x

عباس الطرابيلي عالِم زراعى عظيم.. نسيناه!! عباس الطرابيلي الجمعة 22-04-2016 20:52


أكيد.. اختلفت أخلاقيات المصريين الآن.. عما كانت عليه من سنوات، وللأسف للأسوأ!!

كنا زمان ننسب الأمور العظيمة لصناعها.. فى كل المجالات.. فهذا هو محمد أحمد فرغلى أطلقنا عليه صفة «ملك القطن» مع أنه نشأ عصامياً.. وهذا سيد جلال الذى بدأ حياته «عربجياً» وشيالاً.. ثم أصبح أشهر من «جلجل صوته» تحت قبة البرلمان.. وعندما قرر العودة إلى البرلمان - بعد ثورة يوليو - ارتدى الجلابية الصعيدى.. ووضع على ذراعه «النحاسة» الصفراء التى كان يضعها «العربجية» وركب عربته الكارو.. وانطلق فى شوارع باب الشعرية وهو يهتف «سيد جلال.. رجع يا رجالة» واكتسح الانتخابات.. ومازلنا نتذكر أعماله العظيمة، وفى مقدمتها المستشفى الذى أقامه ويحمل اسمه حتى الآن.. وكذلك سيد يس صاحب أشهر مصنع مصرى للزجاج واشتهر كوب الماء.. وكوب الشاى، الذى لا ينفجر بالحرارة.. وينافس به الزجاج البلجيكى.. اشتهر باسم «كباية سيد يس»!!

وفى مجال الزراعة.. والمنتجات الجديدة - أيامها - والشهيرة، تحمل أسماء الذين أدخلوها إلى بلادنا.. وأتساءل هنا: هل سألت نفسك لحظة وأنت تحلى فمك بأحلى مانجو: من هو «فونس» أو من هو عويس.. أم تكتفى بالاسم كما تكتفى باسم المانجو تيمور الذى جاء مصر من جريدة تيمور، فى إندونيسيا الآن.

حقاً من هو عويس صاحب أزكى رائحة مانجو فى مصر.. أو من هو فونس صاحب ألذ طعم وأعلى مانجو.. وأنا أفضل الفونس على العويسى، وعندى أسباب التفضيل.. وهل نتذكر «يوسف أفندى» طالب البعثة الزراعية التى أرسلها محمد على باشا لدراسة الزراعة والبستنة فى فرنسا عام 1826، ولماذا أطلق والى مصر العظيم محمد على اسم هذا الطالب المصرى على تلك الفاكهة ورفض أن تحمل اسم ابنه المفضل طوسون باشا.. وهكذا عرفنا وحتى الآن فاكهة اليوسفى وتلك حكاية أخرى أرويها لكم، بعد حين.

ثم.. لماذا أطلقنا أسماء الخواجات الأجانب على ما أدخلوه من منتجات زراعية إلى بلادنا.. وهل نتذكر أن أفضل أنواع القطن طويل التيلة يحمل أسماءهم وأشهرها سيكلاريس وغيره والتى كان المصريون يرون فيها أنها مجرد «زهرة» فحولها إلى أشهر نوع من القطن فى العالم.. وأيضاً الخواجة اليونانى جناكليس الذى أدخل أفخر أنواع العنب الأسود «الملوكى» أبوريحة إلى بلادنا وزرعه هناك جنوب الإسكندرية.. وبالمناسبة هو الذى بنى - أيضاً - مقر الجامعة الأمريكية بميدان التحرير ثم أصبح مقراً للجامعة المصرية فى عام 1908 قبل أن تفوز به الجامعة الأمريكية.

حكايات تجر حكايات فى تاريخ الزراعة المصرية إلى أن تصل إلى العصر الحديث.. ولما كنت من عشاق ثمرة البشملة وأعشق كل ما هو حمضى الطعم تساءلت: ترى من أدخل هذه البشملة «المطورة» إلى مصر؟، وهى فاكهة برتقالية اللون أو صفراء بشكل البيضة، وهى شجرة دائمة الخضرة ترتفع حتى خمسة أمتار ونصف المتر وتنمو بكثرة فى اليابان، وهى فى أمريكا لأغراض تجارية، وتزرع كشجرة فاكهة فى حدائق المنازل فى أستراليا والبحر المتوسط وعند سواحل خليج المكسيك وأمريكا الجنوبية.. وتتميز بمذاقها اللاذع وتؤكل طازجة أو مطبوخة.. وتنمو فى عناقيد.. فمن الذى أدخل هذا النوع الممتاز منها إلى بلادنا.. بعد أن كانت مجرد ثمار صغيرة.. هل فكرنا فيمن أدخلها؟.. وهى غير عائلة ثمار النبق التى هى من أشجار السدر.

وهذه الفاكهة التى تجمع بين مزايا الخوخ.. ومزايا البرقوق فى ثمرة واحدة من أنواع «الستريك» ولم تكن معروفة فى مصر ثم جاء هذا العبقرى ليدخلها بلادنا.. وتتحول إلى سلعة تصديرية من الطراز الأول.. وأنا أيضاً أعشقها.. لمذاقها الحمضى اللاذع.

والبعض منا يترحم على الفراولة البلدى صغيرة الحجم.. زكية الرائحة ولكن جاء من طورها.. وأدخل الأنواع الأكبر حجماً، القادرة على الصمود فى رحلة التصدير.. من جاء بها من إيطاليا وتوسع فى زراعتها فى مصر.. وتحصد مصر أموالاً طائلة من تصديرها لأوروبا.

وذلك الموز.. كانت مصر تعرف فقط الموز البلدى.. والموز المغربى المعروف باسم الموز أبونقطة.. ولكن هذا وذاك أخذا فى الزوال.. فجاء من جلب الموز الجامبو الشهير باسم «موز ويليامز» من أشهر جمهوريات الموز فى أمريكا اللاتينية، من نيكاراجوا وإكوادور.. وقام بزراعته فى الأرض الصحراوية مستخدماً أحدث وسائل الرى بالتنقيط تحت شجرات الموز وبذلك خفضنا من استيراد الموز من أمريكا الجنوبية والوسطى وكأن هذا الرجل كان يقرأ سطور الغيب، بأن مصر على أبواب عصر من العطش المائى.

■ حقاً.. هل نعرف هذا العبقرى الزراعى المصرى الذى نسيته الدولة.. ولم تكرمه، حتى ولو بشهادة تقدير.. هل تعرف أنه المهندس كامل دياب، رائد زراعة المناطق الصحراية، الذى تفوق على علماء إسرائيل.

أنا نفسى أتذكره كلما أكلت.. وتلذذت بما أنتج فى بلادنا من هذه الفواكهة.. إنتاج الصحراء.. بل إننى أقرأ له الفاتحة.. تذكرة ورحمة، على ما قدمه لنا.. ونكاد ننساه أم.. زمّار الحى لا يطرب؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية