x

محمد كمال المستقبل يتجه شرقا محمد كمال الأحد 06-03-2016 21:48


أتمنى أن تكون زيارات الرئيس السيسى لدول آسيا - وآخرها زيارة اليابان وكوريا الجنوبية- هى جزء من توجه استراتيجى مصرى نحو الشرق، وليس مجرد زيارات ثنائية تستهدف تحقيق منافع اقتصادية أو التنويع فى جدول سفريات الرئيس. فالزيارات لهذه الدول ليست بالأمر الجديد، وقام الرئيسان السابقان مبارك ومرسى بزيارات مماثلة، ولكن الجديد هو أن يكون هناك توجه استراتيجى نحو الشرق، خاصة آسيا.

ولكن ما معنى التوجه الاستراتيجى نحو الشرق؟ معنى ذلك أن يكون لك رؤية متكاملة للتعامل مع هذه المنطقة الجغرافية، وأن تغير فى ترتيب الدوائر التقليدية التى سارت فى فلكها السياسة الخارجية المصرية وبحيث تعطى الأولوية للدائرة الآسيوية، وأن يتجه نحوها الجانب الأكبر من مواردك الدبلوماسية ونشاطك الدولى.

ولماذا التوجه شرقا نحو آسيا؟ باختصار لأن آسيا هى المستقبل، لذا أصبح يطلق على القرن الذى نعيش فيه اسم «القرن الآسيوى». المستقبل سيكون لآسيا ليس فقط لأنها أكبر قارة فى العالم وأكثرها سكانا (واحد من كل ثلاثة أشخاص يعيشون على الأرض هو إما هندى أو صينى)، ولكن أيضا لأن ميزان القوة الاقتصادية والسياسية فى طريقه للانتقال لهذه القارة.

الصعود الاقتصادى لآسيا لا يرتبط فقط بالصين (التى تحتل المكانة الثانية كأكبر اقتصاد فى العالم)، ولكن يرتبط بصعود سبع دول هى الهند واليابان وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وتايلاند وماليزيا، بالإضافة للصين. ووفقا لأرقام بنك التنمية الآسيوى فإن هذه الدول التى يبلغ عدد سكانها 3.1 بليون نسمة (78% من سكان آسيا) وناتج قومى 15.1 تريليون دولار (87% من الناتج الإجمالى لآسيا عام 2010)، بحلول عام 2050 سيبلغ حجم سكانها 75% من آسيا وسيرتفع مساهماتها فى إجمالى الناتج القومى الآسيوى إلى 90%. وفى الفترة من 2010 إلى 2050 فإن هذه الاقتصادات السبعة ستمثل 53% من إجمالى الناتج القومى العالمى، فى حين أن مساهمة الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعتين سوف تمثل أقل من 15% من هذا الناتج، أى أن الدول الآسيوية السبع سوف تكون قاطرة للنمو الاقتصادى ليس فقط فى آسيا بل فى العالم كله.

دول آسيا تمتلك أيضا احتياطات مالية ضخمة، فتملك الصين واليابان وكوريا الجنوبية ما قيمته 5.5 تريليون دولار من الاحتياطات النقدية التى تبحث عن فرص للاستثمار فى الخارج. أى أن العالم بالنسبة لها ليس مجرد أسواق لمنتجاتها بل يمكن أن تساهم فى حركة التصنيع والتنمية فى دول أخرى مثل مصر. وقد أعلنت الصين بالفعل عن مبادرة «حزام واحد.. طريق واحد» والتى تستهدف التعاون الاقتصادى مع الدول التى كانت تمثل ما يعرف بطريق الحرير، والتى تشمل مصر أيضا.

آسيا أصبحت كذلك ساحة لتحولات استراتيجية كبرى، حيث تشهد انتقال موازين القوى من الغرب إلى الشرق، من منطقة المحيط الأطلنطى إلى آسيا ومنطقة المحيط الهادى. ويتم على أرضها تحول العالم من حالة القطبية الأحادية إلى نظام دولى جديد يقوم على تعدد الأقطاب، أطرافه هى الصين والهند وروسيا بالإضافة للولايات المتحدة.

التوجه الاستراتيجى المصرى نحو آسيا يعنى الارتباط الاقتصادى بدول هذه القارة كشريك تجارى واستثمارى. ويعنى أيضا السعى للارتباط بشكل أكبر بالمؤسسات الآسيوية متعددة الأطراف، ويعنى كذلك الاقتداء بالتجربة التنموية الآسيوية، والتى انطلقت من تطوير التعليم والتنمية البشرية، ومزجت بين النمو الاقتصادى ومكافحة الفقر، وبين قيم العولمة والهوية الوطنية. باختصار التوجه نحو الشرق هو توجه نحو المستقبل.

ملاحظة خارج الموضوع: ترشيح مصر للوزير أحمد أبوالغيط كأمين عام لجامعة الدول العربية هو اختيار صادف أهله، وما يملكه من رؤية وخبرة وإرادة كفيل بنقل العمل العربى المشترك لآفاق جديدة.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية