x

رندة أبو العزم دونالد ترامب والمزاج الأمريكى هل ترجَحُ كفّة التطرّف؟ رندة أبو العزم الثلاثاء 16-02-2016 21:26


ضد المرأة، ضد الأقليات، ضد المهاجرين، ضد ذوى الأصول المكسيكية، ضد المسلمين، المهرج، صاحب برامج تليفزيون الواقع، يجيد التفاوض وعقد الصفقات، يجيد عمل ضجة إعلامية، أسكت زوجته السابقة إيڤانا (من أصل روسى) بملايين الدولارات عن فضيحة اغتصابه لها، الملياردير الذى تصل ثروته لأكثر من 4.5 مليار دولار، معروف بالشتام، وبتسريحة شعره ولونه البرتقالى.

لو أردنا تعريف دونالد ترامب فالقائمة طويلة ولا تنتهى. عندما قرر الترشح للرئاسة اعتبرها البعض مزحة ستنتهى سريعا فالحزب الجمهورى لن يغامر أو يقامر بمرشح يحمل كل هذه المواصفات، وبحسب عدد غير قليل من الخبراء والمسؤولين السابقين الأمريكيين الذين التقيتهم وتحدثت معهم عن كيفية قبول الشعب الأمريكى لترامب استبعدوا جميعا أن يكمل المشوار.

ولكن وعلى عكس جميع التوقعات استمر ويستمر ويتوغل وينتشر.. ترامب يحصد الأصوات والإعجاب ويعرف جيدا ما الذى يجب عمله، ويفوز فى الانتخابات التمهيدية فى نيوهامبشاير بالمركز الأول بفارق كبير عن بقية منافسيه بعد أن جاء فى المركز الثانى فى ولاية أيوا، ولكن ترامب يراهن ويكسب بعكس جميع التوقعات والأمنيات، وها هو الآن يستعد لولاية ساوث كارولينا ثم نيڤادا أواخر الشهر الجارى ثم بقية الانتخابات التمهيدية التى ستتوالى (وتعد نتائجها المؤشر الرئيسى لاختيار كل حزب لمرشحه)، حتى موعد إعلان الحزب الجمهورى عن مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية فى 21 من شهر يوليو القادم.

من الواضح أن ترامب يقترب من أن يكون مرشح الحزب الجمهورى إذا سار على نفس الوتيرة، وعلى أسوأ الظروف فى حال لم يرشحه الحزب فسيقوم بالترشح مستقلا وهو ما سيؤثر حتما فى تفتيت أصوات الجمهوريين.

ما يلفت الانتباه ويؤرق هو قدرة ترامب على اجتذاب كل هذه الأصوات من الشعب الأمريكى المعروف بأنه شعب طيب متسامح، لا يعرف الكثير عن العالم الخارجى، تؤثر عليه وتتحكم فيه وفى آرائه واتجهاته واختياراته وسائل الإعلام الأمريكية.

والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة: هل أصبح المزاج الأمريكى أكثر ميلا للتطرف والمتطرفين؟ وهل استطاع ترامب المتطرف بالفعل فى أفعاله وأقواله استغلال المناخ الحالى والتهديدات الخارجية من إرهابيين ذوى أيديولوجية فاسدة مثل داعش وغيرهم ينسبون خطأ للإسلام، واستطاع إقناع نسبة غير قليلة من الأمريكيين بأنه القادر على حمايتهم وتأمينهم واللعب على وتر استعادة أمريكا القوية؟ فجميع خطبه التى تفتقر إلى الذوق العام أو ما يطلق عليه ترامب «السياسة» تميل للعب على مشاعر الأمريكيين واستعادة القوة الاقتصادية والعسكرية والأمنية، وتتنوع خطاباته تبعا للمكان وتوزيعه الديموجرافى، فمثلا نجده فى ولاية أيوا حيث حل فى المرتبة الثانية يحاول اللعب على المشاعر الدينية بعكس ولاية نيوهامبشاير التى حل فيها الأول، وهو ما يذكرنى بمطربى الموالد فى مصر عندما يجوبون المحافظات ويحيون كل قرية وأهلها، ولا مانع من تأليف أغنية خاصة لكل محافظة من أجل الحصول على «النقطة».

ونبقى مع المزاج الأمريكى الذى مازال يحمل قدرا كبيرا من جذور التطرّف والعنصرية المقيتة التى ما زلنا نراها، خاصة فى السنوات الأخيرة حيث تزايدت حوادث العنف والتظاهرات بسبب الاعتداء على السود، نظريا العنصرية اختفت وانتخب الأمريكيون أول رئيس أمريكى من أصول أفريقية (باراك أوباما)، ولكن فيما يبدو أن الجذور العنصرية ما زالت متأصلة عند بعض الفئات.

عندما أرى ترامب يتحدث أرى له أكثر من شبيه هنا فى مصر أعتبرهم وأصنفهم أيضا متطرفين، وأندهش عندما أجد لهم أتباعا ومعجبين، وأتساءل نفس التساؤل: هل أصبح المزاج العام فى مصر أيضا يميل للمتطرف الشتام بلا أخلاق؟ فالتطرف لا يرتبط فقط بالتطرف الدينى، ولكن بالتطرف فى الفكر والسلوك والأفعال والأقوال يميناً أو يساراً.

وأجد جزءا من الإجابة عن هذا التساؤل: هو الجهل الذى لا يقتصر على شعب أو دولة، ففى أمريكا، كما هو فى مصر، يلعب الجهل دورا كبيرا فى اختيارات الناخب «وغزوة الصناديق» الشهيرة شاهد على هذه الاختيارات.

«ترامب» إذا أتى رئيسا لأمريكا سيكون عبر غزوة صناديق بوسائل ديمقراطية، وجه الشبه بينها وبين غزوة صناديقنا التى أتت «بمرسى» المتطرف الذى حكمنا لمدة عام هو «الجهل».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية