البرادعى ليس خائناً، الخائن وفقاً لمفهومى وخبرتى المحدودة فى القانون هو الجاسوس أو العميل أو المحارب لوطنه وشعبه وأهله.
البرادعى ليس كذلك، بل هو تحمل الكثير من أجل نصرة ثورة 30 يونيو، بل إننى أجزم أن خروج البرادعى على نظام الإخوان وعلى الرئيس الأسبق مرسى قاد وراءه الجزء الأكبر من التيار الليبرالى.
تبدل رأى الرجل بعد ذلك بسبب الدماء التى سالت فى «رابعة» و«النهضة»- مثله فى ذلك مثل مصريين كثيرين.
أنا واحد من الذين يؤمنون بأن ما حدث فى «رابعة» جريمة، وأن «السيسى» ما كان ينبغى أن يمر عليها. كان من المفترض أن يفتح ملفها بشفافية، وأن يحاسب المتجاوزين فى دماء المصريين.
الرجل- البرادعى- له حيثية دولية وصوت مسموع، بل إنه المسؤول الأبرز الذى قال كلمة حق ضد الولايات المتحدة، ولم ينسق وراء الادعاءات بوجود سلاح نووى فى العراق.
لذلك، فإن حذف اسمه من مقررات وزارة التربية والتعليم جريمة، بل هو خطأ سياسى لا يطال فاعله فقط، وهو هنا وزارة التربية والتعليم، وعلى رأسها وزير التربية والتعليم، بل مسؤول عن ذلك رئيس الحكومة.. بل رئيس الجمهورية.
لذلك فإننى أرى الفرصة سانحة ومهيأة أمام الرئيس أن يتخذ إجراءين فقط، أولهما إقالة وزير التربية والتعليم، ويكون القرار هنا بمرجعية سياسية، فالسبب هنا تزوير التاريخ والواقع، وليس لأخطاء الرجل المهنية والإدارية.
أتذكر أننى لم أعلم أن لمصر رئيساً أسبق اسمه محمد نجيب إلا وأنا فى نهاية المرحلة الثانوية- منتصف الثمانينيات من القرن الماضى- لم أكن أعلم سبب هذا التشويه لأفلام محمد عبدالوهاب ونجيب الريحانى عندما تكون فى الخلفية صورة الملك فاروق. الزمن تغير، لا يستطيع النظام الحالى تكرار هذا التزوير. هذا خطأ وعلى «السيسى» ألا يوافق عليه.
أما الإجراء الثانى، الذى أدعو الرئيس السيسى لاتخاذه، فهو الاعتذار للبرادعى عن هذا الخطأ.
وأعتقد أنه سيكون وراء هذا التصرف الكثير من الآثار الإيجابية التى تفوق سلبياته.
السيسى يحتاج للتقارب مع فئات المجتمع. بدأ لقاءاته بالمثقفين وهذا شىء إيجابى، ولكن الأهم فى نظرى هو اتخاذ اختراق سياسى مهم يحرك المياه الراكدة على الساحة.
لقد سئمنا- كإعلاميين- نفس الوجوه والأحداث والمشاكل، لذلك فإننا فى حاجة ماسة لنجوم جديدة، وكما أن المصالحة الشاملة صعبة فى هذه الظروف، خاصة فى ظل الاحتقان السياسى وتنامى العنف والتطرف، فإن تقديم بعض التنازلات من الرئيس وجهازه تجاه التيار الوطنى مهم.
الرئيس فى حاجة ألا يتحمل أوزار غيره حتى لو كانوا من أخلص رجاله.. الأخطاء تتزايد.. والتحديات التى تواجهنا تتفاقم.. والرئيس يحتاج إلى مزيد من الأصدقاء.. وعلى الأقل تحييد الأعداء والمعارضين.