x

عبد الناصر سلامة المخبرون الأقزام عبد الناصر سلامة الأحد 06-03-2016 21:47


العبد لله تخرج فى جامعة الأزهر، شعبة الصحافة، بتقدير جيد جداً، عام ١٩٨٢ (كلية الإعلام حالياً)، وكان ممكناً مواصلة العمل الأكاديمى بالكلية أو بغيرها، إلا أننى آثرت العمل بمهنة الصحافة، تحديداً بجريدة الأهرام التى حصلت من خلالها على جائزة الصحافة المصرية عام ١٩٨٨، تسلمتها من الدكتور عاطف صدقى، رئيس الوزراء حينذاك، ملفاتنا الصحفية متخمة بالتحقيقات الصحفية، والتغطية الإخبارية من أكثر المواقع سخونة، مثل الحرب العراقية الإيرانية، والحرب الأفغانية، والحصار على ليبيا، والحوارات مع العديد من الشخصيات، ورؤساء الجمهوريات، والأعمدة والمقالات، ناهيك عن العمل بصحف أخرى عربية تخللت تلك السنوات الطويلة، قدمنا خلالها أيضاً الكثير، ثم رئاسة تحرير الأهرام نحو عام ونصف من خلال أول مسابقة لمثل هذا الموقع، بما يمنحنا الحق فى الكتابة فى أى صحيفة، بل كل صحيفة، يا هذا الشخص أو ذاك.

الغريب أن أُفاجأ بالبعض فى تخصصات أخرى، لهم من الملفات غير ما لهم، استخدمتهم الأجهزة الأمنية تارة، اقتحموا عالم الصحافة، بل الكتابة، وأخذوا ينفذون تعليمات هذه الجهة أو تلك، ومع طول الوقت الذى لم تعترض فيه الجهات ذات الصِّلة، ظن هؤلاء أنهم أصبحوا من أبناء المهنة بحكم الواقع الأليم، فأخذوا يقذفون أبناء المهنة الحقيقيين، متوهمين أنهم غير مكشوفين، رغم أنهم عُراة حتى أمام العامة.

ولأن لسانى، كما قلمى، يتعفف عن ذكر أسماء مثل هؤلاء، التى سوف تتخذ من ذلك ذريعة لكسب ودّ ورضا الأجهزة التى تتبناهم، فسوف أشير فقط إلى أن هذه النوعية من البشر لن تحصل أبداً على ما تسعى إليه من مناصب هنا أو هناك، نظراً لأن ملفاتهم متخمة بكل ما هو ردىء، وسيئ، ومشين، وقد تناولناهم من قبل حين تحدثنا عن التمويل الأجنبى.

وبالمناسبة، منذ الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، والعبد لله كالغصة فى حلق هؤلاء وأمثالهم طوال الوقت، لمجرد أن ملف العمالة والتمويل الأجنبى كان من أولويات اهتماماتى فى الكتابة والنقاشات التليفزيونية فى ذلك الوقت وحتى الآن، فأخذوا يستثيرون الأجهزة الأمنية على العبد لله تارة، والكُتَّاب والزملاء تارة أخرى، وها هم يكشفون عن وجههم الحقيقى، حتى وصل بهم الحال إلى استثارة النظام بأكمله.

بالتأكيد هى أمراض تعانى منها المجتمعات المهترئة، أمراض مثل النفاق، ناهيك عن الأمراض الأخلاقية، إن هؤلاء أكدوا دوماً أن النفاق هو أكثر الأمراض استيطاناً، من الصعب علاجه، حتى لو كانوا يمتهنون الطب، ولأن فاقد الشىء لا يعطيه، ولأنهم فشلوا فى علاج أنفسهم، فمن الطبيعى أن يفشلوا فى علاج الآخرين، ومن الطبيعى أيضاً ألا يرتقى مستوى استيعابهم لما نكتب، فسَّروه تبعاً لتكوينهم الأمنى والتآمرى، دون الأخذ فى الاعتبار أننا ننقل الواقع أو نبض الشارع، ودون الأخذ فى الاعتبار أيضاً أن القيادة السياسية قد سمحت بمثل هذه المساحة من التعبير، نزولاً أيضاً على رغبة الشارع، ولأن هؤلاء أيضاً قد اعتادوا النفاق فلم يستطيعوا إذن أن يستوعبوا تطورات المرحلة. ما يعنينى فى مثل هذه الحالة هو أن عملية تبليغ الجهات الأمنية عن خلق الله يبدو أنها قد تطورت بتطور المجتمعات، على الرغم من أننا محلك سر فى مجالات عديدة، إلا أن هذا المجال آخذ فى التطور لدينا بطريقة غريبة، فأصبح التبليغ عياناً بياناً عن طريق مقالات الصحف والبرامج التليفزيونية دون أدنى حياء، وبطريقة غير مسبوقة، مستغلين بعض الصحف التى فتحت أبوابها بنيات حسنة، إلا أن الأمر بالتأكيد أصبح يحتاج إلى وقفة، هذه الوقفة يجب أن تحدد من هو الجدير بالكتابة، من يستغل الكتابة للإبلاغ عن الناس واستثارة الأجهزة عليهم، من لا يعلم كيف يكتب سوى الغلط والذم فى خلق الله.

أعترف بأنهم قد حققوا أحد أهدافهم، جعلونا نهتم بما هو خاص عن الشأن العام، لنتحدث عن أنفسنا، رغم الكثير من القضايا التى كان يجب أن تنال اهتمامنا، وهو ما لم نكن نبغيه، إلا أنها الضرورات، لكن على الجانب الآخر، قد نجد أنفسنا أمام قضية على قدر كبير من الأهمية، وهى الغباء الذى يجعل البعض يكشفون عن وجههم القبيح، بكل بساطة، ونتيجة حسابات خاطئة أيضاً، تجعلنا نوجه لهم نفس أسئلتهم، كيف وبأى حق تفتح لكم صحف محترمة أبوابها للكتابة، ولماذا تصرون على ذلك، أهى الضرورة الأمنية، أهى التغطية على الفشل الوظيفى بعد العديد من قضايا إهدار المال العام، والتحرش الجنسى، أم أن هناك شيئاً آخر؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية