x

شوقي السيد الطبقة المتوسطة الغاضبة فى برنامج الحكومة! شوقي السيد الخميس 21-04-2016 21:25


■ من يقرأ فى الديمقراطية يعرف أن الطبقة الغالبة أو الكاسحة فى أى مجتمع هى «الطبقة المتوسطة» حتى لو هبط منها أبناؤها إلى دونها، لأن هؤلاء دوماً يصدق نبضهم، وتصح أقوالهم حتى لو كانت صامتة أو غاضبة.. وعلى قدر الاهتمام بهم والنظر إليهم، والاستماع منهم، والاستجابة إلى جوائجهم، على قدر تحقيق الاستقرار والأمان فى المجتمع.. وعندئذ يظفر بهذا الاستقرار كل طبقات المجتمع، وأولها الطبقة العليا فيه، وتعم الديمقراطية وسيادة القانون ومكافحة الفساد.. وإلا تهددت مصالح المجتمع بأسره وتصير فى خطر، وأولها مصالح الطبقة العليا، أو متوسطة متوسطة، أو حتى متوسطة عليا، تندرج ضمن المنطقة الوسطى من حقوق الإنسان والمواطنة.. فهى ليست مطالب تعجيزية أو مرهقة خاصة أن كل ما يعنيها وتحرص عليه هو الاستقرار وسيادة القانون والشفافية والمساءلة والحساب.

■ ولقد كتب لنا علماء الاجتماع والاقتصاد، تأكيداً لذلك، أن الطبقة العليا فى المجتمع- إذا تركت وشأنها- لا يعنيها سوء الثراء حتى لو كان بلوغه طفيلياً أو غير مشروع، على حين أن الطبقة المتوسطة على كثرة عددها وتنوع ثقافتها تستهدف الاستقرار والاعتدال والمساواة فى الحقوق والواجبات حتى لو كان منها من يتطلع إلى اللحاق بطبقة أعلى وهو تطلع مشروع، وحذر علماء السياسة من مغبة وداع هذه الطبقة الوسطى من المجتمع أو حتى بقائها بين الحصار أو عدم رد الاعتبار، إذ يكشف لنا التاريخ أن ذلك خطر شديد حتى ولو كانت صامتة أو عازفة، لأنها فى كل الأحوال سوف يكون عددها غالب وحالتها غاضبة.

■ وفى كل الحوارات والأبحاث فإن الطبقة الوسطى فى أى مجتمع هى القوة الدافعة والطاقة العاملة بالمجتمع التى تعتمد عليها الطبقتان العليا والدنيا، وبانحدار الطبقة المتوسطة ينحدر معها المجتمع، وقد عبرت الإحصاءات أن منهم من هم تحت خط الفقر فى مصر، حيث بلغ عددهم نحو 26.3٪ إضافة لمن هم فى فقر مدقع وعوز نحو 40٪ ليصبح لدينا نحو 30٪ فقراء، وإذا قلنا إن لدينا نحو 10٪ يقتربون من خط الفقر وتتهدد حياتهم بالتضخم وارتفاع الأسعار، ويعانون شبح الفقر يصبح لدينا نحو 40٪ من ذوى العوز أى أقل من مستوى الطبقة الوسطى.. أما الطبقة العليا فلا تزيد بحال على 5٪ وبذلك يصبح إجمالى الطبقة الوسطى من 50 إلى 65٪ من السكان أى تمثل القاعدة العريضة فى المجتمع، حيث بلغ عددهم ما يزيد على 50 مليوناً منهم الضباط ورجال القضاء والأطباء والمحامين والصحفيين والمدرسين وغيرهم ممن يقومون على خدمة المجتمع بأسره وهم فى حالة صمت وغضب، لأنهم يواجهون المعاناة.

■ والغريب أن الحكومات المتعاقبة ظلت تقول لنا إن المواطن المصرى فى عقل الحكومة وفى ضميرها، وأنها- أى الحكومة- سوف تعمل على مصالحة المواطن المصرى، لأنه ظل فى حالة غضب صامت، وتعهدت بإحياء الطبقة المتوسطة، وفى كل مرة تعترف الحكومة بما يؤكده علماء الاجتماع والسياسة والتاريخ أن الطبقة المتوسطة مؤهلة دائماً لأن تصنع التاريخ.. لكن الكلام فى وادٍ.. والواقع فى وادٍ آخر، ولهذا نحن أمام اختبار جديد للحكومة فى عهد جديد فماذا أعدت للطبقة المتوسطة فى برنامجها كى تعيد الحياة لها.. وترفع عنها الغضب.. وتحقق لها العيش والكرامة والحرية.. التى فجرت ينابيع الثورة منذ يناير 2011 أى منذ أكثر من خمس سنوات.. ثم صححت مسيرتها لتحقق أهدافها فى يونيو 2013 ولهذا أكد الدستور على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة وتوازن توزيع الدخول.

■ وبمناسبة المناقشة والتصويت على منح الثقة فى الحكومة الجديدة، فماذا عن قضية العدالة الاجتماعية وهل وضعتها على القمة من أولويات القضايا، ولن تستعفى الحكومة من مسؤولياتها، بسبب تكاثر عدد القضايا وتداخلها مع بعض البعض.. أو إشعال الحرائق فى قضايا متخصصة، يجرى استغلالها من البعض لإلهاء الناس عن متابعة برنامج الحكومة والوقوف على الخطط والأهداف وتحقيق مسؤولياتها والرقابة على تنفيذها.. لتكون قضية العدالة الاجتماعية على قمة أولويات قضايا المجتمع.. وأول الأهداف التى تسعى إلى تحقيقها بخطى واضحة وثابتة!!

■ ثم ماذا بعد أن أكد دستور الثورة فى باب المقومات الأساسية للمجتمع سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو يستهدف النظام الاقتصادى تحقيق الرخاء.. من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية بتفعيل رفع معدل النمو الحقيقى ومستوى المعيشة والقضاء على الفقر بزيادة النمو وتوجيهه، ومحاصرة الفقر وإعادة النظر فى الآليات القائمة للتعامل مع هذه القضية، كما أكدت نصوص الدستور كذلك ضمان الحياة الكريمة والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل التوازن بين الطبقات وتخفيف المسؤولية عن الفقراء ومحدودى الدخل، واعتبار كل ذلك من القضايا التى يلح عليها «نداء الوطن» والتى يتعين أن يتجدد فيها الأمل والثقة، وأن تعلو فوق المزايدة ودعاوى التشكيك والإحباط، خاصة وقد اعترفت الحكومة صراحة بوجودها، وأقرت بخطرها، واهتمت مراكز البحوث بدراستها والتوصية بوضع الحلول لها، فقال لنا المجلس القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية باختفاء الطبقة المتوسطة من المجتمع، وتدنى طبقة الفقراء ومحدودى الدخل، مما أدى إلى خلق فوارق خطيرة بين الطبقات، وعدت المراكز البحثية للتمكين القانونى للفقراء فى مصر وإلى النمو الاحتوائى الذى يتطلب التخطيط لإشراك جميع فئات المجتمع وتمكين الفقراء ومساندتهم واستخدام كل إمكانياتهم وتحويلها إلى طاقات فاعلة للاقتصاد القومى بتقديم الدعم وتوفير عدالة التوزيع، بعد ارتفاع معدلات الفقر، مع تسارع معدلات النمو وعدم مواجهة مشكلة التشغيل بين الطبقات.

■ وبعيداً عن كل هذه المصطلحات التى يستفزها أبناء هذه الطبقة لأنهم لا يعتدون إلا بالنتائج، وبعيداً عن كل هذه الأبحاث والكلمات، فلقد بات الحل الوحيد فى كسر الحلقة المفرغة للفقر والبطالة أتباع سياسة النمو الاحتوائى الذى يحقق النمو والتشغيل مع عدالة التوزيع دون استبعاد الفقراء.

■ وهكذا باتت قضية العدالة الاجتماعية يا حضرات قضية القضايا فى المجتمع التى يجب أن تحظى بأولوية خاصة وقد تعهدت الحكومة بالتدخل لمعالجتها دون تردد، بخطوات جديدة غير تقليدية لمحاصرة الفقر وتحقيق نتائج يلمسها المواطن فى حياته اليومية ولتضييق الفجوة بين الطبقات، والبحث عن أدوات جديدة تنحاز للفقراء ومحدودى الدخل وتتيح بدائل وحلول عملية يتعين مناقشتها فى برنامج الحكومة فى الإطار الأشمل لقضية العدالة الاجتماعية، لم يعد أمامنا من سبيل إلا اتباع طريق العلم والعمل نشارك ونراقب وننصت ونساهم بالعلم.. والعمل.. فلم يعد هناك وقت للصراخ.. أو الصياح.. أو الغضب!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية