x

عبد الناصر سلامة أهل الخير وأهل الشر عبد الناصر سلامة الخميس 14-04-2016 21:06


أعتقد أننا في هذه المرحلة تحديداً في حاجة إلى وضع تعريف دقيق لأهل الشر، وآخر لأهل الخير، تعريف دقيق لأهل النظام، وآخر لأهل المعارضة، تعريف دقيق للوطنيين، وآخر للعملاء، تعريف دقيق للناس الصالحين، وآخر للناس الطالحين، تعريف دقيق للناس السيئين، وآخر للناس الطيبين، تعريف دقيق للممالئين، وآخر للمناوئين، تعريف دقيق للناس اللى مع، والناس اللى ضد، تعريف دقيق للمطبلاتية، وآخر للرشداء، تعريف دقيق للمخربين، وآخر للمعمرين، تعريف دقيق للجيد، وآخر للردىء.

بالفعل الأوضاع الراهنة أصبحت تُحتم ذلك، بعد أن اختلطت الأوراق، بين ليلة وضحاها أصبح من يدافع عن الوطن من أهل السوء، ومن لا يعنيه الوطن من أهل الخير، من لا يعنيه الوطن متهماً، ومن لا يبالى مواطناً صالحاً، أصبحنا نخلد إلى النوم في كل ليلة في أعقاب سماع موشحات طويلة، وقائمة من الاتهامات التليفزيونية، تنال ممن نرى أنهم شرفاء، بل ربما هم الأشرف على الإطلاق، أصبح التشكيك في كل شىء وأى شىء لمجرد الاختلاف في الرأى، لمجرد اختلاف وجهات النظر.

هذه الاتهامات للأسف في معظمها قد تكون من خلال بعض وكلاء الليل هؤلاء، الذين قد لا يعنيهم الوطن من قريب أو بعيد، قد يكون وكيلاً عن صاحب القناة التليفزيونية، وقد يكون وكيلاً عن السلطة الرسمية، قد لا يكون طرفاً في القضية بأى حال، وقد لا يكون مستوعباً للأحداث، إلا أنها طبيعة الأداء، التي رفعت من وتيرة التوتر في مجتمعنا، الذي اعتاد الهدوء على مدى عقود طويلة، إلى أن كان ما كان، من فوضى وقلاقل، فأصبح أهل النفاق هم أهل الخير، من وجهة النظر الرسمية على الأقل، رغم أن النفاق لا يبنى مجتمعات أبداً.

المهم أننا كنا نربأ بالسيد رئيس الدولة باعتباره رئيساً للجميع، على اختلاف مشاربهم، ووكيلاً عن الجميع، على اختلاف توجهاتهم، أن يكون طرفاً في مثل هذه الاتهامات، هذه هي الحقيقة التي يجب أن نتناولها بكل صدق، رئيس الدولة هو رئيس أهل الخير وأهل الشر معاً، هو رئيس للصالحين والطالحين معاً، هو رئيس الممالئين والمناوئين معاً، بالتالى من الضرورى أن يستمع للجميع، أن يتسع صدره للكافة، أن يجالس هؤلاء وأولئك، بالتأكيد كل وجهات النظر فيها إفادة، ليس هناك شخص في العالم يفهم في كل شىء، بالتأكيد المتخصصون هم أولى الناس بالكلام، هم أولى الناس بالاستماع إليهم.

لنا أن نتخيل سيادة الرئيس، أنه تم تصنيف الناس إلى شيع وأحزاب، من ليس معنا فهو ضدنا، من يعارضوننا في الرأى هم أعداء، بالتالى أنت لا تحكم كل الشعب، تحكم في هذه الحالة جزءاً من الناس ليس أكثر، بمرور الوقت ليس لديك صلاحية حكم الآخرين، بالتأكيد سوف يخرجون عن الشرعية، نحن ننحّيهم عامدين متعمدين، المجتمع لن يعمل أبداً بكامل طاقته، المواطنة انتقصت، التخوين سوف يصبح حالة عامة، الجميع يُخوِّن الجميع، لن يكون أحد فوق الشبهات.

كان الأمر محدداً حينما تم إطلاق مصطلح أهل الشر، كان يقصد به الإرهابيين، الذين يقتلون، يُفجرون، يخربون، الآن بدا واضحا هذه المرة، أن التعريف قد اتسعت رقعته، أصبح رواد مواقع التواصل الاجتماعى أيضاً في دائرة الشبهات، لا تسمعوا لهم، ولا تقرأوا لهم، ولا تأخذوا عنهم، هم أيضاً أشرار، اتسعت الرقعة أكثر وأكثر لتشمل المهتمين بالشأن العام بصفة عامة، تحديدا أصحاب الرأى المخالف، المخالف لما حدث في سد النهضة، المخالف للتنازل عن جزر البحر الأحمر، المخالف لحفر تفريعة قناة السويس، المخالف لمشروع المليون فدان، المخالف لموقع مشروع الضبعة النووى.

الرئيس الراحل جمال عبدالناصر صنّف الناس واعتقلهم وعذبهم، فكانت النتيجة هزائم عسكرية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، الرئيس الأمريكى الراحل إبراهام لنكولن قال: إن المعارضة كانت من ورائى سياطاً تلهبنى، ومن أمامى أضواءً تنير لى الطريق، فكانت النتيجة أُمَّة يشار إليها بالبنان، من هنا تأتى أهمية الرأى الآخر في بناء المجتمعات، تكميم الأفواه لم ينتج سوى شعوب متخلفة، إقصاء الآخر لم ينتج سوى التخلف والقهر.

الحريات والديمقراطيات أيها السادة أصبحت أهم سمات العالم المتحضر، حتى في العديد من البلدان الأفريقية من حولنا، شهدنا الكثير من عمليات التحول الديمقراطى، أعقبتها عمليات بناء وتنمية واسعة النطاق، لم نعد نرى عملية تكميم الأفواه هذه سوى في البلدان المتخلفة، أو منع هذا أو ذاك من الحديث، أو إقصاء هؤلاء، أو الحكم على هؤلاء بأنهم أهل خير، والآخرين أهل شر.

أثق في أن الأمر لدينا يحتاج فقط إلى التذكير بين الحين والآخر، بأننا دولة مدنية ديمقراطية، بحكم الدستور والقانون، قد يكون المتحدث في هذا المنتدى أو ذاك ليس مدنياً، قد تخونه الذاكرة، قد يكون هائماً في حالته الأولى، سيكولوجية الأمر والنهى مازالت فاعلة لديه، لذا لزمت التذكِرة ليس أكثر، ولم لا (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) صدق الله العظيم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية