x

عبد الناصر سلامة الجمهور الوطني عبد الناصر سلامة السبت 23-04-2016 21:17


أعنى هنا جماهير كرة القدم فى مصر، جماهير المباريات الدولية بصفة خاصة، أولتراس الأهلى، وايت نايتس الزمالك، روابط المشجعين عموماً، فى كل المباريات والتصفيات الدولية كانوا هم اللاعب رقم واحد، ليس الثانى عشر أبداً، بالتالى كانوا السبب الرئيسى فى البهجة، ربما ليالى المباريات الدولية هى الوحيدة بين أيام الشهر التى يلجأ خلالها الشعب إلى فراش النوم مبتهجاً، بعد أن اعتاد الضجر والغبن والضنك والضيق.

هذه هى الحقيقة، عوامل الضجر عديدة، ما بين جُزُر، ودولار، وأسعار، ورواتب، وبيروقراطية، وفساد، وديكتاتورية، وفشل على كل الأصعدة، لتكن إذن المباريات الدولية هى الطريق إلى البهجة، حتى لو لم تكن مباريات المنتخب القومى، سوف يسعد كل أبناء الشعب لفوز الأهلى أو الزمالك، أو أى نادٍ آخر، مادام الخصم من قُطر آخر، سوف نسعد جميعاً بالوصول لهذا النهائى، أو الحصول على هذه البطولة، هو تاريخ ناصع تسجله الموسوعات الدولية.

لم نعتدْ أبداً العنف الجماهيرى فى مثل هذه المباريات، إلا إذا كان الغباء الإدارى هو السبب، حتى الهزيمة لا تفعل ذلك، ليس هناك أى مبرر لمنع الجماهير من الحضور، من المتعة، من مؤازرة المنتخب أو الفريق المفضل، فى مباراة النادى الأهلى الأخيرة مع يانج أفريكانز التنزانى، كانت الجماهير كعادتها عظيمة إلى أبعد حد، كان التشجيع بعد إحراز الفريق الضيف هدف التعادل أقوى بكثير مما قبله، مما كان له الأثر الكبير فى إحراز هدف الفوز، ربما لم يكن اللاعبون بمستواهم المعهود طوال المباراة، كانوا أقل بكثير، إلا أن الجماهير كانوا على أعلى مستوى، كانوا أفضل من اللاعبين، على الرغم من أن أكثر من نصف المدرجات كانت خاوية، ولا أدرى لذلك سبباً منطقياً.

هذه هى الحقيقة، لم يعد هناك أى مبرر لمنع الجماهير من حضور المباريات، الدولية منها بصفة خاصة، قد يكون منع المباريات أفضل من منع الجماهير، لنتوقف عن المشاركة فى البطولات أفضل من المشاركة دون مؤازرة الجماهير، أنديتنا لا تحصل على نفس حقوق الأندية الأخرى فى حال لم تكن هناك جماهير، الثأر الحاصل بين الجمهور والأجهزة الأمنية يجب علاجه، لم يعد مقبولاً استمرار هذا الوضع، لنعهد بالأمر إلى شركات أمن خاصة، لنعهد به إلى أمن الأندية، لنعهد به إلى روابط الأندية ذاتها، إلا أن التدخل الأمنى لا يجب أن يمتد إلى العبث بالصالح العام، العبث بالرياضة، العبث بالبهجة، بذرائع كلها عقيمة.

جميعنا يعرف الجانى الحقيقى فى كل حادثة سابقة من حوادث إسالة الدماء، جميعنا يعرف أن الأمر فى كل منها كان تصفية حسابات، كان يجب إغلاق هذه الملفات بما يُرضى الله، بالقانون، بما يُشفى صدور أهالى الضحايا وأقرانهم، هنا فقط كان يمكن فتح صفحة جديدة فى العلاقات بين كل الأطراف، الدمامل كثيرة، كما الأوجاع، لا يجب بأى حال زيادتها، العكس هو الصحيح، كان يجب اتخاذ إجراءات فاعلة للحد منها.

الأنظمة الرسمية فى بلدان عديدة حولنا هى التى تُنفق ببذخ على روابط الأندية، على المشجعين، على مؤلفى الأشعار والهتافات التى يصيحون بها فى المدرجات، حاملو الطبول والمزامير يتقاضون مرتبات، الإنفاق ببذخ على الهتِّيفة، ولِمَ لا، ليس هناك محفل يتم فيه ترديد اسم هذه الدولة أو تلك إلا محافل الكُرة، لم تُرفع أعلام هذه الدول إلا فى هذا المحفل الرياضى، الأمراء والشيوخ هم رؤساء الأندية فى كل الأحوال، على الأقل رؤساء شرفيون، من قبيل الدعم المعنوى والمادى أيضاً، هى تربية وطنية، تربية قومية، محاولات فاعلة لغرس عقيدة الإيمان بالوطن، أثمرت إلى الحد الذى لم يكن متوقعاً.

ارفعوا أيديكم أيها السادة عن الشأن الرياضى، لصالح الأندية، لصالح المواطن، للصالح العام، أما أن نستمر بين الحين والآخر فى إحصاء أعداد القتلى والمصابين والمختنقين بالغاز، فنحن أمام كارثة، فى كل الأحوال نحن أمام شباب فى العشرينيات أو أقل من العمر، ينفقون على هذه الفعاليات من مصروفهم الخاص، يبذلون من جهدهم ويقتطعون من وقتهم، اثبتوا دائماً وأبداً أنهم الأكثر وطنية وغيرة على بلدهم من الشيبة والأفاكين والمتاجرين بالأوطان، وإلا فبماذا نُفسر زحف الجماهير خلف الفرق الرياضية إلى أقطار أخرى، كان آخرها جماهير الزمالك فى مباراة مولودية بجاية بالجزائر، والذين كان لحضورهم أيضاً أكبر الأثر فى مؤازرة الفريق.

لا أدرى حتى الآن سبباً لصمت الأندية ذاتها، صمت مجالس إداراتها، وزارة الشباب والرياضة، الحكومة بصفة عامة، البرلمان، الجمعيات الأهلية، الإعلام، كل الجهات صاحبة الشأن، كيف يمكن إيلاء أمر كهذا بكل تبعاته إلى الأمن، كيف يمكن أن نسمح باستمرار الصراع بين الأمن وشباب فى مقتبل العمر، وكأننا دولة بلا مؤسسات، هى كارثة تضاف إلى كوارثنا اليومية، مازلنا نأمل فى تداركها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية