نحن أساتذة في إفساد كل الأفكار الجميلة بالتطبيق الغريب والقبيح لها الذي به ننجح في تشويه أي فكرة ثم نسخر منها ونرفضها مهما كان احتياجنا لها.. وعلى سبيل المثال كان اختيار ثمانى سنوات سقفا زمنيا لبقاء أي مسؤول رياضى في نادٍ أو اتحاد فكرة ضرورية ورائعة.. ولاتزال كذلك بالمناسبة.. لكننا قررنا تطبيقها بشكل عاجل ومرتبك وخاطئ، وكأن المسؤولين كانوا مرغمين عليها فقرروا إفسادها حتى يعترض عليها الناس فيما بعد وتعلو صرخات المطالبة بإلغائها.. ونفس الأمر يجرى الآن في قطاع البنوك بعد قرار طارق عامر، محافظ البنك المركزى، بتسع سنوات منفصلة أو متصلة كحد أقصى لرئيس أي بنك حكومى أو خاص في مصر.. ونفس ما جرى في الرياضة سيجرى لاحقا في البنوك.. سيتم تشويه الفكرة وتضييع كل أهدافها النبيلة بالتطبيق الخاطئ والإصرار على هذه الأخطاء حتى تموت الفكرة تماما.. فلماذا الإصرار على تطبيق هذا الحد الزمنى على بنوك ليست مصرية ولا تملكها الدولة.. فإن كان محافظ البنك المركزى يريد ضمان الحيوية وعدم تصلب شرايين البنوك المصرية فقد كان عليه إدراك أنه لا سلطان له على البنوك غير المصرية التي تملك وحدها حق اختيار موظفيها ومدد بقائهم وفق معايير نجاحهم ومراجعتهم ومحاسبتهم الدائمة.. ولن تقبل هذه البنوك قرار محافظ البنك المركزى ولن تستجيب له.. ويوما وراء يوم سيتم إلغاء القرار تماما بعد فصول التشويه والسخرية والدهشة والغضب.. أما إذا كان محافظ البنك المركزى له مقاصد أخرى ويريد إبعاد شخوص بأعينهم وإهداء مناصبهم ومقاعدهم لآخرين غيرهم.. ولهذا كان هذا الاختيار الغريب لتسع سنوات بالتحديد وليس ثمانى سنوات كما هو متبع في العالم كله بالنسبة للسقف الزمنى للمنصب في كثير من مجالات الحياة.. فتلك قضية أخرى.. تماما مثلما بدأت حكاية تحديد المدة للمناصب الرياضية بقصد إبعاد شخوص بأعينهم قبل أن تصبح الثمانى سنوات واقعا وحقيقة.. لكننا قررنا تطبيق بند الثمانى سنوات بشكل فجائى وخاطئ أيضا.. فكان الارتباك والحيرة وكأن ذلك كان مقصودا لإفساد كل شىء.. فلم يجر تطبيق الثمانى سنوات على كل منصب في أي اتحاد أو نادٍ رياضى.. بحيث يمكن لعضو مجلس الإدارة بعد ثمانى سنوات أن يصبح رئيسا أو يصبح نائب الرئيس رئيسا.. فاللجنة الأوليمبية الدولية مثلا تقوم بتطبيق هذا البند على أعضاء المكتب التنفيذى، أي مجلس إدارة اللجنة، واستثناء الرئيس.. وقريبا سيجرى تطبيقه على منصب الرئيس أيضا بعد كل هذه الفترة الانتقالية.. و«فيفا» قرر منذ شهر واحد فقط تطبيق السقف الزمنى على الرئيس وكل أعضاء اللجنة التنفيذية.. وأصبح الجميع يعرفون ذلك دون أي مفاجآت أو قرارات فورية.. فقد اكتشف «فيفا» أن البقاء أكثر من ثمانى سنوات في المنصب هو بمثابة دعوة صريحة للفساد والترهل والجمود.. لكننا في مصر لانزال نرى أن الفساد هو تحديد هذا السقف الزمنى.. فنحن لا نريد رحيل أي مسؤول ولا نحب التغيير أو المغامرة أو حتى الأحلام.