن ما يحدث فى مصر الآن هو تكرار لنفس العقلية التى أوصلتنا لكل لحظات الانسداد، لو تأملنا ما سبق لاتعظنا من دروسه، ولكن يعيش بيننا من يصرون على إعادة اختراع العجلة!

لا يوجد ما يبعث على الاطمئنان فى مصر، التردى الاقتصادى وانهيار العملة الرسمية وضعف الاستثمار تنبئ بارتفاع شديد فى الأسعار سينتج عنه سخط اجتماعى واسع لن يمكن التعامل معه بسياسات العصا الغليظة، فلنتحلَّ ببعض العقل قبل أن نفقد كل شىء.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية