علينا أن نعترف بأن صورة مصر بالخارج ليست على ما يرام، وعليك أن تكتب كلمة مصر باللغة الإنجليزى فى محرك البحث الإخبارى لجوجل على الإنترنت لتدرك حجم الأخبار والتحليلات السلبية عن مصر فى الإعلام الغربى.
هل يجب أن ننزعج من ذلك؟ البعض يرى أن الإعلام الغربى مغرض وينفذ أجندة حكومات غير راضية عن تطور الأحداث فى مصر منذ 30 يونيو 2013، وبالتالى لا جدوى من التعامل معه أو الرد عليه، ولكن هناك وجهة نظر أخرى ترى أنه ومع التسليم ببعض التحيزات الإعلامية الغربية فإن هذا الأمر لا يمكن السكوت عليه، لأن ما ينشر فى الخارج ليس «مجرد كلام جرايد»، كما يقول المثل الشعبى المصرى، ولكن له تأثير كبير على الاقتصاد وعلى علاقة مصر بالقوى الكبرى، فعندما نجد رئيس اتحاد الغرف السياحية يتحدث عن أنه «لا عودة للسياحة دون تحسين صورة مصر بالخارج»، ويربط آخرون تدفق الاستثمارات الأجنبية بهذا الأمر، ونجد صحيفة أمريكية كبرى تطالب أوباما منذ أيام بإعادة التفكير الاستراتيجى فى العلاقة مع مصر، فإن هذه الشواهد تتطلب التعامل الجدى مع هذا الموضوع.
ما العمل إذن؟ أحسن الرئيس السيسى بالدعوة لاجتماع يوم الاثنين الماضى مع كبار قيادات الدولة، كان أحد بنوده صورة مصر فى الخارج. ولكن بما أننا لا نعرف تفاصيل ما دار فى الاجتماع أو التوصيات الصادرة عنه، فسأطرح فى هذا المقال مجموعة من الأفكار التى قد تساعد فى التعامل مع هذه القضية المهمة.
1- لابد من إدراك أن صورة مصر فى الخارج تبدأ من الداخل، ولهذ الأمر أكثر من معنى، أبسطها أن معظم ما ينشر فى وسائل الإعلام الغربية من أخبار أو آراء يكون مصدره مراسليها المقيمين فى القاهرة، ومن واقع خبرات سابقة فى التعامل معهم فإنهم يجدون صعوبة كبيرة فى التواصل مع أجهزة الدولة المصرية والحصول منها على المعلومة أو التعليق على الأحداث، وبالرغم من تحيزات بعضهم إلا أن أغلبهم مهنيون ويريدون نشر وجهات النظر المختلفة بما فيها وجهة نظر الدولة. والأمر يتطلب رؤية وآليات جديدة للتعامل مع هؤلاء المراسلين، ومراجعة الخصائص التى يجب أن تتوافر فى المتحدثين باسم أجهزة الدولة، والتى تتطلب فى المقام الأول خبرة إعلامية خاصة قد لا تتوافر لدى العاملين داخل هذه الأجهزة، ومن المهم انفتاحها على هذه الخبرات المحترفة من خارجها.
2- ارتباط الخارج بالداخل يتطلب أيضا تشكيل لجنة تضم ممثلين للوزارات والأجهزة المختلفة التى تتعامل مع قضايا داخلية لها أبعاد دولية مثل وزارات الداخلية والعدل ومعها بالطبع الخارجية والمخابرات العامة، وكذلك رئاسة الجمهورية فكما ذكر الرئيس هو «فى وش المدفع» وتحمله وسائل الإعلام الغربية مسؤولية كل ما يحدث فى مصر. ويكون دور هذه اللجنة هو النقاش والتدابر فى الأبعاد الدولية للقرارات الداخلية، والاستعداد المسبق للتعامل معها.
3- لابد من إنشاء مركز بحثى على مستوى عالمى لا يقتصر دوره على تقديم النصيحة للدولة، ولكن يقوم بالتواصل والحوار مع مراكز الأبحاث الغربية التى تساهم أفكارها فى تشكيل الرأى العام والتغطية الإعلامية بتلك الدول.
4- هناك أفكار كثيرة أخرى منها تطوير المواقع الخبرية المصرية باللغة الإنجليزية، والتركيز على التواصل مع المنابر الإعلامية الأجنبية المؤيدة لوجهة نظر مصر فى مكافحة الإرهاب، وإرسال وفود للخارج تضم خبرات رصينة وليس ما يتم الآن باسم الدبلوماسية الشعبية، وغيرها من الأفكار لا تتسع المساحة لنشرها.
5- وأخيرا لابد من طرح رؤية مصرية متكاملة للإصلاح السياسى وخطة لتنفيذها على غرار خطة الإصلاح الاقتصادى، وهى أولوية مصرية سيكون لها تأثير كبير على التنمية والاستقرار بمصر، وكما ذكرت فى بداية المقال فصورة مصر بالخارج تبدأ من الداخل.