صدّق أو لا تصدّق، مصر الأولى عالمياً فى معدلات الطلاق، وفقاً لإحصائيات كلٍ من الأمم المتحدة، ومركز معلومات دعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، ارتفعت النسبة من ٧٪ إلى ٤٠٪ خلال الخمسين عاماً الأخيرة، ارتفعت ما بين عامى ١٩٩٠ -٢٠١٣ إلى ١٤٣٪، عدد حالات الطلاق فى عام ١٩٩٢ كانت ٦٥٠٠ حالة، فى عام ١٩٩٧ وصلت إلى ٧٠ ألف حالة، قفزت فى عام ٢٠٠٩ إلى ١٤٢ ألفا و٥٠٠ حالة، وصل العدد إلى ١٤٩ ألفاً و٣٦٧ حالة طلاق فى ٢٠١٠، وفقاً لجهاز التعبئة والإحصاء، استمر التصاعد فى عام ٢٠١٣ ليصل إلى ٣٢٤ ألف مطلق ومطلقة، الإجمالى العام يصل الآن إلى ثلاثة ملايين مطلقة فى بر مصر.
سجلت الإحصاءات الدولية بالأمم المتحدة أخيرا ارتفاع نسبة الطلاق فى مصر بمعدل فاق 170 ألف حالة فى العام الأخير ٢٠١٥، أغلبها عن طريق قانون الخلع، وعزت ذلك للظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحية، فضلا عن نقص الوعى أو إدمان المخدرات، وانتشار المواقع الإباحية على الإنترنت، مما جعل هناك تزايداً فى نسب الطلاق عاما بعد عام، خاصة مع قانون الخلع الذى يساعد المرأة على الطلاق دون علم زوجها، «٢٤٠ حالة طلاق يومياً، بمعدل حالة كل ٦ دقائق».
دراسة اجتماعية قالت إن ١٣٪ من الزيجات لم يستمر زواجها أكثر من عام، و٣٦٪ من الحالات استمرت حياتهم الزوجية فترة تتراوح بين عام وعامين، و١٨٪ استمرت حياتهم الزوجية قبل الطلاق لمدة تتراوح من ٤ إلى ٦ سنوات و١٩٪ لمدة من ٧ إلى ١٠ سنوات، و١٥ ٪ فقط من حالات الطلاق استمرت حياتهم الزوجية أكثر من ١٠ سنوات، دراسة أخرى كشفت أن أعلى نسبة طلاق فى الفئة العمرية بين ٢٠ و٣٠ عاماً.. جمعية المأذونين الشرعيين فجرت مفاجأة، قالت إن عدد حالات الطلاق بلغ ٢٦٤ ألف حالة فى العام الأخير، ٤٢٪ منها بين المتزوجين حديثاً من السنة الأولى حتى الرابعة.. تضارب الأرقام بهذا الشكل والفجوة الواسعة بينها يؤكد أن الأمر خرج عن السيطرة، يؤكد أن الأعداد أكبر من ذلك بكثير، ما بالنا إذا أضفنا إليها حالات طلاق الزواج العرفى، أو غير المشهر.
دراسة مجلس الوزراء أكدت تزايد معدلات الطلاق بنحو ٥ آلاف حالة سنوياً، منها ٨٦ ألفاً فى مناطق الحضر، و٧٥ ألف حالة فى الريف.. أكدت أيضاً أن عدد الأحكام النهائية للطلاق بلغ ٤٧٩٥ حكماً عام ٢٠١٣، مقابل ٣٥١٤ حكماً عام ٢٠١٢ بزيادة تمثل ٣٦.٥٪، أعلى نسبة انفصال كانت بسبب الخلع، بما يمثل ٦٨.٩٪.
الإحصائيات أيضاً تتحدث عن تسعة ملايين عازب وعانس فى مصر، من بينها خمسة ملايين ذكورا تخطوا عمر الأربعين عاماً، وأربعة ملايين إناثا تخطوا عمر الثلاثين عاماً، وهى كارثة أخرى، الأسباب فى ذلك كثيرة، إلا أنه خلل آخر يعيشه المجتمع، يضاف إلى الخلل الآخر الخاص بالطلاق، ناهيك عن النسبة الأكبر من العلاقات الزوجية القائمة بالفعل، وما يشوبها من اضطرابات لا تقل فى حد ذاتها عن اضطرابات الطلاق والعنوسة والعزوبية، بل ربما ما هو أكثر، بدليل حالات العنف التى تصل إلى حد القتل المتبادل فى بعض الأحيان.
الدكتور عبدالوهاب جودة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، من خلال دراسة اجتماعية، أوضح أن الزواج السريع أحد الأسباب الرئيسية وراء سهولة الطلاق فى السنة الأولى من الزواج، والتى تعتبر من أصعب السنوات فى عملية فهم كل طرف للآخر، هذا بالإضافة إلى أن عدم الإنجاب يعتبر أحد الأسباب المباشرة للطلاق، حيث تنظر الأسرة المصرية والعربية عموما إلى الإنجاب على أنه وظيفة حيوية للأسرة، وبالتالى فإنه يكون من عوامل استمرار البناء الأسرى، وبالعكس يكون عدم الإنجاب مؤدياً إلى تفكك الأسرة وتحللها بالطلاق، أو على الأقل استمرار الخلافات والتوترات الأسرية حيث كانت ٨٠٪ من المطلقات بلا أبناء.
نفس الدراسة أكدت أن الاختيار أصبح يرتكز بشكل أساسى على الغنى والثروة والمركز الاجتماعى أكثر من العوامل الأخرى، وهذا السبب كان وراء اكتشاف الدراسة أن ٥٢٪ من المطلقات تغيرت وجهة نظرهن تجاه من ارتبطن بهم، وأشارت فى الوقت نفسه إلى أن مدى استمرارية الحب بعد الزواج يلعب دورا كبيرا كعنصر وجدانى قوى فى دوام الاستمرار والتقليل من حدوث العنف والتفكك الأسرى.
فى بحث آخر تم نشره من جامعة عين شمس أيضاً، أوضح أن المتخصصين لم يبذلوا جهداً لمواجهة هذه الظاهرة، كما أن وسائل الإعلام لم تقم بدورها المنشود للحد والوقاية منها، إضافة إلى أن المنظومة الحياتية التى نحيا فيها أصبحت مليئة بالسلبيات الاجتماعية النابعة من قلة الوعى الاجتماعى لدى الأفراد، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الطلاق سنويا، بشكل أصبحت معه ظاهرة تهدد المجتمع المصرى، فى الوقت الذى أصبحت فيه الغالبية لا تبالى بانتشار الظاهرة وزيادة أعدادها سنوياً، وذلك رغم المشكلات الناجمة عنها، والتى لا حصر لها.. نستكمل غداً.