الجميع يعرف أن ما حدث في 3 يوليو لم يقض على الإخوان فهو قطرة مما حدث لهم في عام 1954 ولكنهم بعد عشر سنوات فقط نظموا أنفسهم وقدموا أجيالاً جديدة وتفكيراً أكثر تطرفاً فقبض عبدالناصر على الآلاف مرة أخرى وأعدم في كل مرة ستة من زعامات الإخوان وبعد عشر سنوات أخرى في منتصف السبعينيات ظهر جيل جديد انصهر داخل الإخوان وأعطاهم قوة كبيرة. واستمر الإخوان يكبرون ويسيطرون تدريجياً على مفاصل مصر في عهد مبارك بدءا من النقابات ومنظمات العمل الأهلى من مستوصفات وحضانات ومدارس وبيوت مسنين، ببساطة تولوا العمل نيابة عن دولة مبارك إلى أن استطاعوا أن يسيطروا على رئاسة الجمهورية وعلى البرلمان المصرى في 2012.
كل رؤساء الجمهورية والحكومات والجيش والشرطة وجميع أجهزة الأمن كانوا ضد الإخوان وفى كل فرصة يظهر الإخوان كالبعبع لهم مرة أخرى.
الدولة المصرية منذ 1952 لا تعرف أن الوحيد الذي يستطيع أن يقف أمام الإخوان هو ظهير شعبى حقيقى نابع من الشارع وقد نجح هذا الظهير الشعبى لحزب الوفد أيام النحاس باشا في تهميش الإخوان ولم يستطيعوا الفوز بمقعد واحد في البرلمان بالرغم من قوة تنظيمهم الجبارة. وفى 30 يونيو خرج الشعب المصرى المدنى عن بكرة أبيه واستطاع أن يقول إن مصر أغلبيتها الواضحة مدنية. لو توحدت هذه القوى المدنية في حزبين أو ثلاثة رئيسية وتجمع قوى الشباب بشرط عدم تدخل الدولة بالسلب أو الإيجاب في ظرف سنوات قليلة ستكون هناك قوى شعبية حقيقية منظمة هي التي تقف أمام الإخوان. ولكن القوى الحاكمة في مصر لا تريد أحزاباً قوية ولا شباباً منظماً لأنها ببساطة تريد أن تستمر في الحكم للأبد ويبدو أنها تريد أن يظل الشعب كله محاصراً بين الجيش والشرطة من ناحية وبين الإخوان من ناحية أخرى.
رؤساء مصر من عبدالناصر إلى السيسى يتحدثون عن الشعب ولكنهم لا يؤمنون به ولا يعتقدون في جدوى العمل السياسى الحقيقى الذي في النهاية سوف يقف بقوة ويكون حاجز الصد الحقيقى الوحيد ضد الإخوان وكلهم قيدوا الحريات وملأوا السجون واعتقلوا الشباب وهندسوا البرلمانات وظبطوها كل بطريقته خوفاً من الشعب ومن الشباب وهم جميعاً حكام وطنيون بعتقدون أن وجودهم هو بر الأمان وأنهم الوحيدون القادرون على المحافظة على مصر. لا يعرفون أنهم طوال الوقت يجرفون الشعب ويضعفونه لصالح الإخوان ويستمرون في القول بأن الأحزاب ضعيفة والنقابات البعيدة عن السيطرة مصيبة وأن المجتمع المدنى مخترق وأن الشباب فاسد. الدولة والأمن غير سعداء بنقابة الأطباء الوطنية المستقلة التي اكتسحت الإخوان. أنتم لا تريدون نقابة يسيطر عليها الإخوان، ولا تريدون نقابة وطنية مستقلة، أنتم تريدون نقابات ملاكى يسيطر عليها الأمنجية.
ما تفعله الدولة الآن فعله عبدالناصر وعاد الإخوان بقوة وعندما حاول السادات بعد مساعدته لهم أن يقلص نفوذهم اغتالوه وخلال 30 عاماً لعب مبارك معهم لعبة القط والفار وفى النهاية أصبح الفار هو البعبع الذي يستطيع اكتساح أي انتخابات بدون مقاومة لأن الرئيس اعتقل الشعب وجرده خلال 30 عاماً من أي إمكانيات مقاومة. فقط حين سيطر الإخوان انتفض الشعب غير المنظم في كل مكان دفاعاً عن هوية مصر.
سيدى الرئيس، السادة رؤساء الأجهزة الأمنية أنتم مخطئون وما تفعلونه سوف يؤدى إلى عودة الإخوان وسوف يكون الجحيم بعينه لكم وللشعب. اقرأوا التاريخ وفكروا قليلاً حتى ننقذ مصر جميعاً.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.