x

محمد كمال هل تتحاور مصر والسعودية وإيران؟ محمد كمال الأحد 03-04-2016 21:23


التقيت في الأسبوع الماضى مع مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بالصين الذي يزور القاهرة في مهمة بحثية، إحدى النقاط الرئيسية التي أكد عليها كانت أن الصين ترى أن مصر والسعودية وإيران هي ركيزة الاستقرار بالمنطقة، لذا تضمنت زيارة الرئيس الصينى الأخيرة للشرق الأوسط هذه الدول فقط، وأشار إلى أن الصين تؤيد رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران ولها خطط ضخمة للتعاون معها.

قبل ذلك بأيام كانت مجلة «أتلاتنك» الأمريكية تنشر حوارا مع الرئيس أوباما تحدث فيه عن أهمية إيران بالشرق الأوسط، وضرورة الوصول لحالة من التعايش بينها وبين المملكة السعودية. وبعدها بأيام نشرت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية مقالا مهما لزلماى خليل زاد، وهو أحد أقطاب المحافظين الجدد بالولايات المتحدة، وهو التيار الذي كان ينادى دائماً بحصار إيران والعمل على تغيير نظامها، إلا أن خليل زاد أيد الانفتاح الأمريكى على إيران والتعاون معها والاعتراف بدورها في الشرق الأوسط.

هذه التطورات لا يمكن فصلها عن زيارة العاهل السعودى الملك سلمان لمصر للتباحث مع الرئيس السيسى. المباحثات ستركز على القضايا الثنائية ولكنها ستتناول بالتأكيد القضايا الإقليمية الساخنة ومنها الأوضاع في سوريا واليمن والعراق، وهى قضايا تلعب إيران دورا رئيسيا فيها.

والسؤال هنا: كيف تتعامل مصر والسعودية مع إيران؟ ولماذا مصر والسعودية معا؟

إجابة السؤال الثانى هي أن مصر والسعودية تمثلان القيادة الطبيعية للعالم العربى في هذه المرحلة، ولن تستطيع إحداهما لعب دور قيادى دون التعاون مع الأخرى، ويجب أن يكون دورهما في قيادة العمل العربى المشترك شبيها بدور ألمانيا وفرنسا في قيادة الاتحاد الأوروبى. إذن تبنى موقف مصرى- سعودى مشترك تجاه إيران سيكون بمثابة البوصلة للعالم العربى في التعامل مع هذا الموضوع الشائك.

وأرى أنه قد حان الوقت لتبنى مبادرة مشتركة بين البلدين تفتح نافذه للحوار مع إيران. هذه المبادرة لا تعنى انتصارا للجانب الإيرانى أو الاستسلام لمطالبه، أو التسليم بسلوك إيران في إثارة الفتن وعدم الاستقرار بالمنطقة، أو التخفيف من المخاوف الحقيقية للملكة السعودية تجاه النوايا والسياسات الإيرانية التوسعية، ولكنها تعنى ببساطة توظيف الدبلوماسية والحوار بجانب أدوات القوة الأخرى في التعامل مع إيران.

الحوار مع إيران، من موقف عربى صلب تقوده مصر والسعودية، قد يساهم في تهدئة التوترات في القضايا الإقليمية السابق الإشارة إليها، ويطفئ جذوة الفتنة المذهبية التي تكاد تعصف بالمنطقة، ويساعد على توجيه الموارد للتنمية وليس الحروب والصراعات، ويجنب العالم العربى الجدل حول قضايا تزيد من انقسامه مثل القرار الأخير لجامعة الدول العربية باعتبار حزب الله (المدعوم من إيران) منظمة إرهابية.

البعض قد يرى أن هناك صعوبة في الحوار مع إيران لأن لها أكثر من وجه (معتدل ومتشدد) وتتحدث بأكثر من صوت. وهذا صحيح، ولكن ذلك الواقع لم يمنع من التوصل لاتفاق بين إيران والقوى الكبرى بشأن برنامجها النووى.

الحوار مع إيران تفرضه اعتبارات الجغرافيا السياسية وموازين القوة والأوضاع الدولية الجديدة، وقد تفرضه في المستقبل اعتبارات الإجهاد العسكرى والاقتصادى، لذا قد يكون من الأفضل فتح هذه النافذه الآن.

مبادرة مشتركة مصرية سعودية بشأن الحوار مع إيران تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية قد تساعد على وضع أساس لنظام إقليمى أكثر استقرارا. ومرة أخيرة فإن الحوار مع إيران لا يعنى الاستسلام أو القبول بالسلوك الإيرانى، ولكن يعنى استخدام كل أدوات «القوة الذكية» في التعامل معها بما في ذلك الدبلوماسية ودون التخلى عن أي خيارات أخرى.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية