إحدى الدراسات الاجتماعية أشارت إلى أن النسبة الأكبر بين المطلقات، والتى تصل إلى 60% فى أوساط من كُن مطلقات من قبل، أصبحن يستسهلن الحدث، تماما كزواج الرجل للمرة الثانية، فيصبح من السهل زواجه من ثالثة أو رابعة، قد ترى المطلقة فى حياتها الجديدة نوعاً من الكبت والتحكم من قِبَل ذلك الوافد الجديد، بعد أن كانت قد اعتادت حياة أخرى ترى فيها الحُرية.
ربما مازالت تتعلق بالزوج الأول، ربما مازالت تأمل فى العودة، «القط يحب خنّاقه»، قد يكون وجود أبناء بينهما سبباً رئيسياً فى ذلك، قد تكون هناك ذكريات لا تسعى إلى التخلص منها، لذا فهى تحبذ غالباً الارتباط بزواج سرى بأى ذريعة، ولتكن ذريعة الأبناء، أو أى شىء من هذا القبيل، هى لا تريد أن يعلم الزوج السابق بأمر زواجها اللاحق.
بالتأكيد هى مأساة أخلاقية أكثر من أى شىء آخر، هى التسلية فى أبشع صورها، فى علم النفس يطلقون عليه «الازدواج العاطفى»، الزواج غير المشهر دائما ربما تبحث خلاله الزوجة عن البديل الأفضل، الذى هو المال بالدرجة الأولى، حتى لو كان صاحب المال كهلاً، ولِمَ لا، هو زواج غير مستقر أساساً، لذا فإن نسبة الطلاق بين أصحاب هذه النوعية من الزواج السرى هى الأعلى على الإطلاق، من الصعب أن ترصدها إحصائيات، نتيجة عدم التردد على المأذون لا حال الزواج، ولا حال الطلاق.
قال لى أحد علماء الاجتماع إن الزوجة غير المشهر زواجها عادة ما يتقدم لها بين الحين والآخر البعض ممن يطلبون الزواج منها، على اعتبار أنها فى نظرهم غير متزوجة، هى تسعد بذلك كثيراً، وفى نفس الوقت لن تخبر زوجها السرى، هى فقط تعيش الحالة، حالة النشوة، وقد تتمادى فى هذه العلاقة أو تلك، ربما تكتشف أنها أفضل من الوضع الحالى، تراها طوال الوقت تفكر وتوازن وتفاضل، لذا لا أنصح أبداً بهذا النوع من الزواج، الذى يجعل الزوجة مطمعاً عن غير قصد، يتحول معه الزواج إلى حالة من الغش والخداع، أو الكذب والتدليس طوال الوقت، ولِمَ لا، البداية افتقدت الشفافية، من الطبيعى أن ينتهى الأمر كذلك.
بالتأكيد هذا النوع من الزواج كان يجب مقاومته اجتماعياً على كل الأصعدة، محكوم عليه بالفشل منذ اللحظة الأولى، قد تكون هناك حالة من التفاهم تجعله يستمر قليلاً، لكن إلى حين، لن يستمر طويلاً أبداً، هو بمثابة تفريغ لشحنات عاطفية وجسدية ليس أكثر، ليس زواج استقرار ولا تكوين أسرة، ناهيك عن أن مجتمعنا مازال لا يفرق بين الزواج العرفى والزواج السرى، الزواج العرفى هو زواج مشهر أمام الكافة، هذا هو الزواج الذى اتفق العلماء على حِلِّه، أما الزواج السرى فهو حرام بإجماع الآراء، ما يحدث هو التفاف على الحالة ليس أكثر، لذا فقد رفع هو الآخر من نسبة الطلاق لأرقام قد تصل إلى 90%.
الدراسات أيضاً أوضحت أن نسبة ليست قليلة بين الفتيات الآن تُحبذن الزواج من ذلك العجوز الثرى، تباً للعواطف، قد يفارق الدنيا فى أى لحظة ونبدأ حياة جديدة من خلال ميراثه، إلا أنه زواج فى معظم الأحوال محكوم عليه بالفشل أيضاً، وهو ما يرفع أيضاً من نسب الطلاق، النماذج أمامنا عديدة، التحرر جعلهن يتحدثن عن هذا الأمر دون خجل، منظومة العواطف تغيرت، كما المنظومة الاجتماعية كلها، هى الحياة الصعبة بالتأكيد من كل الوجوه، التى جعلت من هذه الآنسة أو تلك السيدة «عين فى الجنة وعين فى النار».
من كل إحصائيات الطلاق لدينا أيها السادة، سوف نكتشف أن ما بُنى على باطل فهو باطل، لن يصمد الباطل أبداً بأى حال، الباطل هنا هو السرية فى الزواج، هو الزواج غير المتكافئ اجتماعياً أو علمياً أو وظيفياً، هو الزواج القائم على الطمع والجشع، هو الزواج المتردد، هو ازدواج العاطفة مع ماضٍ أو حاضر، هو اختلاف البيئة، هو عدم الإلمام بحقوق الزوج أو حقوق الزوجة، هو عدم تقدير قيمة الحياة الزوجية بمواصفاتها الطبيعية التى شرعها الله، هو اعتبار الخروج عن طاعة الزوج حرية شخصية أو إهانة الزوجة لأى سبب، هو الاعتماد على مستشارى السوء فى هذه القضية تحديداً، هو عدم صبر الرجل أو المرأة أو هما معاً على إصلاح الأحوال الراهنة، هو الذى تخيم عليه عوامل نفسية مختلفة دون مصارحة أو مكاشفة منذ البداية.
الكثير والكثير من الأسباب وضعت مجتمعنا على رأس الدول التى تعانى من هذه الآفة، على الرغم من أنها أبغض الحلال عند الله، وهو ما كان يستوجب البدء فوراً فى حملات توعية على كل المستويات، تأخذ فى الاعتبار كل ما هو متوافر من دراسات ومعلومات، على أمل درء البلاء قبل وقوعه، أو دفع الضرر عن الجانبين من خلال الفهم الصحيح لقدسية هذه العلاقة، خاصة أن النسبة أصبحت كبيرة أيضاً بين الأعمار المتقدمة، وليس بين الشباب فقط.
هذا هو الواقع الأليم، لم نعد نفاجأ الآن بظاهرة الطلاق بين أعمار الأربعينيات والخمسينيات، بل وحتى الستينيات، وهو ما يؤكد أن هذا النوع من الثقافة منعدم فى مجتمعنا، قد تغلب النزوات على علاقاتنا، وقد يكون الفراغ، وقد تكون التسلية، وقد يكون أفضل من لا شىء، «ظل راجل ولا ظل حيطة»، بالفعل هكذا ينظر البعض إلى الزواج، إلا أن الآثار النفسية للانفصال فادحة فى كل الأحوال، لا يمحوها عامل الزمن، حتى لو كان أحد الطرفين قد اعتادها، وهنا تكمن الأزمة الحقيقية التى أدمنها البعض ممن يستمرئون إيلام أنفسهم، وإيلام الآخرين فى آن واحد.