لابد أن ندرك أن ما تواجهه السلطة حاليا من الجمهور العام ليس إلا تداعيات لأداء 22 شهرا مضت، جلبت معها مشاعر للشك والريبة فى كل ما تفعله الدولة، انطلاقاً من غيبة الثقة ومن ثَمَّ الجدارة عن الأداء العام، فما يحدث فى قضايا كثيرة مثل «ريجينى» و«سد النهضة» وغيرهما دلالة على المأزق لا يمكن نكرانها أو الهروب منها بدعوى تفاسير المؤامرة والاستناد إلى معادلات التبرير، فهنا المسألة تتعلق بالكفاءة.
«1»
تسقط فكرة التأييد معنويا عندما تسأل الجماهير فى تفاصيل يومها: «إحنا رايحين على فين؟»، ومعها ينفرط العقد ليشمل باقى أسباب الاعتبار والتقدير.
«2»
تتعامل السلطة مع الأمر مثل الحبيب المأزوم الذى لا يريد أن يصدق أن الحبيبة تغيرت، لأنها أدركت الواقع ولا تستطيع أن تتناساه أو تتجاهله فى أيامها المعاشة، فالتحليق فى السماء لا يسد بطونا جائعة ولا يمنح المنزل اكتفاء ومنعة..!
«3»
حقيقة: عندما لا يجد الحاكم موارد وكفاءات لتسيير أمور دولته، فإنه يواجه المصاعب فى إدارة شعبه.
«4»
لا ينبغى لأى طبقة حاكمة- إذا كانت هناك طبقة- أن ترى الأمور من زاوية مشجعى كرة القدم، فمَن يرتدى زياً يخالف زيها تعاديه وتضعه فى مراتب المكايدة، وتنسى أنها تعبير عن مؤسسة الحكم، ولا تجلس فى مدرجات الدرجة الثالثة، فلا سبيل لاستقرار حكم بالاعتماد على «الهتِّيفة» أو «الكابو» أو «الأشبال»، القصور تتسع فقط لمَن يدركون معنى الثبات الانفعالى.
«5»
تتحدد رغبة الناس فى الرفض وفقاً لقدر ما تفعله السلطة تجاه تحسين حياتهم وإنجاز ما حلموا به عندما خرجوا من بيوتهم للتفويض بالحكم والمسؤولية.
«6»
البناء على ترسيبات من الماضى يشابه مَن أقام منزلاً على فوهة بركان، فالحمم لن تمنعها سيناريوهات التلفيق، فالشعور العام بالتمييز وعدم المساواة يقتل الرغبة فى المستقبل، فكيف يذهب شعب إلى الغد بهذا الإحباط؟
«7»
الاعتماد على ائتلاف صغير للحكم «يؤيد بلا عقل» يؤدى إلى خروج كافة الداعمين الرئيسيين خارج المعادلة، بما يشابه مَن قطع قدميه مع أنه يرغب فى السير إلى الأمام.
«8»
جلب التأييد للسياسات العامة لا يتجاوز حاليا ثقافة المنشور السياسى فى تغييب تام لفكرة التعددية والتنوع فى الإعلام، والتى تؤشر إلى حيوية أى مجتمع، وهنا تضيع المهنية لصالح الدعاية، فى حين أن المنجز يمكن أن يكون شيئا حقيقيا، لكن يفسده غشم التطبيل ومبالغات التهويل.
«9»
من صالح أى مجموعة حاكمة أن تفتح المجال العام، لأنها بذلك تحمى نفسها من تهديدات غير متوقعة، جراء الكبت وتقييد الحريات، فما تراه وتتحسب له أفضل كثيرا مما تجهله وتقلل من قيمته.
المراجعات ضرورة، فالحقن و«البوتيكس» السياسى والشد وخلافه مجرد قشور يومية للاستمرار، والحياة لا تُعاش بطيف من استقرار باهت تحركه مؤسسة وطنية وحيدة، فالسؤال اقتصادى، والسياسة فى قلبه، وتعديل الأفكار أصبح حلا وحيدا واجبا، وخلافه «مكابرة تعنى الانتحار»..!