x

شوقي السيد ضمانات دستورية فى مواجهة إقالة الوزراء! شوقي السيد الأحد 20-03-2016 21:28


■ بعد أن هدأت العاصفة، واحتدم الجدل حول أحقية رئيس الوزراء فى إقالة الوزراء، سواء صدر القرار من دماغه، أو صدر بتوجيه الرئيس، وسواء كانت الأسباب الحقيقية خفية أو معلنة، أو كان الوزير الأول من حقه إقالة الوزير قبل مناقشة برنامج الحكومة أمام مجلس النواب أو بعدها.. خاصة أن برنامج الحكومة سوف يناقش 27 مارس الجارى، أى بعد أيام معدودة، بحسب آخر رواية وتصريح لرئيس الوزراء، دعونا نترك كل هذا الجدل، مهما كانت قيمته أو قوته، أو صحة الرأى فى هذا الجانب أو غيره، وأياً كان الخلاف الدائر بشأنه.

■ لكن الأدهى والأهم.. أن من يطالع قرار رئيس الوزراء رقم 701 لسنة 2016 الصادر بتاريخ 14 مارس بإقالة الوزير المستشار أحمد على إبراهيم الزند من منصبه اعتباراً من 13 مارس 2016، أى اليوم السابق على صدور القرار، تعد أول سابقة لرد الفعل على عدم تقديم الوزير استقالته.. فى مواجهة رئيس الوزراء.

■ والأدهى من ذلك أن قرار رئيس الوزراء يا حضرات، الذى نشر فى الجريدة الرسمية العدد 10 مكرر «أ» وسريانه اعتباراً من 13 مارس 2016 قبل صدوره فى 14 مارس 2016، تكشف مفردات القرار ذاته عن التزوير والإيهام فى أمرين ثابتين بالدليل القطعى كما يقولون فى أدلة الثبوت والاتهام.

■ الأول أن رئيس الوزراء يؤكد فى ديباجة القرار أنه اطلع على الدستور، ولو كان ما أقدم على إصدار القرار، لمخالفته الدستور، وتحديداً الفقرة الأخيرة من المادة 146 التى تؤكد الانحياز عند الاختيار أو الإقالة، لأربعة وزراء تحديداً هم: الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.. إذ لا يملك رئيس الوزراء وحده مطلق الاختيار.. وإنما يجب التشاور مع رئيس الجمهورية، وكذلك المادة 147 من الدستور التى تشترط عند إجراء أى تعديل وزارى أن يصدر القرار من رئيس الجمهورية وبعد التشاور مع رئيس الوزراء ويشترط موافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن الثلث، أى موافقة 198 عضواً على الأقل بالتمام والكمال، وهى ضمانة أكيدة وجديدة فى حق السادة الوزراء، واحتراماً وتقديراً لإرادة الشعب، حتى لا نظل واقفين أمام وزراء موظفين مترددين.. وخائفين ومرتعشين، وهذه ضمانة دستورية أتى بها الدستور الجديد للصالح العام وتمكيناً لأداء الحكومة عملها بحرية ومسؤولية أمام مجلس النواب!!

■ الأخطر من هذا كله يا حضرات.. أن قرار رئيس الوزراء يشير فى ديباجته إلى أنه اطلع على القرار رقم 379/2015 الصادر بتشكيل الوزارة، ويدعى أنه قد صدر من رئيس الوزراء، فتأتى ديباجة القرار لتشير بعد الاطلاع على قرار رئيس الوزراء رقم 379/2015 الصادر بتشكيل الوزارة، وهى واقعة كاذبة بقصد الإيهام بأن تشكيل الوزارة يصدر بقرار رئيس الوزراء.. وأن تعيين الوزراء وإقالتهم بيد الوزير الأول رئيس الوزراء، رغم أنه هو نفسه معين بذات القرار شأنه شأن الوزراء، والمدهش أن القرار المشار إليه فى الديباجة برقم 379/2015 صادر من رئيس الجمهورية ولم يصدر من رئيس الوزراء، لسبب بسيط أنه لا يجوز دستورياً أن يصدر من رئيس الوزراء.

■ وفضلاً عن كون هذه الواقعة تتضمن تغيير الحقيقة فهى أيضاً تدخل فى معنى الإيهام، لأنه ببساطة يوهم القارئ بأن القرار رقم 379/2015 الصادر بتشكيل الوزارة، صادر من رئيس الوزراء، رغم أنه صدر من رئيس الجمهورية بتشكيل الوزارة.. ومنشور فى الجريدة الرسمية العدد رقم 38 مكرر فى 19 سبتمبر 2015، وقد ورد به بالمادة الأولى تعيين المهندس شريف محمد إسماعيل، رئيساً لمجلس الوزراء، وتعيين السادة الوزراء «ص3» أولهم سيادة الفريق أول صدقى صبحى، وزيراً للدفاع والإنتاج الحربى، وآخرهم فى ذات الصفحة بعد السيد وزير الداخلية، السيد المستشار أحمد على إبراهيم الزند، وزيراً للعدل!! برقم 17 بين الوزراء، والسيدة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة، وقد نشر قرار رئيس الجمهورية فى تاريخ صدوره 19 سبتمبر 2015، ولا يمكن أن يقبل عقل المواطن تغيير الحقيقة من جانب رئيس الوزراء، كما لا يمكن قبول ذلك على أنه خطأ مادى غير مقصود، لأن الذى يؤكد القصد أنه وكأنه يوهم الرأى العام بأن رئيس الوزراء هو الذى عين الوزراء وله أن يقيلهم، وهو خطأ فادح يجعلنا نفقد كثيراً من الثقة بما أتى به القرار أن الذى وجه بالإقالة هو السيد رئيس الجمهورية.

■ وهكذا فقد صدر قرار إقالة الوزير مخالفاً للشكل والمضمون.. وهو ما يطرح قضية أخطر.. هل رئيس الوزراء يمكن بعد ذلك أن ينعم بثقة مجلس النواب عند مناقشة برنامج الحكومة أو عند الحديث أو التصريح أو الوعود والالتزام؟ ويحسن ترك الإجابة عن ذلك لكل مواطن من أبناء هذا الشعب الكريم، ولكل نائب من نواب الأمة تحت قبة البرلمان، وهى أيضاً متروكة للرئيس الذى أصدر قراره بتعيين رئيس الوزراء بالقرار رقم 379 بتاريخ 19 سبتمبر 2015، أى منذ ستة أشهر.. وهو ما يستدعى الاستجواب والمساءلة وسحب الثقة، حتى ولو لم يكن قد حصل عليها بعد.. بل حتى ولو أعلنت الحكومة تضامنها مع الوزير الأول أو رئيس الوزراء، قبل التصويت، فإنه عندئذ ينبغى على الحكومة تقديم استقالتها أمام مجلس النواب!!

■ ولا يعفى رئيس الوزراء من المسؤولية فى إصدار قرار الإقالة.. أن يلقى بالتهم على أى من المستشارين الذين أعدوا القرار شكلاً وموضوعاً.. وما ورد بديباجة القرار ذاته!! لأنه أمام واقعة خطيرة غير مسبوقة.. تتضمن تغيير الحقيقة والإيهام بقرار الإقالة الذى أصدره رئيس الوزراء.. وكان الله فى عون الرئيس.. والناس أجمعين عن هذا الخطأ اللعين!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية