x

منار الشوربجي من أين يأتى تأييد ترامب؟ منار الشوربجي الثلاثاء 01-03-2016 21:40


من يسعى لفهم ظاهرة الصعود المدوى لدونالد ترامب طوال الفترة الماضية فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عليه أن يدير وجهه بعيدا عن السباق الانتخابى ويلقى نظرة على ما يدور داخل الكونجرس. ففى الأسابيع الماضية، وفور وفاة قاضى المحكمة العليا، أنتونين سكاليا، ذى التوجهات اليمينية، أعلن الجمهوريون الذين يشكلون الأغلبية بمجلس الشيوخ أن مقعده لابد أن يظل شاغرا حتى ينتخب الرئيس الأمريكى الجديد، وأنهم سيرفضون «أى» مرشح يختاره أوباما! ففى أمريكا، تتكون المحكمة العليا من تسعة قضاة يتولى الواحد منهم مهام منصبه حتى وفاته أو متى قرر التقاعد بمحض إرادته. فإذا ما شغر أحد المقاعد، يرشح الرئيس بديلا له، لا يتولى منصبه إلا بعد موافقة مجلس الشيوخ. وليس سرا أن كل رئيس، إذا ما أتيح خلال ولايته اختيار أحد القضاة، فهو يختار من يتوافق معه فى التوجهات الأيديولوجية. لكن ذلك المرشح تنعقد له بعد ذلك، فى لجنة القضاء بمجلس الشيوخ، المكونة من أعضاء من الحزبين جلسات استماع علنية قد تمتد لساعات يسأله فيها الأعضاء ما يشاءون من الأسئلة ويفحصون سجله ثم يقومون بالتصويت على قبوله من عدمه، فإذا وافقت اللجنة، يرفع الأمر للمجلس ككل للتصويت عليه. وكثيرة هى المرات التى قدم فيها الرئيس مرشحا رفضه المجلس، فاضطر الرئيس لاختيار غيره، أما أن يعلن المجلس أنه سيرفض «أى» مرشح يقدمه الرئيس، لا مرشح بعينه بسبب مؤهلاته، فتلك سابقة جديدة.

فالمحكمة التى تصدر أحكامها بالتصويت ظلت تميل بفارق صوت واحد لصالح اليمين. ولأن اختيار أوباما، الديمقراطى، لمن يشغل المقعد الشاغر سيحدث تحولا فى تشكيل المحكمة لتميل فى تصويتها نحو اليسار، يريد الجمهوريون وقف الإجراءات من الأساس، أملا فى أن يتولى الرئاسة جمهورى فى يناير 2017. وهو ما يعنى شلل المحكمة العليا لأكثر من عام كامل على الأقل.

وقد احتدمت المعركة بعد تصريحات الجمهوريين تلك، فأعلن أوباما إصراره على القيام بدوره الدستورى واختيار من يشغل المقعد، فأصدر الجمهوريون بلجنة القضاء بيانا أكدوا فيه أنهم لن يُجَهزوا جلسات استماع «لأى» مرشح يقدمه أوباما، وقام زعيم الأغلبية الجمهورية بالمجلس بلى ذراع الأصوات الجمهورية التى خرجت عن السرب فإذا بها تعلن تراجعها. ورغم أن استطلاعات الرأى تشير إلى أن 62% من الأمريكيين قالوا إن أوباما ومجلس الشيوخ عليهما مسؤولية العمل لملء المقعد الشاغر «الآن»، فإن موقف الجمهوريين يظل جزءا من منهج الصدام بالمطلق مع الرئيس وحزبه والإصرار على رفض أية حلول وسط.، ومن أجل نجاح تلك الاستراتيجية، قامت رموز مهمة فى الحزب بدعم مرشحين لمقاعد الكونجرس بمجلسيه لم يكن مطلوبا منهم عند الفوز سوى الإصرار على ذلك الصدام. لكن فى المقابل، صمتت رموز الحزب تلك عن خطاب بالغ التطرف استخدمه الكثيرون من أولئك المرشحين تحت شعار «الحزب الجمهورى»، فساعد ذلك على تنامى الجناح المتطرف بالحزب ولعب الإعلام اليمينى دورا فى تأجيج الغضب إزاء أية محاولات للتوافق. وقد نجحت تلك الاستراتيجية فى خلق أغلبية بالمجلسين لكن قيادات الحزب فوجئت بالمارد يخرج من القمقم ويؤيد ترامب الذى يستخدم لغة التطرف ذاتها. والسيناتور تيد كروز، بالمناسبة، الذى ظل يأتى فى المرتبة الثانية بعد ترامب، حتى كتابة السطور هو نفسه أحد رموز ذلك الفريق من المرشحين الذين انضموا للكونجرس بناء على تلك الصفقة. ترامب نتاج استراتيجية بائسة اتبعها الجمهوريون، ولايزالون على ما يبدو!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية