.. ومازال الجدل مستمراً، حول الجزيرتين.. والسبب: جسر الملك سلمان.
ولكن: عسكرياً.. ومالياً.. وعمراً، وادينى عمر، وارمينى فى البحر!!
وقد يكون الجسر هو الأسهل.. وحمايته ممكنة.. ولكن فى مناطق معينة تتعرض لخطر الضرب والتدمير، وبالذات فى مناطق الثغور والحدود فإن «الأنفاق» هى الأفضل، وهل هناك منطقة أخطر من مضيق تيران، ربما يكون مضيق هرمز - بين العرب وإيران - وربما يكون مضيق باب المندب بين آسيا فى الشرق وأفريقيا فى الغرب من أخطر المضايق.. ولكن من قال إن مضيق تيران أقل أهمية.. وهل نسينا أن قرار عبدالناصر، فى مايو 1967، بإغلاق مضيق العقبة، هو السبب الرئيسى والمباشر لحرب يونيو 1967.
وفى رسالة صغيرة نشرتها «المصرى اليوم» فى باب البريد منذ أيام للدكتور فوزى بباوى ما يفتح باب التفضيل - للوصل بين البر المصرى فى الغرب، والبر السعودى فى الشرق - إذ طرح الدكتور فى سطور ستة فكرة النفق.. وهى وإن كانت ذكرتنى بما سبق أن كتبته فى الوفد - عام 1990 - عن فكرة النفق تحت مياه خليج العقبة.. ولكنها فكرة تستحق الآن أن نناقشها.
وإذا كان الجانب المالى «أى نفقات» إنشاء الجسر العلوى يرجح فكرة الجسر.. إلا أن للقضية أبعاداً أخرى.. حتى ولو كانت تكاليف الأنفاق ضعف تكاليف الجسر.. فى مقدمتها الجانب العسكرى أى تأمين الجسر، الذى سيمتد إلى 23 كيلومتراً، كلها فوق البحر.. وفوق الجزر.. والجسر هنا يتحول «عسكرياً» إلى رهينة فى يد أى طائرة تلقى عليه شحنة متفجرة.. أو حتى صاروخاً موجهاً «أرض - جو - أرض» أى فوق المياه، وما أسهل ذلك حتى على أى قوة عسكرية من خارج المنطقة العربية، أى من إيران مثلاً، فينتهى الجسر، فى لحظات.. رغم وجود - إن سمحت القوى المختلفة فى المنطقة - أى دفاعات أرضية، أو بحرية.. أو جوية تتصدى لأى هجوم يستهدف الجسر نفسه.. أى هناك احتمالات تعرضه للتدمير عن بعد.. وما أسهل ذلك.
ثم لا ننسى أهمية مضيق تيران العسكرية والاقتصادية بحكم وجود قوى عديدة تحيط به مثل مصر والسعودية.. ثم الأردن حماية لمينائها الوحيد - العقبة - وإسرائيل وميناؤها الأشهر إيلات هو أهم نوافذها على البحر الأحمر، ثم المحيط الهندى، كل ذلك يجعلنا نطرح فكرة «النفق» حتى ولو تكلف ثلاثة أمثال تكاليف الجسر.
مثلاً يمكن أن يبدأ النفق من شمال شرم الشيخ أو فى موقع يتوسط شرم الشيخ ومنطقة نبق «أمام رأس نصرانى»، ويكون ذلك «تحت» الممر الملاحى الأكثر عمقاً فى مدخل هذا المضيق.. «العمق فوق 300 متر» والمسافة ليست كبيرة.. ثم جسر - أو طريق جبلى أرضى - يعبر جزيرة تيران، حتى وإن تم ذلك بعمليات نسف وتهذيب الصخور النارية - البركانية فوق تيران.. ثم يعود النفق بحرياً من شرق جزيرة تيران ليعبر الممر المائى الأقل عمقاً إلى غرب جزيرة صنافير.. ليواصل طريقه «سطحياً» فوق صنافير.. إلى أن يعود ليغطس فى مياه مدخل الخليج من شرق صنافير، إلى أن يصل إلى البر السعودى عند منطقة رأس حميد.. وبذلك نجمع بين مزايا الجسر المعلق.. ومزايا النفق.. وبالطبع نلاحظ هنا سهولة حماية مداخل ومخارج النفق عسكرياً سواء من الأرض المصرية غرباً.. أو من الأراضى السعودية شرقاً.
وأمامنا حكايات النفق الفرنسى - الإنجليزى، تحت بحر المانش الفاصل بين الدولتين.. وكان هذا التاريخ حلماً حتى من أيام نابليون بونابرت.. وإذا كانت استراتيجية بريطانيا قامت على حماية الاستقلال الأرضى للجزر البريطانية.. عن البر الفرنسى، إلا أن فكرة النفق تغلبت وخرجت إلى الوجود بعد حوالى قرنين من الزمان.. وهو النفق الذى تستخدمه السيارات وأيضاً السكك الحديدية.. وعبرته منذ سنوات بين باريس ولندن.. بأقل التكاليف.. بالقطار!!
ولا ننسى أيضاً أن اليابان استخدمت نظام الأنفاق للربط بين جزرها العديدة.. مع استخدام فكرة الجسور المعلقة أيضاً، أى لجأت إلى الدمج بين الجسور العلوية والأنفاق تحت مياه بحر اليابان.. والمحيط أيضاً.
■ ■ وفكرة أسلوب النفق تتفق مع مشروعات إنشاء الأنفاق متعددة الأغراض، التى ننفذها الآن تحت قناة السويس، إذ هى مع الجسر والنفق فوق مضيق العقبة تمثل منظومة واحدة للنقل، وأيضاً: بالسكك الحديدية.
تلك فكرة نطرحها للحوار.. لنصل إلى ما يحقق الحلم، ولا ننسى هنا حكم التوصيل بين طرفى مضيق جبل طارق، أى بين أوروبا وأفريقيا!!