وكتب الرئيس عبدالفتاح السيسى مغرّداً: «أرحّب بأخى جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين على أرض وطنه الثانى مصر»، واختتم التغريدة بهاشتاج: «مصر ترحّب بالملك سلمان».
وكتبت الصفحة الرسمية لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان، على تويتر: «لمصر فى نفسى مكانة خاصة، ونحن فى المملكة نعتز بها، وبعلاقتنا الاستراتيجية المهمة للعالمين العربى والإسلامى، حفظ الله مصر، وحفظ شعبها».
التحية بأحسن منها، حسناً الملوك والرؤساء العرب مثلنا يغردون، صحيح تغريدات بروتوكولية فى المناسبات الرسمية بجُمل دبلوماسية بلغة متحفظة تقوم عليها فرق رئاسية وملكية متخصصة إلا أنها بداية طيبة، عشنا وشفنا السيسى يطلق هاشتاج «مصر ترحّب بالملك سلمان»، والملك يغرّد «لمصر فى نفسى مكانة خاصة..».
السيسى وسلمان دون ألقاب على تويتر، هذا جديد على الأسماع، جديد على تويتر، ظاهرة الحكام العرب على وسائل التواصل الاجتماعى تستاهل التوقف، ظاهرة طيبة على كل حال.
لم يعد فيس بوك وتويتر حكراً على رؤساء وملوك وأمراء الغرب الذين ينخرطون تفاعلاً فى الفضاء الإلكترونى منذ زمن طويل، ويملكون حسابات قديمة ومتابعات كثيفة، تويتر يتسع أخيراً للملوك والرؤساء العرب، كانت حساباتهم شاغرة، تأخر الملوك والرؤساء العرب طويلاً، تباعاً يلحقون بقاطرة تويتر بتغريدات تستقطب اهتماماً هائلاً، الملوك والرؤساء يتنزلون من مقاعد الحكم ليتشاركوا مع المواطنين حساباتهم الفيسبوكية، يقيناً شعب تويتر اليوم سعيد.
عجباً، قد يمضى المواطن العربى عمره ولا يرى ملكه أو رئيسه إلا على شاشات التلفزة، الصور المتلفزة مصنوعة جيداً، لكنه يراه عادياً على تويتر، بل يشاركه حسابه على فيس بوك، ويوافقه، ويختلف معه، ويشاطره ما كتب، كل من يملك حساباً يرى رئيسه أو ملكه إلى جواره، يشاركه تغريداته، ويتفاعل مع هاشتاجاته، سلباً وإيجاباً، ديمقراطية الفضاء الإلكترونى لا تفرق بين ملك وفقير، ورئيس ومواطن، الكل على تويتر سواء، ولا فضل لرئيس أو ملك على فيس بوك إلا بعدد المتابعين.
السيسى خامس أكثر الرؤساء شعبية على فيس بوك، يتابعه نحو ستة ملايين على تويتر، حسابه كثيف المتابعة، والتغريد الرئاسى معلوم بحسابات دقيقة، كل حرف على الحساب له ألف حساب، ينتظره، يرقبه، ينقده، يعلق عليه، يقف منه موقفاً، السيسى ومثله الحكام العرب يتقربون من شعب تويتر بخُطى حثيثة، يقيناً يتحسبون كثيراً لمزاج شعب فيس بوك الحاد.
شعب الفضاء الإلكترونى يختلف بالكلية عن شعوب الأرض العربية، شعب تويتر يقتات الحرية، متمرد على القواعد المرعية، يسبح فى ديمقراطية فطرية، شائكة، طامحة، جامحة، متمردة، شعب فيس بوك لا يحكمه قانون أرضى، قانون الفضاء له أحكامه، هاشتاج يصعد بك إلى السماء، وهاشتاج يجلب عليك ما لا تحب ولا ترضى.
نقلة عصرية، الرئاسات العربية تعترف أخيراً بشعب تويتر، اعتراف متأخر بشعب الفيس بوك ولكنه مهم وضرورى، مضى زمن قاطع فيه الرؤساء والملوك العرب الفضاء الإلكترونى، تجنبوا بالكلية شعب تويتر، وأهملوا شعب الفيس بوك، التفاتة متأخرة، لماذا التفت الملوك والرؤساء العرب إذ فجأة إلى هذا الشعب المغرد، صاروا يغردون مثلهم، ويطلقون الهاشتاجات بلغتهم التلغرافية القصيرة، يشكلون ظاهرة فريدة على تويتر؟!..
يقيناً ثبت لهؤلاء أن إهمال شعب تويتر لا يستقيم مع أصول الحكم، وإهمال شعب فيس بوك ليس من آليات الحكم، والاكتفاء بخطاب العرش لا يصل بالرسالة المستحقة إلى مستحقيها، شعب تويتر صار حَكَماً، مشاركاً فى الحكم، تويتر وغيره من وسائل التواصل الاجتماعى صارت أدوات تغيير، وتشكيل اتجاهات، واستقبال الأفكار، صارت ضرورة سياسية، الرئاسات العربية تتغير، وإذا تخلت عن لغتها المحافظة وانخرطت فيسبوكياً وغرّدت، كسبت كثيراً، شعب تويتر يرحب بكم.