x

محمد كمال وصفة «بيرنى» للفوز بالشباب محمد كمال الأحد 10-04-2016 21:15


هناك العديد من الأسباب التى تلفت الانتباه لمرشح الرئاسة الأمريكى «بيرنى ساندرز» الذى مايزال ينافس هيلارى كلينتون على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطى. فهو المرشح الوحيد الذى رفض الحديث أمام مؤتمر منظمة «إيباك» المؤيدة لإسرائيل، فى حين هرول الآخرون للمشاركة وإطلاق الوعود المساندة لإسرائيل، وهو الوحيد الذى يتحدث عن المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطينى وخاصة فى غزة. «بيرنى» أيضا يدير حملة انتخابية غير تقليدية رفض فيها الحصول على أى تبرعات من الشركات الكبرى أو كبار الممولين، وتقبل فقط التبرعات الصغيرة ومن المواطنين العاديين.

إلا أن أهم ما يلفت الانتباه فى حملة «بيرنى ساندرز» أنه استطاع أن يفوز بأغلبية أصوات الشباب فى تنافسه مع هيلارى كلينتون. «بيرنى» الذى يعد أكبر مرشحى الرئاسة سنا (٧٤ عاما) يحظى بتأييد ما يعرف بجيل الألفية Millennials، وهو الجيل الذى ولد مابين عامى ١٩٨٠ و٢٠٠٨، أى جيل ما تحت الثلاثين. فوز «بيرنى» بأصوات هذا الجيل من الشباب ومساهمتهم الكبيرة فى تمويل وتنظيم حملته الانتخابية، يثير عدة أسئلة عن أسباب نجاحه فى ذلك؟ وهل دروس هذا النجاح يمكن الاستفادة منها فى دول أخرى مثل مصر لدمج الشباب فى العملية السياسية؟

قناعتى أن هناك أوجه تشابه كبيرة بين جيل الألفية فى الولايات المتحدة وهذا الجيل فى دول أخرى ومنها مصر، فكلهم أبناء عصر العولمة والإنترنت، وبالرغم من الاختلاف فى بعض تفاصيل القضايا التى تشغلهم، لكن اهتماماتهم وأولوياتهم تتشابه لحد كبير، لذا تعد تجربة «بيرنى ساندرز» مع الشباب جديرة بالدراسة.

لماذا إذن فاز «بيرنى» بالشباب؟ الأسباب كثيرة، ومنها أن هذا الجيل يؤمن أن السياسى أو المرشح الرئاسى يجب أن يكون رجل مبادئ بالأساس وأن تكون بوصلته السياسية والأخلاقية مستقرة، وأن يتصف بالنزاهة والمصداقية، ويلفظ السياسى المتلون والمتقلب ومحترف المواقف الوسطية المائعة، لذا كان «بيرنى» الذى تمسك بمبادئه لأكثر من أربعين عاما مرشحهم المفضل.

أدرك « بيرنى ساندرز» أن هذا الجيل هو تعبير عن حالة من ثورة التوقعات المتزايدة تلتها حالة من الإحباطات المتزايدة لعدم تحقق هذه التوقعات، لذا عبر عن الحالة المزاجية لهم، فهؤلاء يشعرون بالغضب والإحباط، ولايطربهم الحديث عن الاستمرارية وتحقيق الاستقرار، بل يشدهم حديث التغيير والتحول، ولايثقون فى قدرة المؤسسات القائمة سواء الاقتصادية أو السياسية أو الإعلامية على تبنى التغيير ويرون أنها تعبر عن مصالح فئات محدودة.

ركز «بيرنى» على قضيتى التعليم والاقتصاد باعتبارهما أولوية للشباب، فأبناء هذا الجيل يعانون من التكلفة المالية المتزايدة للتعليم، ويتشككون فى أن هذه التكلفة تساوى العائد الذى يحصلون عليه بعد التخرج، ويرون أن التعليم لم يعد آلية الانتقال الاجتماعى إلى صفوف الطبقة المتوسطة والحياة المريحة، لصعوبة الحصول على فرصة عمل وضعف الأجور.

أعطى «بيرنى» أولوية لقضايا أخرى تمس عقول وقلوب الشباب ومنها قضية العدالة الاجتماعية، وكيف جعلت السياسات الاقتصادية من الغنى أكثر غنا والفقير أكثر فقرا، وتحدث عن تأثير رأس المال على السياسة وعلى الإعلام بما يمنع التغيير ويحول دون مناقشة القضايا الحقيقية فى المجتمع.

وصفة «بيرنى» التى يمكن أن يستفيد منها كل من يريد أن يفوز بالشباب توضح أن المسألة لاترتبط بالسن ولكن بالمصداقية، ولاتتعلق فقط باستخدام الفيس بوك وتويتر للتواصل مع الشباب، ولكن تقوم على فهم حقيقى لكيف يفكر هذا الجيل، والتعبير عن حالة الغضب والإحباط التى يشعر بها، والمطالبة بالتغيير وليس والاستقرار والاستمرارية فى السياسات والمؤسسات التى ثبت فشلها، وإعطاء أولوية للقضايا الحقيقية التى تهمه وعلى رأسها التعليم وفرص العمل.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية