أدرك تماما أنك بدأت تشعر بالضيق والملل من كل تلك المقارنات الدائمة بيننا وبينهم.. بين مبارياتنا المحلية والكلاسيكو الإسبانى الذى شهده وتابعه كل أهل الكرة فى مصر مساء أمس الأول.. وأنا مثلك أيضا لم أعد مهموما بأى مقارنات مقتنعا بأنه لا أمل أن نصبح يوما ما مثلهم أو حتى نقترب منهم سواء فى لعبتهم المسماة كرة القدم أو فى عدالتهم وحرياتهم ونظافتهم ونظامهم وأمانهم وحقوقهم.. وبدأت بالفعل أقتنع بأننا لا نملك إلا الفرجة عليهم كلما أردنا الهرب أو الراحة الزائفة والنسيان الضرورى لواقعنا بكل ما فيه.. فالأمر لم يعد مجرد كلاسيكو إسبانى أو مباراة فى كرة القدم بين الريال مدريد وبرشلونة.. إنما كان وأصبح نظاما للحياة نعيشه كلنا سواء بالاختيار أو الاضطرار.. أن نعيش الواقع هنا والحلم هناك..
نلعب كرة القدم فى بلادنا ويقتل بعضنا البعض من أجل أهلى وزمالك ومصرى وإسماعيلى واتحاد، لكننا ننظر إلى هناك حين نريد الفرجة والاستمتاع بكرة القدم.. ندفع الملايين من أجل أفلام العيد ويدفع بعضنا الملايين من أجل دراما لتسليتنا فى ليالى رمضان لكننا حين نفتقد السينما والدراما تسافر عيوننا ومعها عقولنا وخيالنا إلى هناك..
نصرخ طول الوقت اعتزازا بمصريتنا ونغنى كلما جاءتنا الفرصة يا حبيبتى يا مصر وما شربتش من نيلها، ثم لا يتردد فى السفر إلى هناك كل من يستطيع من أجل إجازة أو علاج أو دراسة وعلم أو شراء أى شىء.. ولهذا لن أزعجك بأى مقارنة وكنت مثلك تماما أشاهد الكلاسيكو دون أدنى اهتمام بأى دروس يمكن تعلمها ومحاولة تطبيقها هنا فى مصر.. فكل من يطالب أو يحلم بذلك هو إنسان ساذج أو متهم تنبغى محاكمته بتهمة ازدراء الأوطان والحقائق والحياة.. فلويس إنريكى الذى تتضامن معه برشلونة كلها وتسعد بانتصاراته كمدير فنى لناديها الكبير.. كان فى الأصل لاعبا فى ريال مدريد ولعب إحدى عشرة مباراة أمام برشلونة وكان كثير الغضب والانفعال لمصلحة الريال ضد برشلونة..
ولا أحد يتذكر أو يغضب بسبب ذلك لأنه فارق كبير بين انتماء جمهور لناد واحتراف لاعبين يمكن أن يلعبوا هنا وهناك.. فنحن وحدنا الذين اخترعنا أوهام العشق الكروى وصدقنا أكاذيبنا..
وحسام حسن مثلا لا يمكن أن يقود الأهلى لأنه خائن ولعب يوما للزمالك والعكس صحيح بالنسبة لأى نجم زملكاوى.. وزين الدين زيدان يبدأ مشواره التدريبى بقيادة النادى المدريدى الملكى دون أن يطالبه أحد بالتدرج فى قيادة فرق صغرى، لأننا لا نتخيل أو نقبل النجاح من أول خطوة.. ويقف جمهور الريال فى استاد الكامب نو يصفق فى الدقيقة الرابعة عشرة لأسطورة هولندا وبرشلونة يوهان كرويف الذى رحل مؤخرا لأن هذه الدقيقة كانت رقم فانلة كرويف مع برشلونة.. وحكايات أخرى عليك أن تنساها تماما مع الصفارة الأخيرة لحكم الكلاسيكو الذى كان أجمل ما فيه بالنسبة للبعض منا هو خسارة برشلونة وميسى الذى للأسف اتهمه هؤلاء بإهانتنا حين تبرع بحذائه من أجل أى مشروع خيرى فى مصر.