x

مجدي الجلاد شرف الكلمة..! مجدي الجلاد الثلاثاء 08-03-2016 21:46


أنت كلمة.. وأنا كلمة.. خلقنا الله بـ«كلمة».. قال للكون «كن».. فكان.. فلماذا يقولون إنك تضيق بـ«الكلمة»..؟!

عهدك معنا كلمة.. وحقك علينا كلمة.. جئت بكلمة.. وتحلقنا حولك بكلمة!

بشر أنت.. ونحن كذلك.. قلت لنا كلمة: قومونى.. انصحونى.. وساعدونى.. وقلنا لك كلمة: لك ما كان للعادل عمر بن الخطاب حين قال: أيها الناس من رأى منكم فىَّ اعوجاجاً فليقوّمه!

الميثاق بيننا كلمة.. قطعت وعداً لأهلك بـ«كلمة».. فصدقوك.. وصدقت.. حملوك فوق أعناقهم وأسكنوك قلوبهم بـ«كلمة».. آمنتهم من خوف.. فصنعوا من أجسادهم النحيلة درعاً لك وحصناً!

مصر كلمة.. أنت أحد حروفها.. فكيف ينفد صبرك ونحن فى بداية الطريق..؟!

جمعتنا الكلمة.. فهل ترضى أنت ونقبل نحن أن تفرقنا «الكلمة»؟!.. إذا حدث.. فلا أنت ولا نحن كنا صادقين؟!

الكلمة شرف.. واللسان له زلات.. وللقلم هنات.. تعاهدنا على «الكلمة».. قرارك كلمة.. يصيب أو يخطئ.. ورأينا كلمة.. يمسك بالحقيقة أو يجنح إلى الغلو.. غير أن كلينا - أنت ونحن - بشر.. فلا ينبغى أن نبخسك حقك حين نختلف معك.. ولا يجب أن تكمم أفواهنا وتكسر أقلامنا عندما تنحرف بنا «الكلمة».. فمن كان منكم بلا خطيئة.. فليرمها بحجر..!

الكلمة نور.. فكلما كان يسود الظلام أرسل الله عز وجل رسولاً بـ«الكلمة».. الهدى كلمة.. والضلال كلمة.. الحق كلمة.. والباطل كلمة.. وسنقف جميعاً أمام الخالق وحده ليحاسبنا بـ«الكلمة»!

الكلمة نور.. ليست لكاتبها.. وإنما لك.. فقد ورثت تركة ثقيلة أفسدتها الكلمة.. الاستبداد كلمة.. الطغيان كلمة.. والفساد كلمة.. فكيف لك - وأنت بشر - أن تسير فوق الأشواك وحدك؟!.. الكلمة الشريفة تنير لك الطريق وتنزع الأشواك.

يقول لك بعضهم «الكلمة عدوك».. قل لهم «ما أحوجنى لكلمة المحب حتى لو آلمتنى.. حتى إن أوجعتنى».. قل لهم «كلمة الخصم سم زعاف.. وكلمة الصديق ترياق ومصباح يضىء لى الطريق»..!

الكلمة حياة.. لا تئدها فى مهدها.. دعها تولد من رحم دافئ.. فإن خرجت من جوارح مرتعدة باتت نصلاً فى ظهرك.. وإن ارتجف القلب خوفاً.. لن يصارحك أحد.. ستنطق الألسن بما تقرؤه فى عيونك.. وسيكتب القلم بمداد يخرج من بين أصابعك.. لن يقول لك أحدهم «خلى بالك».. ولن يقوى آخر على القول «حاسب».. وسيصبح النفاق هو «الكلمة».. وربما تصمت الأفواه.. لتلتهب الأكف بالتصفيق دون تفكير..!

أصارحك بـ«كلمة».. ترددت قليلاً قبل أن أكتب تلك «الكلمة».. توقف قلمى أكثر من مرة.. تملكنى بعض الخوف.. غير أننى تحصنت بـ«كلمة»: أحبك وأحترمك ولا أريد أن تغلق أذنيك عن «الكلمة».. ثم إننى أعشق الكلمة.. بها ولها أحلم أن أعيش محترماً.. وأموت محترماً..!

الكلمة أمانة.. والسلطة مسؤولية.. الكلمة تحمل أثقال الدنيا عن كاهل الحاكم.. الكلمة الصادقة سيف فى غمدك تشهره فى وجه أعدائك.. والكلمة ماس يطغى لمعانه على «ذهب» التيجان والكراسى.. ولـ«الكلمة» قدسية.. فبها نادى موسى خالقه.. وبها كرم الله نبيه.. فأصبح موسى صاحب الشرف الوحيد «كليم ربه»!

الكلمة ابتلاء.. ينطقها المرء رصاصة فى القلب.. أو زهرة برية تفوح عبيراً.. غير أن لـ«الرصاص» صنفاً لا يُدمى.. يطلقون عليه فى الأدب «رصاصة ود».. تومض فى السماء، فتنير البصر والبصيرة.. أما «الزهور» فليس كل ما يبدو منها جميلاً وفواحاً.. ثمة كلمات نحسبها زهوراً.. بينما يغلفها الشوك وتسيل منها السموم..!

الكلمة حق لك علينا.. فكيف نخشاك فى الحق؟!.. فإن أصابت فلنا أجران.. وإن أخطأت فلنا عليها أجر.. فمنذ متى والمرء يدفع ثمناً للحق..؟!

آه.. عفواً.. حدث ذلك كثيراً.. ثمة كلمات أودت بحياة قائلها.. غير أننى أربأ بك أن تفعلها.. وتذكر دائماً هذا النص المبدع للراحل العظيم عبدالرحمن الشرقاوى فى مسرحيته الخالدة «الحسين ثائراً»..!

الوليد بن عتبة بن أبى سفيان أراد بيعة «الحسين» لـ«يزيد بن معاوية».. فقال لإمام الأتقياء:

نحن لا نطلب إلا كلمة

فلتقل بايعت واذهب بسلام إلى جموع الفقراء

فلتقلها واذهب يا ابن رسول الله حقناً للدماء

فلتقلها ما أيسرها إن هى إلا كلمة..

الحسين: كبرت كلمة

وهل البيعة إلا كلمة

وما دين المرء سوى كلمة

وما شرف الله سوى كلمة

ابن مروان بغلظة: فقل الكلمة واذهب عنا

الحسين: أتعرف ما معنى الكلمة؟

مفتاح الجنة فى كلمة

دخول النار على كلمة

وقضاء الله هو كلمة

الكلمة لو تعرف حرمة زاد مذخور

الكلمة نور

وبعض الكلمات قبور

وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى

الكلمة فرقان بين نبى وبغى

بالكلمة تنكشف الغمة

الكلمة نور

ودليل تتبعه الأمة

عيسى ما كان سوى كلمة

أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين

فساروا يهدون العالم

الكلمة زلزلت الظالم

الكلمة حصن الحرية

إن الكلمة مسؤولية

إن الرجل هو كلمة

شرف الله هو الكلمة

قتلوا «الحسين» لأنه آمن بـ«شرف الكلمة».. فصار هو إماماً للشهداء.. وصاروا هم زعماء القتل وسفك الدماء.. كلاهما رحل إلى بارئه.. الأول شهيداً.. ومن دنسوا «الكلمة» يحملون دمه فوق رؤوسهم..!

الكلمة شرف الله.. فكيف أكتمها خوفاً منك؟!.. دعنى أقلها حباً واحتراماً.. فمهما قلت لن أكون «الحسين».. ومهما أغضبتك لن تكون «الوليد»..!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية